للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا يُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهَا خِمَارٌ يُتْرَكُ مِنْهُ ذُؤَابَةٌ تُطْرَحُ عَلَى وَجْهِهَا، وَأَفْضَلُ الْكَفَنِ الْأَبْيَضُ وَيُكْرَهُ الْمُعَصْفَرُ وَنَحْوُهُ إذَا أَمْكَن غَيْرُهُ، وَالْكَفَنُ وَالْحَنُوطُ وَمَؤُونَةُ الدَّفْنِ يُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ غَيْرِ الْمُرْتَهَنِ وَالْوَصِيَّةِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْحَنُوطِ فَقَالَ: (وَيَنْبَغِي) بِمَعْنَى وَيُسْتَحَبُّ (أَنْ يُحَنَّطَ) الْمَيِّتُ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَمُعْتَدَّةٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ مُعْتَدَّةً، وَيَلِي ذَلِكَ مِنْهُمَا غَيْرُ مُحْرِمٍ وَمُعْتَدَّةٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُنَشَّفَ جَسَدُهُ بِخِرْقَةٍ طَاهِرَةٍ قَبْلَ أَنْ يُحَنَّطَ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ تُجَمَّرَ ثِيَابُهُ وِتْرًا. ثُمَّ بَيَّنَ مَوْضِعَ الْحَنُوطِ فَقَالَ: (وَيُجْعَلُ الْحَنُوطُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مَا يُتَطَيَّبُ بِهِ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَكَافُورٍ (بَيْنَ أَكْفَانِهِ وَفِي جَسَدِهِ وَمَوَاضِعِ السُّجُودِ مِنْهُ) الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْيَدَيْنِ وَأَطْرَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ شَيْءٌ مِنْ الْحَنُوطِ فَوْقَ الْأَثْوَابِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ سَرَفٌ.

ــ

[حاشية العدوي]

وَالتَّعْمِيمِ، أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ لَا أَنَّهُمَا مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ. وَأَفَادَ ذَلِكَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْعَلَامَةِ خَلِيلٍ وَكَذَا يُسْتَحَبُّ عَذْبَةٌ فِي الْعِمَامَةِ وَلَا يَخْتَصُّ اسْتِحْبَابُ الْعَذْبَةِ بِالْمَيِّتِ؛ إذْ الْحَيُّ كَذَلِكَ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: صَارَتْ الْعَذْبَةُ الْيَوْمَ شِعَارَ قَوْمٍ يُسَمَّوْنَ الصُّوفِيَّةَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَهَا الْآنَ إلَّا مَنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ وَإِلَّا كَانَ كَاذِبًا قَالَ الْخَرَشِيُّ: وَهَلْ يُخَيَّطُ الْقَمِيصُ وَيُجْعَلُ لَهُ أَكْمَامٌ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ مَحَلُّ السُّنَّةِ اهـ.

[قَوْلُهُ: ذُؤَابَةٌ] بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْمَضْمُومَةِ وَالْهَمْزِ، وَالْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ كَالْخِمَارِ مُتَّسَعًا بِحَيْثُ يَسْتُرُ وَجْهَهَا كَمَا يَسْتُرُ رَأْسَهَا وَرَقَبَتَهَا. [قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ الْكَفَنِ الْأَبْيَضُ] مِنْ الْقُطْنِ أَوْ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَتَّانِ؛ لِأَنَّهُ أَسْتُرُ وَكُفِّنَّ فِيهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. [قَوْلُهُ: وَنَحْوَهُ] أَيْ نَحْوَ الْمُعَصْفَرِ مِنْ الْأَخْضَرِ وَكُلِّ لَوْنٍ خَالَفَ الْبَيَاضَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ إمْكَانِ الْغَيْرِ وَإِلَّا فَلَا. وَقَوْلُنَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا كَانَ فِي صَبْغِهِ طِيبٌ كَالْمَصْبُوغِ بِالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ وَهُوَ نَبْتٌ بِالْيُمْنِ أَصْفَرُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ. [قَوْلُهُ: وَمَئُونَةُ الدَّفْنِ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمُؤَنُ تَجْهِيزِهِ كَغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَحَمْلِهِ وَإِقْبَارِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: يُقَدَّمُ إلَخْ، فَإِذَا أُخْرِجَتْ مُؤَنُ التَّجْهِيزِ تُخْرَجُ الدُّيُونُ كَانَتْ بِضَامِنٍ أَمْ لَا لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَضْمُونِ، فَإِذَا أَخْرَجَ الدُّيُونَ تَخْرُجُ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ بَاقِي مَالِهِ، وَمَحَلُّ تَقَدُّمِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ عَلَى الدُّيُونِ مَا لَمْ تَكُنْ بِرَهْنٍ قَدْ حَازَهُ الْمُرْتَهِنُ وَإِلَّا قُدِّمَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ فِي ذَلِكَ الرَّهْنِ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ مَحْرَمًا إلَخْ] أَيْ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِمَا بِالْمَوْتِ وَلِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. [قَوْلُهُ: وَيَلِي ذَلِكَ مِنْهُمَا غَيْرُ مَحْرَمٍ وَمُعْتَدَّةٍ] لِبَقَاءِ التَّكْلِيفِ أَيْ حَيْثُ وُجِدَ غَيْرُهُمَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ وَإِلَّا تَوَلَّيَاهُ وَاحْتَالَا فِي عَدَمِ مَسِّهِ. [قَوْلُهُ: تُجَمَّرَ ثِيَابُهُ وِتْرًا] أَيْ تُبَخَّرُ وِتْرًا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا بِالْعُودِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عُبُوقُ الرَّائِحَةِ.

[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى الْأَصْلِ] وَمُقَابِلُهُ الضَّمُّ [قَوْلُهُ: مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَكَافُورٍ] أَيْ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ أَيْ وَلَكِنَّ الْكَافُورَ أَفْضَلُ، فَكَوْنُهُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ مَنْدُوبٌ، وَبِالْكَافُورِ مَنْدُوبٌ ثَانٍ؛ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ طِيبًا يَشُدُّ الْأَعْضَاءَ وَيَمْنَعُ مِنْ سُرْعَةِ التَّغَيُّرِ كَمَا ذَكَرَهُ الدَّفَرِيُّ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ. [قَوْلُهُ: بَيْنَ أَكْفَانِهِ] أَيْ فَوْقَ كُلِّ لِفَافَةٍ مَا عَدَا الْعُلْيَا.

[قَوْلُهُ: وَفِي جَسَدِهِ] كَعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَأَنْفِهِ وَفَمِهِ وَمَخْرَجَيْهِ بِأَنْ يَذَرَ مِنْهُ عَلَى بِقُطْنٍ وَيُصْلِقَ عَلَى عَيْنَيْهِ وَفِي أُذُنَيْهِ وَأَنْفِهِ وَمَخْرَجِهِ مِنْ غَيْرِ إدْخَالٍ فِيهَا. [قَوْلُهُ: وَمَوَاضِعُ السُّجُودِ] أَيْ لَكِنْ مِنْ غَيْرِ قُطْنٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَنُوطَ يُجْعَلُ فِي مَسَاجِدِهِ وَمَرَافِقِهِ مِنْ غَيْرِ قُطْنٍ وَبِقُطْنٍ فِي حَوَاسِّهِ وَمَا بَقِيَ مِنْ مَنَافِذِهِ، أَيْ مَا عَدَا حَاسَّةَ اللَّمْسِ فَلَيْسَتْ دَاخِلَةً هُنَا، وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَطْفَ وَمَوَاضِعُ السُّجُودِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْجَسَدِ مَا عَدَا مَوَاضِعَ السُّجُودِ، وَإِنْ شِئْت جَعَلْته مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِ.

تَنْبِيهٌ:

بَعْدَ جَعْلِهِ فِي الْكَفَنِ يُلَفُّ الْكَفَنُ عَلَيْهِ وَيُرْبَطُ الْكَفَنُ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ، وَقِيلَ: يُخَاطُ وَيُحَلُّ عِنْدَ الدَّفْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>