للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا الْأَمْرُ صَوْمًا وَاحِدًا وَهُوَ صَوْمُ الشَّهْرِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مُبَيَّتَةً لِمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ» وَإِنَّمَا صَحَّتْ مَعَ الْفَجْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّيَّةِ أَنْ تُقَارِنَ أَوَّلَ الْعِبَادَةِ، وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ تَقْدِيمُهَا فِي الصَّوْمِ لِلْمَشَقَّةِ.

تَنْبِيهٌ: ج: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ لِمَنْ انْقَطَعَ صَوْمُهُ كَالْحَائِضِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَشْهَبَ وَغَيْرِهِ، وَالْمَشْهُورُ تَجْدِيدُهَا. ثَانِيهَا: الْإِسْلَامُ.

ثَالِثُهَا: الْعَقْلُ.

رَابِعُهَا: النَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ.

خَامِسُهَا: الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ.

سَادِسُهَا: الْقُدْرَةُ عَلَى الصَّوْمِ.

سَابِعُهَا: الْبُلُوغُ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

ثُمَّ بَيَّنَ غَايَتَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيُتِمُّ الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ) لِلْآيَةِ. وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الصَّحِيحِ: «إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» . أَيْ انْقَضَى صَوْمُهُ وَتَمَّ.

تَنْبِيهٌ: ج: قَالَ الْبَاجِيُّ وُجُوبُ الْإِمْسَاكِ إلَى اللَّيْلِ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ إلَى أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ.

(وَمِنْ السُّنَّةِ تَعْجِيلُ

ــ

[حاشية العدوي]

إنَّمَا هُوَ وُجُوبُ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَبْيِيتُهَا كُلَّ لَيْلَةٍ.

[قَوْلُهُ: أَصْحَابُ السُّنَنِ] الظَّاهِرُ أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ.

[قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ} [البقرة: ١٨٧] إلَخْ] لَعَلَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْأَكْلَ إلَى ظُهُورِ الْفَجْرِ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَكْلَ فِي حَالِ الطُّلُوعِ غَيْرُ مُضِرٍّ فَلْتَكُنْ النِّيَّةُ مِثْلَهُ.

[قَوْلُهُ: لِمَنْ انْقَطَعَ صَوْمُهُ إلَخْ] بَقِيَ الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ إذَا تَمَادَيَا عَلَى الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا النِّيَّةُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّتَابُعِ فِي حَقِّهِمَا وَعِنْدَ صِحَّةِ الْمَرِيضِ وَقُدُومِ الْمُسَافِرِ يَكْفِيهِمَا نِيَّةٌ لِمَا بَقِيَ كَالْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالصَّبِيِّ يَبْلُغُ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ وَالْكَافِرِ يُسْلِمُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ.

[قَوْلُهُ: ثَانِيهَا الْإِسْلَامُ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ شُرُوطَ صِحَّةٍ وَشُرُوطَ وُجُوبٍ وَشُرُوطَ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ، فَالنِّيَّةُ شَرْطُ صِحَّةٍ كَالْإِسْلَامِ وَالْإِمْسَاكِ عَنْ الْمُفْطِرِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ.

وَبَقِيَ وَاحِدٌ وَهُوَ الزَّمَنُ الْقَابِلُ لِلصَّوْمِ فِيمَا لَيْسَ لَهُ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ.

وَالْوُجُوبُ اثْنَانِ الْبُلُوغُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الصَّوْمِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا، وَالْوُجُوبُ وَالصِّحَّةُ وَالْعَقْلُ وَالنَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَدُخُولُ وَقْتِ الصَّوْمِ فِيمَا لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَرَمَضَانَ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ تَكَلَّمَ عَلَى اثْنَيْنِ وَبَقِيَ وَاحِدٌ.

[قَوْلُهُ: سَابِعُهَا الْبُلُوغُ إلَخْ] أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْبَالِغِ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا ثَوَابَ لَهُ؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ يَتْبَعُ الْأَمْرَ.

[قَوْلُهُ: أَيْ انْقَضَى صَوْمُهُ وَتَمَّ] أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِفْطَارُ بِالْفِعْلِ أَيْ فَفِي الْمُصَنِّفِ مَجَازٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ.

وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ: إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ يَعْنِي ظُلْمَتُهُ مِنْ هَاهُنَا يَعْنِي مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَأَدْبَرَ النَّهَارُ أَيْ ضَوْءُهُ مِنْ هَاهُنَا أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ أَيْ انْقَضَى صَوْمُهُ شَرْعًا أَوْ تَمَّ صَوْمُهُ شَرْعًا أَوْ أَفْطَرَ حُكْمًا أَوْ دَخَلَ وَقْتُ إفْطَارِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْإِخْبَارِ عَلَى الْإِنْشَاءِ إظْهَارًا لِلْحِرْصِ عَلَى وُقُوعِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَيْ إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ فَلْيُفْطِرْ الصَّائِمُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرِيَّةَ مَنُوطَةٌ بِتَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ فَكَأَنَّهُ وَقَعَ وَحَصَلَ وَهُوَ يُخْبِرُ عَنْهُ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُوَاصِلِينَ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ لَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ اهـ.

[قَوْلُهُ: يَقْتَضِي وُجُوبَهُ إلَى أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ] أَيْ فَيُمْسِكُ حَتَّى يَمْضِيَ جُزْءٌ مِنْ اللَّيْلِ نَظِيرَ مَا قِيلَ فِي وُجُوبِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ، أَيْ فَقَوْلُهُ: إلَى اللَّيْلِ أَيْ إلَى تَحَقُّقِهِ وَتَحَقُّقُهُ يَكُونُ بِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْهُ، وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْغَايَةَ خَارِجَةٌ.

تَنْبِيهٌ: الْوِصَالُ مَكْرُوهٌ إلَّا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ مُبَاحٌ فَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ.

[قَوْلُهُ: تَعْجِيلُ الْفِطْرِ إلَخْ] أَيْ وَلَوْ عَلَى صَلَاةِ الْفَرْضِ حَيْثُ وَقَعَ عَلَى نَحْوِ رُطَبَاتٍ مِنْ كُلِّ مَا خَفَّ وَإِلَّا قُدِّمَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>