للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَجَّ فَحُجُّوا» . الْحَدِيثَ وَالْإِجْمَاعُ حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَهُوَ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ وَمَنْ أَقَرَّ بِوُجُوبِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهِ تُرِكَ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ، وَمَنْ تَرَكَ الْحَجَّ فَاَللَّهُ حَسِيبُهُ أَيْ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ

، وَلَيْسَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ وُجُودُ الزَّوْجِ أَوْ الْمَحْرَمِ بَلْ تَخْرُجُ إذَا وَجَدَتْ رُفْقَةً مَأْمُونَةً سَوَاءٌ كَانَتْ شَابَّةً أَوْ عَجُوزًا، وَالرُّفْقَةُ الْمَأْمُونَةُ الرِّجَالُ الصَّالِحُونَ وَقِيلَ: حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ نِسَاءً

وَإِنَّمَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ (مَرَّةً) وَاحِدَةً (فِي عُمْرِهِ) إجْمَاعًا وَمَا حُكِيَ أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ خَمْسَةِ أَعْوَامٍ فَهُوَ مِمَّا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ

(وَالسَّبِيلُ) الْمَذْكُورِ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا: (الطَّرِيقُ السَّابِلَةُ) أَيْ الْمَأْمُونَةُ فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ سَقَطَ عَنْهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ خَافَ عَلَى بَعْضِ مَالِهِ وَكَانَ يُجْحِفُ بِهِ سَقَطَ وَإِنْ لَمْ يُجْحَفْ بِهِ فَقَوْلَانِ (وَ) ثَانِيهَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُبْدَلِ مِنْهُ أَيْ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا مِنْهُمْ فَيَكُونُ فِي الْجُمْلَةِ ضَمِيرٌ يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ إلَيْهِ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إمَّا لِلْبَيْتِ أَوْ الْحَجِّ. [قَوْلُهُ: أَيُّهَا النَّاسُ] أَيْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ [قَوْلُهُ: الْحَدِيثُ] وَتَمَامُهُ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ: «لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» . [قَوْلُهُ: فَاَللَّهُ حَسِيبُهُ] أَيْ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ أَيْ بِنَاءً عَلَى تَرَاخِيهِ أَوْ لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ قَدْ لَا تَكُونُ مَوْجُودَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ تَفْسِيرًا بِالْحَقِيقَةِ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِلشَّيْءِ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، وَالتَّفْسِيرُ الْحَقِيقِيُّ أَيْ مُحَاسِبُهُ أَيْ وَحَيْثُ كَانَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْمُحَاسِبُ لَهُ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ.

[قَوْلُهُ: بَلْ تَخْرُجُ إذَا إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسُوغُ لَهَا الْخُرُوجُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ وَإِنْ وَجَدَتْ مَحْرَمًا أَوْ زَوْجًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمُحَصَّلُ مَا فِيهِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجِ أَوْ الْمَحْرَمِ أَوْ امْتِنَاعُهُمَا أَوْ عَجْزُهُمَا، وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَأْمُونَةً فِي نَفْسِهَا وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْفَرْضِ، فَلَوْ امْتَنَعَ الْمَحْرَمُ أَوْ الزَّوْجُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَّا بِأُجْرَةٍ لَزِمَتْهَا إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهَا وَحَرُمَ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ، فَإِنْ امْتَنَعَا بِكُلِّ وَجْهٍ أَوْ طَلَبَا مَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ خَرَجَتْ مَعَ الرُّفْقَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَمَاعَةٍ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ قَالَهُ الْحَطَّابُ.

وَظَاهِرُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّهُمَا إذَا طَلَبَا مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ وَلَوْ كَثُرَ مَطْلُوبُهُمَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْقِلَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَحْرَمِ الْبُلُوغُ بَلْ يَكْفِي التَّمْيِيزُ وَوُجُودُ الْكِفَايَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَحْرَمِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَحْرَمَ قَرَابَةٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَاخْتُلِفَ فِي عَبْدِهَا هَلْ هُوَ مَحْرَمٌ مُطْلَقًا أَوْ لَا مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَ وَغْدًا فَمَحْرَمٌ فَتُسَافِرُ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَا وَالظَّاهِرُ الثَّانِي. [قَوْلُهُ: وَالرُّفْقَةُ الْمَأْمُونَةُ الرِّجَالُ الصَّالِحُونَ إلَخْ] قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يَخُصُّ الرُّفْقَةَ الْمَأْمُونَةَ بِأَنْ يَكُونُوا رِجَالًا صَالِحِينَ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَنَّ الرُّفْقَةَ الْمَأْمُونَةَ إمَّا الرِّجَالُ فَقَطْ أَوْ النِّسَاءُ فَقَطْ، وَأَوْلَى لَوْ اجْتَمَعَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا. [قَوْلُهُ: بَعْضُهُمْ] أَيْ الرُّفْقَةُ

[قَوْلُهُ: مَرَّةً وَاحِدَةً] مَرَّةً وَاحِدَةً مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُبَيِّنٌ لِلْعَدَدِ عَامِلُهُ فَرِيضَةٌ أَيْ: وَحَجُّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَرِيضَةٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ مَرَّةً وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ حَصَلَ الْقِيَامُ بِهِ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ كَانَ نَافِلَةً مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا أَنَّ سُنَّةَ الْعُمْرَةِ تَحْصُلُ بِمَرَّةٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا تَقَعُ نَافِلَةً حَيْثُ حَصَلَتْ فِي عَامٍ آخَرَ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَكْرَارُهَا فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ إلَّا لِعَارِضٍ كَمَا لَوْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ الْحَرَمَ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ فِيهِ الْإِحْرَامُ وَدَخَلَ قَبْلَ أَشْهُرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَقَدْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ وَإِلَّا دَخَلَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ قَالَهُ الْحَطَّابُ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كَرَاهَةَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ وَقْتِهِ أَشَدُّ مِنْ كَرَاهَةِ تَكْرَارِ الْعُمْرَةِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ.

[قَوْلُهُ: وَالسَّبِيلُ الْمَذْكُورُ] أَيْ لَا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ بَلْ بِمَعْنَى الِاسْتِطَاعَةِ، فَفِي الْعِبَارَةِ شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ. [قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ] الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُجْحِفْ بِهِ فَقَوْلَانِ] عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ وَإِنْ كَانَ مِنْ صَاحِبِ مُكْسٍ فَإِنْ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ مُعَيَّنًا مُجْحِفًا

<<  <  ج: ص:  >  >>