للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّسُكَيْنِ مَعَ قَوْلٍ مُتَعَلِّقٍ بِهِ كَالتَّلْبِيَةِ أَوْ فِعْلٍ مُتَعَلِّقٍ بِهِ كَالتَّوَجُّهِ عَلَى الطَّرِيقِ.

وَقَالَ أَيْضًا: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَلَيْسَتْ التَّلْبِيَةُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْإِحْرَامِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي جَعْلِهَا كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الصَّلَاةِ.

وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَعِيَاضٌ وَسَنَدٌ وَغَيْرُهُمْ: يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا، وَأَمَّا السُّنَّتَانِ فَإِحْدَاهُمَا الْإِحْرَامُ إثْرَ صَلَاةٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَابِ جُمَلٍ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا اسْتِوَاءُ الْإِحْرَامِ عَقِبَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ وَفِي تَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ عَلَى قَوْلٍ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، فَإِنَّ الْمَشْهُورَ كَوْنُ الْإِحْرَامِ عَقِبَ صَلَاةٍ مُطْلَقًا سُنَّةٌ، وَكَوْنُهُ عَقِبَ نَافِلَةٍ مُسْتَحَبٌّ وَسَبَبُ الْخِلَافِ الِاخْتِلَافُ فِي إحْرَامِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَلْ كَانَ عَقِبَ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَمَنْ أَحْرَمَ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَلْيُؤَخِّرْهُ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتًا فَيُحْرِمُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالسُّنَّةُ الثَّانِيَةُ التَّلْبِيَةُ وَالْمُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّلْبِيَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهَا تَلْبِيَتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

(وَيُؤْمَرُ) مَرِيدُ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَلَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جُمَلٍ (أَنْ يَغْتَسِلَ عِنْدَ) إرَادَةِ (الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ) لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَجَرَّدَ لِلْإِحْرَامِ وَاغْتَسَلَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ» ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ، وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْغُسْلِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ غُسْلَ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا

ــ

[حاشية العدوي]

بِهِ] أَيْ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ احْتِرَازًا عَنْ الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ كَبِعْتُ. [قَوْلُهُ: أَوْ فِعْلٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ كَالتَّوَجُّهِ] احْتِرَازًا عَنْ الْبَيْعِ.

[قَوْلُهُ: وَقَالَ أَيْضًا] أَيْ الشَّيْخُ خَلِيلٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ] أَيْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ.

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ التَّلْبِيَةُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْإِحْرَامِ] أَيْ بَلْ يَكْفِي الْفِعْلُ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ التَّلْبِيَةِ أَوْ الْفِعْلِ كَافٍ. [قَوْلُهُ: وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ] هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي تَحْصِيلِ إلَخْ] هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ، بَلْ الْأَنْسَبُ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ أَنَّ إحْرَامَهُ عَقِبَ فَرْضِ سُنَّةٌ وَمُسْتَحَبٌّ وَعَقِبَ نَفْلِ سُنَّةٍ فَقَطْ كَمَا تَبَيَّنَ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمَشْهُورَ كَوْنُهُ إلَخْ] وَانْظُرْ هَلْ أَرَادَ الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ أَصَالَةً أَوْ وَلَوْ بِالْعُرُوضِ كَجِنَازَةٍ تَعَيَّنَتْ وَنَذْرِ نَفْلٍ، وَانْظُرْ السُّنَنَ الْمُؤَكَّدَةَ هَلْ كَرَكْعَتَيْهِ أَوْ الْفَرْضُ الْأَصْلِيُّ. [قَوْلُهُ: هَلْ كَانَ عَقِبَ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ] اُنْظُرْ مَا تِلْكَ الْفَرِيضَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ كَمَا أَشَرْنَا أَنَّ قَضِيَّةَ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَ فَرِيضَةٍ أَنْ يُقَالَ إنَّ كَوْنَهُ عَقِبَ صَلَاةٍ مُطْلَقًا سُنَّةٌ، وَكَوْنَهُ عَقِبَ فَرْضٍ فِيهِ نَدْبٌ زَائِدٌ عَلَى السُّنَّةِ عَلَى قِيَاسِ مَا قِيلَ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْإِحْرَامَ عَقِبَ صَلَاةٍ مُطْلَقًا سُنَّةٌ، وَعَقِبَ نَفْلٍ مُسْتَحَبٌّ زِيَادَةً عَلَى السُّنَّةِ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ أَنَّ إحْرَامَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَ نَفْلٍ. [قَوْلُهُ: وَمَنْ أَحْرَمَ] أَيْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ. [قَوْلُهُ: فَلْيُؤَخِّرْهُ] أَيْ عَلَى طَرِيقِ السُّنِّيَّةِ. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخَافَ فَوْتًا] أَيْ فَوْتَ أَصْحَابِهِ أَوْ يُرَاهِقُ، وَكَذَا غَيْرُ الْخَائِفِ وَالْمُرَاهِقِ لَا يَرْكَعُهُمَا بِوَقْتِ نَهْيٍ حَالَ إحْرَامِهِ بِهِ.

[قَوْلُهُ: بِغَيْرِ صَلَاةٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ] أَيْ فِي وَقْتِ نَهْيٍ وَكَذَا فِي وَقْتِ غَيْرِ نَهْيٍ إذْ لَيْسَتَا وَاجِبَتَيْنِ. [قَوْلُهُ: الِاقْتِصَارُ إلَخْ] لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - زَادَ: لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحُسْنِ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ مَرْهُوبًا مِنْك وَمَرْغُوبًا إلَيْك. وَابْنُهُ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ] كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا. [قَوْلُهُ: عِنْدَ إرَادَةِ الْإِحْرَامِ] قَدْرَ إرَادَةٍ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْغُسْلَ مُقْتَرِنٌ بِالْإِحْرَامِ لَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ قَبْلَهُ. [قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْغُسْلِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالْإِحْرَامِ] فَلَوْ اغْتَسَلَ غَدْوَةً وَأَخَّرَ الْإِحْرَامَ لَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ قَبْلَهُ. [قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْغُسْلِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالْإِحْرَامِ] فَلَوْ اغْتَسَلَ غَدْوَةً وَأَخَّرَ الْإِحْرَامَ إلَى الظُّهْرِ لَمْ يُجْزِهِ، وَلَوْ اشْتَغَلَ بَعْدَ غُسْلِهِ بِشَدِّ رَحْلِهِ وَإِصْلَاحِ جِهَازِهِ أَجْزَأَهُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْغُسْلَ نَفْسَهُ سُنَّةٌ وَاتِّصَالُهُ سُنَّةٌ أُخْرَى. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُشْبِهُ غُسْلَ الْجُمُعَةِ] أَيْ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِعِبَادَةٍ مَخْصُوصَةٍ. [قَوْلُهُ: كَغُسْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>