للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَجِدْ مَاءً فَلَا يَتَيَمَّمُ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ فِي تَرْكِهِ عَمْدًا أَوْ نَسِيَانَا دَمٌ، وَكَذَلِكَ بَاقِي اغْتِسَالَاتِ الْحَجِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى سُنِّيَّتِهِ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ «أَنَّ أَسْمَاءَ وَلَدَتْ فَذَكَر أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مُرْهَا فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لِتُهِلَّ» بَهْرَامُ: وَإِذَا جَهِلَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ الْغُسْلَ حَتَّى أَحْرَمَتْ فَقَالَ مَالِكٌ: تَغْتَسِلُ إذَا عَلِمَتْ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا، وَيُسْتَحَبُّ لِمَرِيدِ الْإِحْرَامِ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ أَنْ يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ وَيَقُصَّ شَارِبَهُ وَيَحْلِقَ عَانَتَهُ وَأَنْ لَا يَحْلِقَ رَأْسَهُ طَلَبًا لِلشُّعْثِ.

(وَ) يُؤْمَرُ أَيْضًا إنْ كَانَ رَجُلًا عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ أَنْ (يَتَجَرَّدَ مِنْ مَخِيطِ الثِّيَابِ) وَيَلْبَسَ إزَارًا وَرِدَاءً وَنَعْلَيْنِ (وَيُسْتَحَبُّ) أَيْ لِلْمُحْرِمِ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ إنْ كَانَ غَيْرَ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ (أَنْ يَغْتَسِلَ لِدُخُولِ مَكَّةَ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ هَذَا الْغُسْلِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي بَابِ جُمَلٍ أَيْضًا، وَنَصَّ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ سُنَّةٌ، وَنَصَّ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ سُنَّةٌ آكَدُهَا غُسْلُ الْإِحْرَامِ وَيَتَدَلَّك فِيهِ دُونَ غُسْلِ مَكَّةَ وَعَرَفَةَ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَغْتَسِلَ غُسْلَ مَكَّةَ بِذِي طَوَى بِفَتْحِ الطَّاءِ مَقْصُورٌ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ عَلَى ذِي طَوَى اغْتَسَلَ مِنْ مِقْدَارِ مَا بَيْنَهُمَا.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ وَهِيَ تَجْدِيدُ التَّلْبِيَةِ فَقَالَ (وَلَا يَزَالُ) الْمُحْرِمُ (يُلَبِّي دُبُرَ الصَّلَوَاتِ)

ــ

[حاشية العدوي]

الْجُمُعَةِ] أَيْ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً لَا يَتَيَمَّمُ لَهُ. [قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي تَرْكِهِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا] أَيْ أَوْ جَهْلًا. [قَوْلُهُ: أَسْمَاءُ] بِنْتُ عُمَيْسٍ وَكَانَتْ نُفَسَاءَ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ.

[قَوْلُهُ: لِتُهِلَّ] أَيْ تُحْرِمَ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ. [قَوْلُهُ: يُرِيدُ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا] قَالَ عج: وَانْظُرْ هَلْ النَّاسِي وَالْمُتَعَمِّدُ لِتَرْكِهِ كَذَلِكَ أَمْ لَا، ثُمَّ إنَّهُ إذَا فَعَلَهُ الْجَاهِلُ بَعْدَ مَا أَحْرَمَ فَإِنَّهُ يُخَفِّفُ فِي الدَّلْكِ وَلَا يُبَالِغُ فِيهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ فِي تَقْرِيرِهِ. [قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَحْلِقَ رَأْسَهُ] أَيْ فَالْأَفْضَلُ إبْقَاؤُهُ وَتَلْبِيدُهُ بِصَمْغٍ أَوْ غَاسُولٍ لِيَلْتَصِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ زَمَنَ الْإِحْرَامِ سَتْرُهُ بِأَيِّ سَاتِرٍ وَلَوْ غَيْرَ مَخِيطٍ أَوْ مَخِيطٍ. [قَوْلُهُ: عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ التَّجَرُّدُ مِنْ مَخِيطِ الثِّيَابِ وَمِنْ مُحِيطِهَا وَإِنْ بِعُضْوٍ أَوْ نَسْجٍ أَوْ زِرٍّ أَوْ عَقْدٍ وَاجِبٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ السُّنِّيَّةُ مُنَصَّبَةٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيَتَجَرَّدُ وَيَلْبَسُ إزَارًا وَرِدَاءً وَنَعْلَيْنِ، أَيْ عَلَى الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، ثُمَّ رَأَيْته بَعْدَ ذَلِكَ أَوْرَدَ الْبَحْثَ فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي فَقَالَ: اُنْظُرْ قَوْلَهُمْ التَّجَرُّدُ مِنْ الْمَخِيطِ سُنَّةٌ مَعَ قَوْلِهِمْ لُبْسُهُ حَرَامٌ.

قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ تُفْعَلُ عِنْدَ الْمِيقَاتِ التَّجَرُّدُ أَوَّلًا مِنْ الْمَخِيطِ ثُمَّ الْغُسْلُ ثُمَّ الصَّلَاةُ ثُمَّ الْإِحْرَامُ، وَيَلْبَسُ الْإِزَارَ فِي وَسَطِهِ وَنَعْلَيْنِ كَنِعَالِ التَّكْرُورِ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: إزَارًا] يَأْتَزِرُ بِهِ فِي وَسَطِهِ إمَّا بِأَنْ يَرْشُقَ طَرَفَ الْإِزَارِ مِنْ نَاحِيَةِ لَحْمِهِ أَوْ يَلُفَّ طَرَفَيْهِ فِي بَعْضِهِمَا وَيَشُدَّهُمَا عَلَى لَحْمِهِ وَلَا يَرْبِطُ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، وَلَا بِحِزَامٍ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى. [قَوْلُهُ: وَنَعْلَيْنِ] أَيْ الْمَعْرُوفَيْنِ بِالْخُدْوَةِ كَنِعَالِ التَّكْرُورِ لَا مَا سَيْرُهُ عَرِيضٌ كَالتَّاسُومَةِ، وَهَذِهِ السُّنَّةُ خَاصَّةٌ بِالرَّجُلِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَجَرَّدُ عِنْدَ إحْرَامِهَا بَلْ تَكْشِفُ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ. [قَوْلُهُ: إنْ كَانَ غَيْرَ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ] أَيْ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلطَّوَافِ فَلِذَا لَا يُطْلَبُ مِمَّا ذُكِرَ لِمَنْعِهِمَا مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِدُخُولِ مَكَّةَ أَوْ مَا فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ، فَلَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ بَاتَ خَارِجَهَا لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَنَصَّ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ سُنَّةٌ] أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ فِيهِ أَنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الْمُخْتَصَرِ مُحْتَمَلٌ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ الْغُسْلَ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَلِلْوُقُوفِ مَنْدُوبٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْغُسْلُ لِلْوُقُوفِ مُتَّصِلًا بِوُقُوفِهِ، وَوَقْتُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ مُقَدَّمًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَيُطْلَبُ بِهِ كُلُّ وَاقِفٍ وَلَوْ حَائِضًا وَنُفَسَاءَ سَنَدٌ وَلَوْ اغْتَسَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ لَمْ يُجْزِهِ. [قَوْلُهُ: وَيَتَدَلَّك فِيهِ دُونَ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ الدَّلْكُ لَا بُدَّ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ يُخَفِّفُهُ فِيهِمَا. [قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَغْتَسِلَ إلَخْ] فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ ثَانٍ. [قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الطَّاءِ مَقْصُورٌ] عِبَارَةُ غَيْرِ مُثَلَّثِ الطَّاءِ. [قَوْلُهُ: مِنْ مِقْدَارِ مَا بَيْنَهُمَا] أَيْ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَذِي طَوًى.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَزَالُ يُلَبِّي إلَخْ] حُكْمُ ذَلِكَ النَّدْبُ وَقِيلَ السُّنِّيَّةُ. [قَوْلُهُ: الْمَفْرُوضَاتُ] ظَاهِرُ الشَّارِحِ كَالْمُصَنَّفِ وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>