للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَفْرُوضَاتِ وَالنَّوَافِلِ (وَعِنْدَ كُلِّ شَرَفٍ) أَيْ مَكَان عَالٍ وَفِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ (وَعِنْدَ مُلَاقَاةِ الرِّفَاقِ) جَمْعُ رُفْقَةٍ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا الْجَمَاعَةُ يَرْتَفِقُونَ فَيَنْزِلُونَ مَعًا وَيَرْتَحِلُونَ مَعًا، وَيَرْتَفِقُ بَعْضُهُمْ بِمَؤُونَةِ بَعْضٍ وَعِنْدَ الْيَقَظَةِ مِنْ النَّوْمِ وَفِي الْمَنَازِلِ، وَلَا يَرُدُّ الْمُلَبِّي سَلَامًا حَتَّى يَفْرُغَ، وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ لِلرِّجَالِ وَلَا يُعْلِي صَوْتَهُ جِدًّا لِئَلَّا يَعْقِرَ حَلْقَهُ، وَالْمَرْأَةُ تُسْمِعُ نَفْسَهَا وَلَا تُكْرَهُ التَّلْبِيَةُ لِلْجُنُبِ وَلَا لِلْحَائِضِ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُحْرِمِ (كَثْرَةُ الْإِلْحَاحِ بِذَلِكَ) أَيْ بِالتَّلْبِيَةِ لَا وُجُوبًا وَلَا اسْتِحْبَابًا بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الْإِلْحَاحَ وَالْإِكْثَارَ وَهُوَ مُلَازَمَةُ التَّلْبِيَةِ حَتَّى لَا يَفْتُرَ عَنْ ذَلِكَ، وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُلِحُّ لَا يَسْكُتُ حَتَّى تَفُوتَهُ الشَّعِيرَةُ.

ثُمَّ بَيَّنَ غَايَةَ التَّلْبِيَةِ بِقَوْلِهِ: (فَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ أَمْسَكَ عَنْ التَّلْبِيَةِ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى) عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يَقْطَعُهَا عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ، وَالْكَفُّ عَنْ التَّلْبِيَةِ حَالَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ

ــ

[حاشية العدوي]

كَانَتْ مَقْضِيَّةً. وَانْظُرْهُ وَهَلْ يُلَبِّي عَقِبَ الصَّلَوَاتِ قَبْلَ الْمُعَقِّبَاتِ أَوْ بَعْدَ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَحُرِّرَ. [قَوْلُهُ: وَعِنْدَ كُلِّ شَرَفٍ] الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي حَالَةِ الصُّعُودِ عَلَى الْمَكَانِ الْعَالِي وَفِي الْمُرُورِ عَلَيْهِ لَا إنْ أَرَادَ الْمُكْثَ فِيهِ فَيَسْقُطُ الطَّلَبُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَفِي بُطُونٍ إلَخْ، أَيْ يُلَبِّي فِي حَالِ الْهُبُوطِ وَفِيهَا وَفِي الْمُرُورِ فِيهَا لَا إنْ أَرَادَ الْمُكْثَ فِيهَا فَيَسْقُطُ الطَّلَبُ فَتَدَبَّرْ.

تَنْبِيهٌ:

لَا يَخْفَى أَنَّ تَجْدِيدَ التَّلْبِيَةِ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الذَّاهِبِ مُحْرِمًا، وَأَمَّا لَوْ نَسِيَ حَاجَةً وَرَجَعَ إلَيْهَا فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُلَبِّي وَلَكِنَّ هَذَا السَّعْيَ لَيْسَ مِنْ سَعْيِ الْإِحْرَامِ. [قَوْلُهُ: بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا] ظَاهِرُهُ مُسَاوَاةُ الْكَسْرِ لِلضَّمِّ، وَاَلَّذِي فِي التَّحْقِيقِ وتت بِضَمِّ الرَّاءِ وَقَدْ تُكْسَرُ انْتَهَى. فَهَذَا يُفِيدُ قِلَّةَ الْكَسْرِ [قَوْلُهُ: فَيُنْزِلُونَهُ إلَخْ] تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ يَرْتَفِقُونَ إلَخْ [قَوْلُهُ: بِمَؤُونَةِ بَعْضٍ] أَيْ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ [قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْيَقَظَةِ] أَيْ وَيُلَبِّي عِنْدَ الْيَقَظَةِ [قَوْلُهُ: وَفِي الْمَنَازِلِ] الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وَفِي النُّزُولِ فِي الْمَنَازِلِ [قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ] أَيْ يُكْرَهُ.

[قَوْلُهُ: حَتَّى يَفْرُغَ] وَإِذَا فَرَغَ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُ بَاقِيًا أَوْ ذَهَبَ، وَمِثْلُهُ الْمُؤَذِّنُ وَأَمَّا قَاضِيَ الْحَاجَةِ فَلَا يَرُدُّ لَا فِي حَالَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَا بَعْدَهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ قَاضِيَ الْحَاجَةِ مُتَلَبِّسٌ بِفِعْلٍ يَمْنَعُ مِنْ الذِّكْرِ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُلَبِّي فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَلَبِّسٌ بِذِكْرٍ. [قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ] أَيْ لَا سُنَّةً وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِيهِ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَمِنًى لِأَنَّهُمَا بُنِيَا لِلْحَجِّ، وَقِيلَ لِلْأَمْنِ فِيهِمَا مِنْ الرِّيَاءِ. [قَوْلُهُ: وَلَا يُعْلِي صَوْتَهُ جِدًّا] أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ. وَقَوْلُهُ: لِئَلَّا يَعْقِرَ حَلْقَهُ أَيْ يُضْعِفَهُ. [قَوْلُهُ: تُسْمِعُ نَفْسَهَا] أَيْ نَدْبًا [قَوْلُهُ: وَلَا تُكْرَهُ التَّلْبِيَةُ لِلْجُنُبِ وَلَا لِلْحَائِضِ] أَيْ بَلْ يُطْلَبَانِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حِينَ حَاضَتْ افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنَّك لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: بَلْ مَكْرُوهٌ عِنْدَ مَالِكٍ إلَخْ] قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ قَوْلًا آخَرَ بِاسْتِحْبَابِ الْكَثِيرِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْمُعْتَادِ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُلِحُّ لَا يَسْكُتُ حَتَّى تَفُوتَهُ الشَّعِيرَةُ] أَيْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُتَوَسَّطَ فِي التَّلْبِيَةِ فَلَا يَكْسِرُهَا جِدًّا حَتَّى يَلْحَقَهُ الضَّجَرُ، وَلَا يَتْرُكُ جِدًّا حَتَّى يَفُوتَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَهُوَ الشَّعِيرَةُ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالشَّعَائِرُ أَعْلَامُ الْحَجِّ وَأَفْعَالُهُ الْوَاحِدَةُ شَعِيرَةٌ اهـ.

وَعَطْفُ الْأَفْعَالِ عَلَى الْأَعْلَامِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ. [قَوْلُهُ: فَإِذَا دَخَلَ إلَخْ] دَخَلَ الْمَحْرَمَ بِحَجٍّ مُفْرِدًا، أَوْ قَارِنًا. [قَوْلُهُ: أَمْسَكَ] أَيْ نَدْبًا [قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَخْ] وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَقْطَعُهَا حَتَّى يَبْتَدِئَ الطَّوَافَ، فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ قَوْلَيْنِ فَقَالَ: وَهَلْ لِمَكَّةَ أَوْ لِلطَّوَافِ خِلَافٌ أَيْ حَتَّى يَبْتَدِئَ الطَّوَافَ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ احْتِرَازًا مِنْ الْمُحْرِمِ بِالْعُمْرَةِ فَقَطْ مِنْ الْمِيقَاتِ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْحَجِّ أَوْ أَحْرَمَ بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>