للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَفَاتٍ عَلَى الصَّفَا وَأَرْبَعًا عَلَى الْمَرْوَةِ) وَهَذَا السَّعْيُ وَاجِبٌ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا لَا يُجْزِئُ فِي تَرْكِهِ هَدْيٌ وَلَا غَيْرُهُ دَلَّ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَلَهُ شُرُوطٌ وَسُنَنٌ وَمُسْتَحَبَّاتٌ أَمَّا شَرَائِطُهُ فَأَرْبَعَةٌ، الْأَوَّلُ: التَّرْتِيبُ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّعْيِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَفُهِمَ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ: ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الصَّفَا فَلَوْ بَدَأَ بِالسَّعْيِ رَجَعَ فَطَافَ وَسَعَى. الثَّانِي: الْمُوَالَاةُ فَإِنْ جَلَسَ فِي سَعْيِهِ وَكَانَ شَيْئًا خَفِيفًا أَجْزَأَهُ، فَإِنْ طَالَ وَصَارَ كَالتَّارِكِ ابْتَدَأَهُ وَلَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي مَعَ أَحَدٍ يُحَدِّثُهُ فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ خَفِيفًا لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ أَصَابَهُ حَقْنٌ تَوَضَّأَ وَبَنَى وَالْكَلَامُ فِيهِ أَخَفُّ مِنْ الْكَلَامِ فِي الطَّوَافِ. وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ تَمَادَى إلَّا أَنْ يَضِيقَ وَقْتُ تِلْكَ الصَّلَاةِ فَلْيُصَلِّ ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى لَهُ. الثَّالِثُ: إكْمَالُ الْعَدَدِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (سَبْعُ مَرَّاتٍ) فَمَنْ تَرَكَ شَوْطًا مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ صَحِيحَةٍ أَوْ فَاسِدَةٍ فَلْيَرْجِعْ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ، وَمَنْ تَرَكَ مِنْ السَّعْيِ ذِرَاعًا لَمْ يُجْزِهِ. الرَّابِعُ: أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ صَحِيحٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا بَلْ يَكْفِي أَيُّ طَوَافٍ كَانَ عَلَى مَا صَدَرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفَهِمَهُ خَلِيلٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.

وَقَالَ د: الْمَشْهُورُ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ وَاجِبًا كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْقُدُومِ، وَتَقْدِيمِهِ أَيْ السَّعْيِ عِنْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَاجِبٌ لِغَيْرِ الْمُرَاهِقِ، وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فَيُؤَخِّرُونَهُ لِلْإِفَاضَةِ، وَإِنْ أَخَّرَهُ غَيْرُهُمْ لَهُ فَالدَّمُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ.

وَأَمَّا سُنَنُهُ فَثَمَانِيَةٌ الْأُولَى: اتِّصَالُهُ بِالطَّوَافِ إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ. الثَّانِيَةُ: الْمَشْيُ إلَّا

ــ

[حاشية العدوي]

فِي تت وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِاللَّامِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي رُجُوعِهِ لِلدُّعَاءِ. [قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ الْكِتَابُ إلَخْ] أَمَّا الْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} [البقرة: ١٥٨] إلَى أَنْ قَالَ {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٥٨] أَيْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨] أَيْ يَسْعَى بَيْنَهُمَا سَبْعًا نَزَلَتْ لَمَّا كَرِهَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِهِمَا، وَعَلَيْهِمَا صَنَمَانِ يَمْسَحُونَهُمَا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْضِيَّةِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُنَافِيهَا لَمَّا ذَكَرَ نِعَمَ الْفَرْضِيَّةِ أُخِذَتْ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ فَاسْعَوْا» [قَوْلُهُ أَجْزَأَهُ] أَيْ وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. [قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَ صَارَ كَالتَّارِكِ] بِأَنْ كَثُرَ التَّفْرِيقُ [قَوْلُهُ: وَلَا يَبِيعُ] أَيْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ أَيْ يُكْرَهُ. [قَوْلُهُ: وَكَانَ خَفِيفًا] فَإِنْ كَثُرَ ابْتَدَأَ [قَوْلُهُ: حَقْنٌ] أَيْ حَبْسُ بَوْلٍ [قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِيهِ] أَيْ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ الْكَلَامُ إلَّا أَنَّهُ أَخَفُّ [قَوْلُهُ: وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ تَمَادَى] لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الطَّائِفِ. [قَوْلُهُ: فَمَنْ تَرَكَ شَوْطًا] أَيْ أَوْ بَعْضَهُ لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ إنْ كَانَ بِالْقُرْبِ إلَّا ابْتَدَأَ السَّعْيَ لِبُطْلَانِهِ لِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ وَيَرْجِعُ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ. [قَوْلُهُ: صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ] أَيْ وَكَذَلِكَ الْحَجُّ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا.

[قَوْلُهُ: عَلَى مَا صَدَرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ] هُوَ الرَّاجِحُ وَمُحَصِّلُ فِقْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الطَّوَافُ وَاجِبًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَنَوَى وُجُوبَهُ أَوْ سُنِّيَّتَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ غَيْرُ رُكْنٍ بَلْ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ، أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ عِنْدَ فِعْلِهِ إحْدَى هَاتَيْنِ لَكِنَّهُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ أَوْ سُنِّيَّتَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَهُ السَّعْيُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَلَا دَمَ، فَإِنْ نَوَى سُنِّيَّتَهُ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ فِعْلَهُ وَتَرْكَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَكَانَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ فَقَالَ فِيهِ: إنْ أَوْقَعَ السَّعْيَ بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ حَالَ كَوْنِهِ نَاوِيًا بِهِ الْوُجُوبَ أَوْ السُّنِّيَّةَ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ، وَإِنْ كَانَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَعَلَهُ عَقِبَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَإِنْ كَانَ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ فَيُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لِأَجْلِ وُقُوعِهِ بَعْدَهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَإِنْ تَبَاعَدَ مَضَى الْأَمْرُ وَعَلَيْهِ دَمٌ. [قَوْلُهُ: وَقَالَ د إلَخْ] مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ بَلْ يَكْفِي أَيُّ طَوَافٍ كَانَ وَمَا قَالَهُ د ضَعِيفٌ وَأَرَادَ هُنَا بِالْوَاجِبِ مَا يَشْمَلُ الْفَرْضَ لِقَوْلِهِ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ.

[قَوْلُهُ: فَيُؤَخِّرُونَهُ لِلْإِفَاضَةِ] أَيْ لِأَنَّهُ طَوَافُ قُدُومٍ عَلَى مَا ذُكِرَ أَيْ الْمُرَاهِقُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ

[قَوْلُهُ: إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ إلَخْ] مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا فَاتَتْهُ السُّنَّةُ أَيْ إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ، وَذَكَرَ الْخَطَّابُ نُصُوصًا تُفِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>