للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْوُقُوفِ لَا لِلصَّلَاةِ (وَ) إذَا وَصَلَ إلَى الْمُصَلَّى (يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مَعَ الْإِمَامِ) جَمْعًا وَقَصْرًا زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ، وَقَالَ فِيهَا: وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ خُطْبَتِهِ وَالْقِرَاءَةُ فِي ذَلِكَ سِرًّا وَلَوْ وَافَقْت جُمُعَةً.

وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ مُسْتَحَبٌّ وَفِي بَابٍ جَامِعٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَمِنْ فَاتَهُ الْجَمْعُ مَعَ الْإِمَامِ جَمَعَ فِي رَحْلِهِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْقَصْرِ فَهُوَ فِي حَقِّ غَيْرِ أَهْلِ عَرَفَةَ أَمَّا هُمْ فَيُتِمُّونَ، وَالضَّابِطُ أَنَّ أَهْلَ كُلِّ مَكَان يُتِمُّونَ فِيهِ وَيُقْصِرُونَ فِيمَا سِوَاهُ، وَالْقَصْرُ بِعَرَفَةَ إنَّمَا هُوَ لِلسُّنَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ لَيْسَ بِمَسَافَةِ قَصْرٍ فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ وَأَهْلِ الْمُزْدَلِفَةِ وَنَحْوِهِمْ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى تَتِمَّةِ أَرْكَانِ الْحَجِّ الْأَرْبَعِ وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَقَالَ: (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ (يَرُوحُ مَعَهُ إلَى مَوْقِفِ عَرَفَةَ) أُخِذَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَوْقِفَ عَرَفَةَ خِلَافُ مُصَلَّاهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ أَوَّلَ الْوُقُوفِ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: (فَيَقِفُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْإِمَامِ (إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ) عَلَى مَا قَالَ ك وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ جُزْءٌ مِنْ اللَّيْلِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ.

ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْوَاجِبُ مِنْ الْوُقُوفِ الرُّكْنُ أَدْنَى حُضُورِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَجُزْءٍ مِنْ عَرَفَةَ حَيْثُ شَاءَ سِوَى بَطْنِ عُرَنَةَ، وَيُسْتَحَبُّ الْوُقُوفُ رَاكِبًا لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

ــ

[حاشية العدوي]

بِعَرَفَةَ اهـ وَقِيلَ: مَكَانٌ بِقُرْبِهَا خَارِجٌ عَنْهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ

[قَوْلُهُ: وَهُوَ لِلْوُقُوفِ إلَخْ] أَيْ فَيُخَاطِبُ بِهِ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ [قَوْلُهُ: وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ] أَيْ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ [قَوْلُهُ: وَلَوْ وَافَقَتْ جُمُعَةً] لِأَنَّهُ يُصَلِّي ظُهْرًا لَا جُمُعَةً [قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَفْظُ الْمُخْتَصَرِ ثُمَّ أَذَّنَ وَجَمَعَ فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ لَهُ أَنَّ فِي تَغْيِيرِ الْمُؤَلِّفِ الْأُسْلُوبَ لِقَوْلِهِ: ثُمَّ أَذَّنَ وَجَمَعَ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ حُكْمَ الْأَذَانِ وَالْجَمْعِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ الْحُكْمُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا السُّنِّيَّةُ لَا الِاسْتِحْبَابُ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَفِي بَابٍ جَامِعٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: جَمَعَ فِي رَحْلِهِ] أَيْ سُنَّ لَهُ

[قَوْلُهُ: عَلَى تَتِمَّةِ أَرْكَانِ الْحَجِّ] فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الرُّكْنَ الرَّابِعَ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: مَوْقِفُ عَرَفَةَ] يَصِحُّ الْوُقُوفُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا، وَالْمُسْتَحَبُّ الْوُقُوفُ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْعِظَامِ الْمَفْرُوشَةِ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِوَسَطِ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [قَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ] لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ مِنْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ النَّهَارِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ، وَالْوُقُوفُ الرُّكْنِيُّ الْوُقُوفُ بِهَا جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. [قَوْلُهُ: فَيَقِفُ إلَخْ] التَّعْبِيرُ بِالْوُقُوفِ بَيَانٌ لِلْوَجْهِ الْأَكْمَلِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا مَرَّ بِعَرَفَةَ لَيْلًا وَلَمْ يَقِفْ فِيهَا يَجْزِيهِ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِأَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ عَرَفَةُ، وَأَنْ يَنْوِيَ الْحُضُورَ بِعَرَفَةَ لَا الْمَارُّ الْجَاهِلُ بِأَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ عَرَفَةُ، وَيَلْزَمُ الْمَارَّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الدَّمُ لِوُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ بِعَرَفَةَ. [قَوْلُهُ: مِنْ الْوُقُوفِ إلَخْ] بَيَانٌ لِلْوَاجِبِ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْفَرْضِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي هَذَا الْبَابِ مُغَايِرٌ لِلْفَرْضِ. [قَوْلُهُ: حُضُورُ جُزْءٍ] أَيْ فِي جُزْئِهِ، وَلَوْلَا جَعَلَ الْإِضَافَةَ عَلَى مَعْنَى فِي لَوَرَدَ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْحُضُورَ ضِدُّ الْغَيْبَةِ، فَمَعْنَاهُ الْمُشَاهَدَةُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِشُمُولِهِ لِمَا إذَا كَانَ وَاقِفًا فِي الْهَوَاءِ غَيْرَ مُلَاصِقٍ لِلْأَرْضِ، أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا أَوْ شَاهَدَ عَرَفَةَ وَهُوَ فِي الْحَرَمِ، وَهُوَ لَا يَجْزِيهِ وَمُعَبِّرٌ بِالْحُضُورِ دُونَ الْوُقُوفِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِمَعْنَى الْقِيَامِ لَيْسَ بِشَرْطٍ. [قَوْلُهُ: سِوَى بَطْنِ عُرَنَةَ] بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ وَفَتْحِهِمَا وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ الْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى حَدِّ عَرَفَةَ، وَالْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى حَدِّ الْحَرَمِ فَلَيْسَتْ عُرَنَةُ مِنْ عَرَفَةَ وَلَا مِنْ الْحَرَمِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِخَبَرِ: «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» وَارْتَفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ نَعَمْ يُجْزِئُ الْوُقُوفُ بِمَسْجِدِهَا يُكْرَهُ لِلشَّكِّ هَلْ هُوَ مِنْ عَرَفَةَ أَمْ لَا كَذَا قَالَ خَلِيلٌ فِي مَنْسَكِهِ وَتَأَمَّلْهُ.

[قَوْلُهُ: لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -] أَيْ وَلَا لِكَوْنِهِ أَعْوَنَ عَلَى مُوَاصَلَةِ الدُّعَاءِ وَأَقْوَى عَلَى الطَّاعَةِ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ ظُهُورِ الدَّوَابِّ كَرَاسِيَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ لِلدَّابَّةِ مَشَقَّةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>