يُقَاتِلَ) وَاحْتَرَزَ بِالْخَاصِّ مِنْ الْأَجِيرِ الْعَامِّ كَالْخَيَّاطِ وَالْخَرَّازِ، وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ ثَلَاثَةٌ الْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ وَالصِّحَّةُ، فَالْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ لَا يُسْهَمُ لَهُ اتِّفَاقًا، وَفِيمَنْ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعَقْلِ قَوْلَانِ، وَالذِّمِّيُّ لَا يُسْهَمُ لَهُ اتِّفَاقًا إنْ لَمْ يُقَاتِلْ وَلَا إنْ قَاتَلَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالزَّمِنُ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا إنْ كَانَ ذَا رَأْيٍ وَتَدْبِيرٍ.
(وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْعَدُوِّ عَلَى شَيْءٍ فِي يَدِهِ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ) ج ظَاهِرُ كَلَامِهِ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يُنْتَزَعُونَ مِنْهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ يَكُونُ مَجَّانًا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَإِذَا أَسْلَمَ عَلَى ذِمِّيٍّ حُرٍّ فِي يَدِهِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَكُونُ رِقًّا.
(وَمَنْ اشْتَرَى) مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِدَارِ الْحَرْبِ (شَيْئًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ (مِنْ الْعَدُوِّ لَمْ يَأْخُذْهُ رَبُّهُ) مِمَّنْ اشْتَرَاهُ (إلَّا بِالثَّمَنِ) الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إنْ كَانَ يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ لَهُ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ تَمَلُّكُهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ رَبَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قَدِمَ بِهِ الْكَافِرُ بِلَادَ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ لَا بِالثَّمَنِ وَلَا بِغَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمِثْلُ الشِّرَاءِ هِبَةُ الثَّوْبِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى
ــ
[حاشية العدوي]
أُجْرَتِهِ بِقَدْرِ مَا عَطَّلَ [قَوْلُهُ: كَالْخَيَّاطِ وَالْخَرَّازِ] أَيْ مَنْ يَخِيطُ وَيَخْرُزُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ تت: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ فِي عَدَمِ السَّهْمِ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عُمَرَ. [قَوْلُهُ: وَفِيمَنْ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعَقْلِ قَوْلَانِ] قَالَ الْبَاسِطِيُّ ظَاهِرُ عِبَارَاتِ الْمُتَقَدِّمِينَ، أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يُسْهَمُ لَهُ، ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَرُبَّمَا كَانَتْ مُقَاتَلَتُهُ أَشَدَّ مِنْ مُقَاتَلَةِ كَثِيرٍ مِنْ عُقَلَاءِ الْكُفَّارِ.
[قَوْلُهُ: وَالزَّمِنُ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ إلَخْ] أَيْ الْمُقْعَدُ مَثَلًا يُسْهَمُ لَهُ، إذَا كَانَ ذَا رَأْيٍ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ ذَا رَأْيٍ هَذَا مَعْنَاهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَلَوْ كَانَ ذَا مَنْفَعَةٍ مِنْ تَدْبِيرٍ وَغَيْرِهِ، وَالْأَعْرَجُ لَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا، وَفِي الزَّرْقَانِيِّ وَيَنْبَغِي جَرْيُهُ فِي الْأَعْمَى أَيْضًا اهـ.
[قَوْلُهُ: وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْعَدُوِّ إلَخْ] إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ يَمْلِكُهُ بِالْأَمَانِ بِأَنْ كَانَ أَخَذَهُ قَبْلَ دُخُولِهِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، لَا مَا أَخَذَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ دُخُولِهِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ سَرِقَةً يُنْزَعُ مِنْهُ قَهْرًا، وَمَفْهُومُ أَسْلَمَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ إذْ لَوْ دَخَلَ إلَيْنَا مَعَ بَقَائِهِ عَلَى كُفْرِهِ وَفِي يَدِهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ، إلَّا مَا سَرَقَهُ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فِي زَمَنِ مُعَاهَدَتِهِ، وَخَرَجَ بِهِ ثُمَّ عَادَ بِهِ، فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُ، وَمِثْلُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فِي يَدِهِ مَنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ أَوْ هُودِنَ.
[قَوْلُهُ: مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ] وَأَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَحْرَى كَمَا قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ. [قَوْلُهُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ] أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَفِي يَدِهِ مِنْ أَمْوَالٍ، وَالْحُرُّ لَيْسَ بِمَالٍ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] وَعَنْ ابْنِ شَعْبَانَ أَنَّهُ يَطِيبُ لَهُمْ بِمِلْكِهِمْ وَمِثْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، اللُّقَطَةُ وَالْحَبْسُ حَيْثُ ثَبَتَ أَنَّهُ حَبْسٌ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ تَحْبِيسُهُ لِمُسْلِمٍ لَا يَبْطُلُ تَحْبِيسُهُ بِغُنْمِ الْكُفَّارِ لَهُ، وَأَمَّا مَا احْتَمَلَ أَنَّهُ حَبْسٌ فَهَلْ يَمْلِكُهُ أَمْ لَا قَوْلَانِ. [قَوْلُهُ: فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَكُونُ رِقًّا] وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُرَدُّ إلَى ذِمَّتِهِ، وَالرَّاجِحُ كَلَامُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
[قَوْلُهُ: مِنْ الْعَدُوِّ] ، وَأَمَّا مَا يُفْدَى مِنْ اللُّصُوصِ وَالْغُصَّابِ فَإِنَّ رَبَّهُ يَأْخُذُهُ مَجَّانًا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ، وَالْآخَرُ بِمَا فَدَى بِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَكَانَ الشَّبِيبِيُّ يُفْتِي بِهِ قَائِلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ لِرَبِّهَا قُدْرَةٌ عَلَى الْخَلَاصِ مَجَّانًا، فَلَا شَيْءَ لِلْفَادِي، وَالْقَوْلَانِ إذَا قَصَدَ بِهِ الْفَادِي رَبَّهُ، وَأَمَّا لَوْ افْتَدَاهُ لِنَفْسِهِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ تَمَلُّكَهُ، فَلَا يَخْتَلِفُ أَنَّ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ مَجَّانًا، فَإِذَا تَنَازَعَ الْفَادِي وَرَبُّ الشَّيْءِ فِي الْأَخْذِ لِلتَّمَلُّكِ، فَالْقَوْلُ لِلْفَادِي كَمَا أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ فِي الْكَبِيرِ [قَوْلُهُ: إلَّا بِالثَّمَنِ] وَهُوَ إمَّا عَيْنٌ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَعْطَاهُ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا فَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ يُعْطِيهِ الْمُسْتَحِقُّ هُنَا قِيمَةَ عَرَضِهِ هُنَاكَ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِ الْحَرْبِ أَعْطَاهُ الْمِثْلَ هُنَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ.
[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ تَمَلُّكُهُ] أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ لَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي ذِمِّيًّا فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ إلَّا بِقِيمَتِهِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لَوْ قَدِمَ بِهِ الْكَافِرُ بِلَادَ الْإِسْلَامِ] أَيْ بَاعُوهُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ دُخُولِهِمْ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، فَإِنَّهُ يُفَوَّتُ