مِنْ الْخُمُسِ» (وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ) النَّفَلُ (قَبْلَ الْقَسْمِ) وَيُرْوَى قَبْلَ الْغَنِيمَةِ وَعَلَى هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْوَعْدِ، بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَكَلَامُهُ مُحْتَمِلٌ لِلْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ وَهُمَا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ، وَعَلَى الْمَنْعِ اخْتَلَفَ فَقَالَ سَحْنُونٌ وَابْنُهُ يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَنْفُذُ لِضَعْفِ الْخِلَافِ (وَالسَّلَبُ مِنْ) جُمْلَةِ (النَّفَلِ) فَلَا يُعْطِيهِ الْإِمَامُ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ عَلَى حَسَبِ اجْتِهَادِهِ، وَهُوَ مَا يُوجَدُ مَعَ الْقَتِيلِ مِنْ ثِيَابِهِ وَسِلَاحِهِ، وَمَا شَابَهَهَا مِنْ السَّلَبِ الْمُعْتَادِ، دُونَ مَا يَنْفَرِدُ بِلِبَاسِهِ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ سِوَارٍ وَتَاجٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(وَالرِّبَاطُ) لُغَةً الْإِقَامَةُ وَشَرْعًا الْإِقَامَةُ فِي الثُّغُورِ لِحِرَاسَتِهَا. فَمَنْ سَكَنَ الثُّغُورَ بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَلَا يَنْفُلُ بَعْضَهُمْ وَلَا بَأْسَ بِالتَّفْضِيلِ إنْ اخْتَلَفَ فِعْلُهُمْ [قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ النَّفَلُ قَبْلَ الْقَسْمِ] أَيْ بَلْ بَعْدَ الْقَسْمِ، وَهَذَا هُوَ النَّفَلُ الْجُزْئِيُّ.
[قَوْلُهُ: وَيُرْوَى قَبْلَ الْغَنِيمَةِ] أَيْ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ، فَيُفْهَمُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَصَوَّرَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي، وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ هَذَا السَّلَبُ الْكُلِّيُّ وَيَكُونَ قَوْلُهُ: قَتَلَ قَتِيلًا أَيْ مَنْ يَقْتُلُ قَتِيلًا [قَوْلُهُ: وَهُمَا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ] أَيْ يُنْهَى الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْجَيْشِ نَهْيَ كَرَاهَةٍ أَوْ تَحْرِيمٍ، وَاقْتَصَرَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ عَلَى الْكَرَاهَةِ، فَيُؤْذِنُ بِقُوَّتِهِ أَنْ يَقُولَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَدُوِّ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ نِيَّاتِهِمْ، وَإِلَى فَسَادِهَا؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ رُبَّمَا أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْمَهَالِكِ؛ لِأَجْلِ الْعَرَضِ الدُّنْيَوِيِّ فَيَصِيرُ قِتَالُهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ، أَمَّا الْجُعْلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ مِنْ غَيْرِ السَّلَبِ مِنْ السُّلْطَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ مِنْ السَّلَبِ إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا إلَخْ مَنْ كَانَ قَتَلَ قَتِيلًا. [قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَنْعِ إلَخْ] أَيْ، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ جَوَازِ قَوْلِ الْإِمَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَإِنْ وَقَعَ مَضَى؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ. إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى إبْطَالِهِ قَبْلَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حِينَئِذٍ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ قَتَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ سَلَبِ الْمَقْتُولِ، وَلَهُ سَلَبُ مَنْ قَتَلَهُ قَبْلَ الْإِبْطَالِ، وَلَا يُعْتَبَرُ إبْطَالُهُ بَعْدَ الْمَغْنَمِ بَلْ يَسْتَحِقُّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْأَسْبَابِ مَا رَتَّبَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: الْخِلَافِ] أَيْ لِضَعْفِ قَوْلِ الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ بِالْكَرَاهَةِ، هَذَا ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ الْمُرَادُ لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ الْمَوْجُودِ الَّذِي ذَكَرَهُ بَهْرَامُ فِي وَسَطِهِ بِقَوْلِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا، فَقَوْلُ شَارِحِنَا بِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَيْ بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ. [قَوْلُهُ: وَالسَّلَبُ مِنْ جُمْلَةِ النَّفَلِ] أَيْ فَيَسْتَحِقُّهُ كُلُّ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ، مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَوْ تَعَدَّدَ، أَيْ فَالنَّفَلُ شَامِلٌ لِلْكُلِّيِّ وَالْجُزْئِيِّ، وَأَرَادَ بِالسَّلَبِ الْكُلِّيَّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مُطْلَقِ النَّفَلِ [قَوْلُهُ: فَلَا يُعْطِيهِ إلَخْ] أَيْ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ، أَيْ لَا مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ فَكَذَا السَّلَبُ [قَوْلُهُ: مِنْ السَّلَبِ الْمُعْتَادِ] أَيْ الْمُعْتَادِ وُجُودِهِ مَعَ الْمَقْتُولِ حَالَ الْحَرْبِ، كَفَرَسِهِ وَدِرْعِهِ وَسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ وَمِنْطَقَتِهِ بِمَا فِيهَا مِنْ حِلْيَةٍ وَفَرَسِهِ الْمَرْكُوبِ لَهُ أَوْ الْمَمْسُوكِ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ غُلَامِهِ لِلْقِتَالِ، لَا إنْ كَانَتْ مُهَيَّأَةً لِلزِّينَةِ كَالْجَنِيبِ فَتَكُونُ غَنِيمَةً، وَذَلِكَ لِلذَّكَرِ الْمُسْلِمِ لَا ذِمِّيٍّ قَتَلَ قَتِيلًا إلَّا إذَا أَجَازَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ سَلَبَهُ، وَيَمْضِي ذَلِكَ وَلَا يُتَعَقَّبُ، وَلَا امْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ لَهَا فَيَمْضِي.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي دُخُولِ مَا ذَكَرَ مِنْ السِّوَارِ وَالتَّاجِ وَالْعَيْنِ.
[قَوْلُهُ: لِحِرَاسَتِهَا] أَيْ حِرَاسَةِ مَنْ بِهَا، وَهُوَ يَشْمَلُ الْمَالَ وَغَيْرَهُ وَالذِّمِّيَّ وَالْمُسْلِمَ، وَحِرَاسَةُ غَيْرِهَا تَتْبَعُ حِرَاسَتَهَا. [قَوْلُهُ: فَمَنْ سَكَنَ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ، لِأَنَّ الْإِقَامَةَ لِلْحِرَاسَةِ تُجَامِعُ السُّكْنَى بِالْأَهْلِ، وَالْمُرَادُ جِنْسُ الثُّغُورِ. [قَوْلُهُ: بِأَهْلِهِ إلَخْ] الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى السُّكْنَى بِالْأَهْلِ، وَإِنْ أَبْقَى الْوَلَدَ فِي بَلَدِهِ، وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ، فَهَذَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ سَكَنَ بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَكَانَ الْبَاعِثُ لَهُ الرِّبَاطُ لَا غَيْرُ، لَا يُسَمَّى مُرَابِطًا وَرَدَّهُ الْبَاجِيُّ قَائِلًا عِنْدِي أَنَّ مَنْ اخْتَارَ اسْتِيطَانَ ثَغْرٍ لِلرِّبَاطِ فَقَطْ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَمْكَنَهُ الْمُقَامُ بِغَيْرِهِ مُرَابِطٌ. اهـ.
وَارْتَضَاهُ بَعْضُهُمْ