للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهَانِ. الْأَوَّلُ: إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ، مَجَازٌ. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الثُّنْيَا لَا تَنْفَعُ فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَصْلِ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْمَشِيئَةِ لَا يَنْفَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْمَانِ، إلَّا فِي الْيَمِينِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ.

(وَمَنْ اسْتَثْنَى فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا (إذَا قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ قَصَدَ حَلَّ الْيَمِينِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، مِثْلُ أَنْ يُعَوِّدَ لِسَانَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ تَكَلَّمَ بِهِ تَبَرُّكًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: ٢٣] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٤] فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ فِي حَلِّ الْيَمِينِ (وَ) ثَانِيهَا إذَا (قَالَ) أَيْ تَلَفَّظَ بِ (إنْ شَاءَ اللَّهُ) فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ وَحْدَهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي النُّطْقِ الْجَهْرُ، بَلْ لَوْ كَانَ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ كَفَى (وَ) ثَالِثُهَا إنْ (وَصَلَهَا) أَيْ إنْ شَاءَ اللَّهُ (بِيَمِينِهِ قَبْلَ أَنْ يَصْمُتَ) أَيْ يَسْكُتَ مَا لَمْ يَضْطَرَّ لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ فَإِنْ اضْطَرَّ لَمْ يَضُرَّ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِثْنَاءَ أَوْ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ أَوْ لَمْ يَصِلْهُ بِيَمِينِهِ (لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ) الِاسْتِثْنَاءُ.

(وَالْأَيْمَانُ بِ) اسْمِ (اللَّهِ أَرْبَعَةٌ) وَفِي نُسْخَةٍ أَرْبَعٌ (فَيَمِينَانِ تُكَفَّرَانِ وَهُوَ) أَيْ مَا يُكَفَّرُ يَمِينَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً عَلَى بِرٍّ وَحَقِيقَتُهَا أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ بِأَثَرِ حَلِفِهِ مُوَافِقًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ مِثْلَ (أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ إنْ فَعَلْت كَذَا) أَوْ لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْقُدْرَةِ بِالْمَوْتِ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُحْلَفُ بِهَا أَصْلًا] أَيْ لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهَا وَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ [قَوْلُهُ: إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ مَجَازٌ] قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ الثَّنْيِ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ رَجَعَ إلَى كَلَامِهِ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَأَخْرَجَ بَعْضَهُ كَمَا يَرْجِعُ نِصْفُ الثَّوْبِ عَلَى نِصْفِهِ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْإِخْرَاجِ بِإِلَّا، وَأَخَوَاتِهَا، ثُمَّ أَطْلَقَ عَلَى قَوْلِنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ وَمَشْرُوطٌ، وَالشَّرْطُ لَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ، وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ مُخْرِجٌ مِنْ الْمَشْرُوطِ أَحْوَالَ عَدَمِ الْمَشْرُوطِ، فَالشَّرْطُ مُخْرِجٌ لِبَعْضِ الْأَحْوَالِ وَالِاسْتِثْنَاءُ لِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ كَذَا فِي التَّحْقِيقِ.

[قَوْلُهُ: تَفْصِيلٌ إلَخْ] التَّفْصِيلُ إنْ أَعَادَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْمُعَلِّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُعَلِّقِ فَقَطْ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ، فَفِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ لَا يَنْفَعُ، وَأَمَّا إنْ أَعَادَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ، وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ مَثَلًا فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونَ إنْ رَدَّهُ لِلْفِعْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ وَلَوْ رَدَّهُ لِلْفِعْلِ، وَأَنَّهُ مَتَى دَخَلَ الدَّارَ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

[قَوْلُهُ: إذَا قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ] لَا فَرْقَ فِي الْقَصْدِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْحَلِفِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ، فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ كَمَا شَهَرَهُ تت [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِثْلَ أَنْ يُعَوَّدَ إلَخْ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا نَطَقَ بِهِ سَهْوًا. [قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ كَانَ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ] هَذَا فِي غَيْرِ الْمُسْتَحْلِفِ، فَمَا كَانَ مِنْ الْأَيْمَانِ وَثِيقَةً فِي حَقٍّ أَوْ شَرْطًا فِي نِكَاحٍ أَوْ عَقْدَ بَيْعٍ أَوْ مَا يَسْتَحْلِفُهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ، لَا يُجْزِئُهُ حَرَكَةُ اللِّسَانِ حَتَّى يُظْهِرَهُ وَيُسْمَعَ مِنْهُ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ.

[قَوْلُهُ: إنْ وَصَلَهَا بِيَمِينِهِ] ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُوصِلْهَا بِيَمِينِهِ بَلْ أَوْصَلَهَا بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ إنْ دَخَلْت إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ اتِّصَالُهُ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَلَّقَ الِاسْتِثْنَاءُ بِهِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَلَّقَ بِالْمُقْسِمِ مِنْهُ أَيْ بِعَدَدِهِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ، فَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِهِ بِالْمُقْسَمِ بِهِ أَوْ يَكْتَفِي بِاتِّصَالِهِ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ خِلَافٌ، وَلَا يَكُونُ هَذَا إلَّا بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِيَمِينِهِ خُصُوصَ الْمُقْسَمِ بِهِ بَلْ أَرَادَ بِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَعَلِّقُ يَمِينِهِ تَجَوَّزَ فِي إطْلَاقِ اسْمِهِ عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ] أَيْ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ تَثَاؤُبٍ.

قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ وَتَكَرَّرَتْ قَالَ تت: وَمِثْلُهَا الْجُشَاءُ وَالْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ وَالْإِكْرَاهُ، كَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ. انْتَهَى مِنْ حَاشِيَةِ عج.

قَوْلُهُ: مُوَافِقًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ] أَيْ الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْيَمِينِ. [قَوْلُهُ: إنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>