للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ إذْنَهَا صُمَاتُهَا مِثْلُهُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ لَهَا وَلِيُّهَا إنِّي مُزَوِّجُك فَسَكَتَتْ فَذَلِكَ مِنْهَا رِضًا.

(وَلَا يُزَوِّجُ الثَّيِّبَ) الْبَالِغَةَ الْعَاقِلَةَ الْحُرَّةَ الَّتِي لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا بِعَارِضٍ أَوْ بِزِنًا رَشِيدَةً كَانَتْ أَوْ سَفِيهَةً (أَبٌ وَلَا غَيْرُهُ إلَّا بِرِضَاهَا وَتَأْذَنُ بِالْقَوْلِ) .

وَقَيَّدْنَا بِالْبَالِغَةِ احْتِرَازًا مِنْ الصَّغِيرَةِ الَّتِي ثِيبَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْأَبِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَلَهُ جَبْرُهَا وَبِالْعَاقِلَةِ احْتِرَازًا عَنْ الْمَجْنُونَةِ، فَإِنَّ الْأَبَ يُجْبِرُهَا إذَا كَانَتْ لَا تُفِيقُ فَإِنْ كَانَتْ تُفِيقُ أَحْيَانَا انْتَظَرَ إفَاقَتَهَا وَبِالْحُرَّةِ احْتِرَازًا مِنْ الْأَمَةِ، فَإِنَّ لِسَيِّدِهَا جَبْرَهَا اتِّفَاقًا إنْ كَانَتْ كَامِلَةَ الرِّقِّ وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ ضَرَرَهَا أَمَّا غَيْرُ الْكَامِلَةِ الرِّقِّ فَلَا جَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَبِاَلَّتِي لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا إلَخْ. احْتِرَازًا مِمَّنْ أُزِيلَتْ بَكَارَتُهَا بِعَارِضٍ فَإِنْ لِلْأَبِ جَبْرُهَا اتِّفَاقًا، وَمَنْ أُزِيلَتْ بَكَارَتُهَا بِزِنًا، فَكَذَلِكَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إنْ تَكَرَّرَ الزِّنَا مِنْهَا حَتَّى زَالَ جِلْبَابُ الْحَيَاءِ عَنْ وَجْهِهَا لَمْ تُجْبَرْ، وَإِلَّا جُبِرَتْ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ

ــ

[حاشية العدوي]

لَهَا مِنْ جِهَةِ الدِّينِ إلَخْ. أَيْ أَنَّ اعْتِبَارَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا مَعَ الْإِمْكَانِ خُصُوصًا وَالتَّحْقِيقُ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الِالْتِفَاتِ لِلْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْمَالِ، وَالْحَسَبِ أَنَّ الْكَفَاءَةَ شَيْئَانِ فَقَطْ الدِّينُ أَيْ كَوْنُهُ غَيْرَ فَاسِقٍ بِجَارِحَةٍ، وَالْحَالُ أَيْ سَلَامَتُهُ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي بِهَا الرَّدُّ، إذَا زُوِّجَتْ مَعَ فَقْدِ تِلْكَ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا، وَالْحَالُ أَنَّ يُتْمَهَا وَخُلُوَّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ مُحَقَّقٌ فَلَا فَسْخَ أَصْلًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ، إلَّا فِيمَا إذَا زُوِّجَتْ عِنْدَ عَدَمِ خَوْفِ الْفَسَادِ فَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَدْخُلْ، وَيُطِلْ وَالطُّولُ بِوِلَادَةِ وَلَدَيْنِ، وَلَا تَكْفِي وِلَادَةُ تَوْأَمَيْنِ، وَمُضِيُّ ثَلَاثَةِ سِنِينَ بِمَنْزِلَةِ وِلَادَةِ وَلَدَيْنِ، وَلَا يَكْفِي سَنَتَانِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ خَوْفَ الْفَسَادِ شَامِلٌ لِلْخَوْفِ عَلَيْهَا لِضَيَاعِهَا مِنْ عَدَمِ النَّفَقَةِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَرَدَّهُ عج مُرَجِّحًا لِمَا أَفَادَهُ ابْنُ حَارِثٍ مِنْ أَنَّهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ تُزَوَّجُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطٌ مِنْ بُلُوغِهَا الْعَشْرَ، وَلَا أَذِنَتْ بِالْقَوْلِ. اهـ.

أَيْ وَلَا غَيْرِهِمَا مِنْ الْكَفَاءَةِ فِي النَّسَبِ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ ابْنِ الْحَارِثِ، وَلَعَلَّهُ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَفَادَهُ لَا نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ ابْنِ حَارِثٍ ذَاتُ أَبٍ انْقَطَعَ عَنْهَا النَّفَقَةُ لِغَيْبَةِ أَبِيهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً، وَخُشِيَ عَلَيْهَا الضَّيَاعُ وَمِثْلُهَا مَجْهُولَةُ الْأَبِ، وَقَضِيَّةُ رَدِّ عج، أَنَّ خَوْفَ الضَّيَاعِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ أَشَدُّ مِنْ خَوْفِ الزِّنَا، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ الْخَوْفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُفَسَّرُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ [قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ إلَخْ] هَذَا فِي الْيَتِيمَةِ الْبَالِغِ لِمَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: إنِّي مُزَوِّجُك] أَيْ مِنْ فُلَانٍ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالشَّارِحُ أَسْقَطَهُ.

[قَوْلُهُ: الَّتِي لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا إلَخْ] أَيْ بَلْ أُزِيلَتْ بِنِكَاحٍ حَيْثُ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، وَدُرِئَ الْحَدُّ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُدْرَأْ الْحَدُّ فَلَهُ جَبْرُهَا [قَوْلُهُ: عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ] مُفَادُهُ أَنَّ مَالِكًا كَانَ أَوَّلًا يَقُولُ: يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْأَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَاَلَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ لِعَدَمِ اطِّلَاعِي، أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ، وَأَنَّ الْمُقَابِلَ قَوْلَانِ لَا يُجْبِرُهَا، وَيُجْبِرُهَا، وَإِنْ بَلَغَتْ وَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: فَلَا يَتَوَقَّفُ تَزْوِيجُهَا عَلَى رِضَاهَا، وَلَا إذْنِهَا بِالْقَوْلِ بَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمُجْبَرَةِ.

[قَوْلُهُ: احْتِرَازًا عَنْ الْمَجْنُونَةِ] أَيْ عَنْ الثَّيِّبِ الْبَالِغِ الْمَجْنُونَةِ، فَإِنَّ الْأَبَ يُجْبِرُهَا، وَلَوْ كَانَ لَهَا أَوْلَادٌ وَكَذَا الْحَاكِمُ يُجْبِرُ الْمَجْنُونَةَ الْبَالِغَةَ، إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَبٌ أَوْ كَانَ مَجْنُونًا وَانْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ بِاحْتِيَاجِهَا النِّكَاحَ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ تُفِيقُ أَحْيَانًا] أَيْ حَيْثُ كَانَتْ ثَيِّبًا بَالِغًا [قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ ضَرَرَهَا] أَمَّا إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ ضَرَرَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ جَبْرُهَا عَلَى النِّكَاحِ، كَمَا إذَا زَوَّجَهَا بِذِي عَاهَةٍ كَجُذَامٍ وَبَرَصٍ، وَكَذَلِكَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إضْرَارَهُ.

[قَوْله: إنْ كَانَتْ كَامِلَةَ الرِّقِّ] بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَقْدُ حُرِّيَّةٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِيهَا عَقْدُ حُرِّيَّةٍ فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَمَّا إلَخْ، أَيْ كَمُدَبَّرَةٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجْلِ أُمُومَةِ وَلَدٍ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ: وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاَلَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ جَبْرُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ، وَلَهُ جَبْرُ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعْتَقَةِ، لِأَجَلٍ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ، وَيَقْرَبْ الْأَجَلُ فَقَوْلُ شَارِحِنَا عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ [قَوْلُهُ: أُزِيلَتْ بَكَارَتُهَا بِعَارِضٍ] أَيْ بِعُودٍ أَوْ وَثْبَةٍ.

[قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ] أَيْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ [قَوْلُهُ: زَالَ جِلْبَابُ] الْجِلْبَابُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>