للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُنْدَرِجٌ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] ، وَيَمْتَنِعُ نِكَاحُ الْخَامِسَةِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَإِنْ وَقَعَ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَعْدَهُ، وَهَلْ يُحَدَّانِ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ لَا قَوْلَانِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا حَدَّ قَوْلًا وَاحِدًا.

وَتَحِلُّ الْخَامِسَةُ بِطَلَاقِ إحْدَى الْأَرْبَعِ طَلَاقًا بَائِنًا لَا رَجْعِيًّا، عَلَى الْمَشْهُورِ لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ (وَ) يَجُوزُ (لِلْعَبْدِ نِكَاحُ أَرْبَعِ إمَاءٍ مُسْلِمَاتٍ) مَمْلُوكَاتٍ لِلْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَ) يَجُوزُ (لِلْحُرِّ ذَلِكَ) أَيْ تَزَوُّجُ أَرْبَعِ إمَاءٍ مُسْلِمَاتٍ مَمْلُوكَاتٍ لِلْغَيْرِ بِشَرْطَيْنِ. أَحَدُهُمَا: (إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ) ، وَهُوَ الزِّنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٥] (وَ) الْآخَرُ إذَا (لَمْ يَجِدْ لِلْحَرَائِرِ طَوْلًا) ، وَهُوَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَرْبَعِ إمَاءٍ لِلْحُرِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِ الْحُرِّ الْأَمَةَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا تَنْبِيهًا، عَلَى أَنَّ الْحُرَّ يُفَارِقُ الْعَبْدَ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَصْرَهُ عَلَى اثْنَتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى إطْلَاقِهِ وَحُدُودِهِ، وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ بِأَنَّ النِّكَاحَ لَذَّةٌ يَسْتَوِي فِيهَا الْحُرُّ وَالْعَبْدُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَإِنَّمَا يَتَشَطَّرُ الْعَذَابُ [قَوْلُهُ: بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ] وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُبْتَدِعَةِ جَوَازُ الزَّائِدِ عَلَى أَرْبَعٍ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَمِنْ جَمَاعَةٍ مَنْ نَسَبَهُ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ، وَمَنْ يَبْلُغُ بِهِ إلَى التِّسْعِ خَاصَّةً.

[قَوْلُهُ: وَهَلْ يُحَدَّانِ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ إلَخْ] الْمُعْتَمَدُ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ يُحَدَّ وَإِنْ وَقَعَ نِكَاحُ الْخَمْسَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً بَطَلَ فِيهِنَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بِهَا مِنْهُنَّ صَدَاقُهَا، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ لِفَسَادِ الْعَقْدِ، وَإِنْ تَرَتَّبَ الْعَقْدُ فُسِخَ نِكَاحُ الْخَامِسَةِ فَقَطْ.

[قَوْلُهُ: لَا رَجْعِيًّا إلَخْ] زَادَ فِي التَّحْقِيقِ، وَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الْأَرْبَعِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَطَلَّقَهَا، لَا تَحِلُّ لَهُ الْخَامِسَةُ إلَّا بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ خَرَجَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا وَتَأَخَّرَ حَمْلُهَا خَمْسَ سِنِينَ [قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلْعَبْدِ نِكَاحُ أَرْبَعِ إمَاءٍ مُسْلِمَاتٍ] ؛ لِأَنَّ الْإِمَاءَ مِنْ نِسَائِهِ، وَالْوَلَدُ لَا يَكُونُ أَشْرَفَ مِنْ أَبِيهِ [قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ] أَيْ سَوَاءٌ خَشِيَ الْعَنَتَ أَمْ لَا كَانَ وَاجِدًا لِطَوْلِ الْحُرَّةِ أَمْ لَا لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ.

[قَوْلُهُ: لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ] أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى} [النساء: ٣] كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ فَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، بَلْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَيَجُوزُ لِلْعَبْدِ نِكَاحُ أَرْبَعِ إمَاءٍ مُسْلِمَاتٍ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ وَهْبٍ، يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَعِبَارَةُ الْفَاكِهَانِيِّ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ بَعْضِ نُسَخِهِ [قَوْلُهُ: إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ إلَخْ] قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ، وَيَتِمُّ ذَلِكَ بِغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ وَضَعْفِ الْخَوْفِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ اشْتَدَّ الْخَوْفُ، وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ حَرُمَتْ الْأَمَةُ، وَسُمِّيَ الزِّنَا عَنَتًا؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ لِلتَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] أَيْ ضَيَّقَ عَلَيْكُمْ.

وَقَالَ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَإِنْ خَافَ زِنًا أَنَّ مُطْلَقَ الْخَوْفِ كَافٍ، وَلَوْ وَهْمًا.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ إلَخْ] لَكِنْ رَوَى مُحَمَّدٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا مَهْرَ حُرَّةٍ، وَلَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ لَهُ تَزْوِيجُهَا.

قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ، وَهُوَ أَصَحُّ مِمَّا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّ قُدْرَةَ الصَّدَاقِ دُونَ النَّفَقَةِ لَا تُفِيدُهُ لِطَلَاقِهَا عَلَيْهِ بِالْعَجْزِ، إلَّا أَنْ يَجِدَ مَنْ تَتَزَوَّجُهُ عَالِمَةً بِعَجْزِهِ، وَهَذَا الَّذِي تَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةُ يَكُونُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ مَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ أَوْ إجَارَتَهُ إلَّا دَارَ سُكْنَاهُ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: وَالْكِتَابَةُ طَوْلٌ وَكَذَا خِدْمَةُ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ بِخِلَافِ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهَا الطَّوْلُ، وَأَمَّا عَبْدُ الْخِدْمَةِ وَدَابَّةُ رُكُوبِهِ، وَكُتُبُ الْفِقْهِ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا فَمِنْ جُمْلَةِ الطَّوْلِ، وَقَوْلُهُ إلَّا دَارَ سُكْنَاهُ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ حَاجَتِهِ، وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ عَدَمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ مُسَوِّغُ لِتَزْوِيجِ الْأَمَةِ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى شِرَاءِ الْأَمَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَفِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ رَضِيَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ بِمَهْرٍ فِي ذِمَّتِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلطَّوْلِ، وَلَا يَلْزَمُهُ السَّلَفُ، وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُعْطِيهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةٍ أُخْرَى حَيْثُ تَكْفِيهِ الْأُولَى، وَإِلَّا فَلَهُ، وَهَكَذَا إلَى أَرْبَعٍ. اهـ.

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ] أَيْ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>