للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ، وَالطَّوْلُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَهْرُ حُرَّةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ، وَنَصَّ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْحَرَائِرِ إلَّا مَنْ يَطْلُبُ مِنْهُ مَالًا كَثِيرًا يُخْرِجُهُ عَنْ الْعَادَةِ فَإِنَّ لَهُ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ، وَمَا تَقَدَّمَ، مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ إلَّا بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ فَإِنْ فُقِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ، وَمَحِلُّهُ إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ مِلْكًا لِمَنْ لَا يُعْتَقُ وَلَدُهُ مِنْهَا عَلَيْهِ مِثْلَ أَمَةِ الْأَبِ الْحُرِّ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُولَدُ لَهُ كَالْخَصِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ حِينَئِذٍ أَمَةُ الْغَيْرِ بِغَيْرِ شَرْطٍ لِلْأَمْنِ مِنْ اسْتِرْقَاقِ الْوَلَدِ.

وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ جَمْعُ أَرْبَعِ حَرَائِرَ أَوْ أَرْبَعِ إمَاءٍ وَكَانَ الْجَمْعُ مَظِنَّةَ الْمُفَاضَلَةِ لِبَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ، وَهِيَ حَرَامٌ، أَتَى فَاللَّامُ الْأَمْرِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوُجُوبِ فَقَالَ: (وَلْيَعْدِلْ بَيْنَ نِسَائِهِ) سَوَاءٌ كُنَّ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءً مُسْلِمَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ مَرْضَى أَوْ أَصِحَّاءَ أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ حَائِضًا أَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

مَا أُجِيزَ لِلضَّرُورَةِ يَتَحَدَّدُ بِزَوَالِهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَزْيَدُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ [قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ] أَيْ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَرْبَعُ إلَّا بِشَرْطَيْنِ، وَالْعَبْدَ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ [قَوْلُهُ: وَلَوْ كِتَابِيَّةً إلَخْ] ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ بَلْ نَصَّ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ مُتَّفَقٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قُدْرَتُهُ عَلَى مَهْرِ الْكِتَابِيَّةِ الْحُرَّةِ لَا يَكُونُ طَوْلًا بَلْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ. اهـ.

[قَوْلُهُ: مَالًا كَثِيرًا يُخْرِجُهُ عَنْ الْعَادَةِ] أَيْ بِأَنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ، وَفِي شِرَاءِ النَّعْلَيْنِ لِلْحَجِّ [قَوْلُهُ: هُوَ الْمَشْهُورُ] وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرَاهُمَا شَرْطَيْنِ لَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَا فِي الِانْتِهَاءِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِشَرْطِهِ ثُمَّ زَالَ الْمُبِيحُ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضٌ أَنَّهُ لَا فَسْخَ أَيْضًا إنْ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِشَرْطِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِهِ [قَوْلُهُ: مِثْلَ أَمَةِ الْأَبِ الْحُرِّ] أَيْ أَوْ أُمِّهِ أَوْ جَدِّهِ، وَإِنْ عَلَا أَوْ جَدَّتِهِ أَيْ بِقَيْدِ أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ حُرًّا، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالِكُ عَبْدًا وَالزَّوْجُ حُرًّا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ رِقًّا لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى، وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: مِثْلَ أَمَةِ الْأَبِ الْحُرِّ إلَخْ تَمْثِيلٌ لِلْمَنْفِيِّ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ يُعْتَقُ إلَخْ.

وَالْأَحْسَنُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا لِيَكُونَ قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ إلَخْ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ أَمَّا إنْ كَانَتْ مِلْكًا لِمَنْ يُعْتَقُ وَلَدُهُ مِنْهَا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُولَدُ لَهُ إلَخْ. [قَوْلُهُ: كَالْخَصِيِّ إلَخْ] أَيْ وَكَالْمَجْبُوبِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي وَعَقِيمٍ وَعَقِيمَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِجَزْمِ الْعُرْفِ بِأَمْنِ حَمْلِهَا فِيهِمَا.

تَنْبِيهٌ: إذَا لَمْ يُعَفَّ إلَّا بِأَرْبَعٍ تَزَوَّجَهُنَّ وَإِنْ خَشِيَ الزِّنَا فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ تَزَوَّجَهَا.

[قَوْلُهُ وَلْيَعْدِلْ] أَيْ الزَّوْجُ بَيْنَ نِسَائِهِ هَذَا إذَا كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ إذَا كَانَتْ لَهُ زَوْجَاتٌ فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَطُوفَ بِهِ عَلَيْهِنَّ لِأَجْلِ الْعَدْلِ بَيْنَهُنَّ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِنَّ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ، لَكِنْ بِشَرْطِ انْتِفَاعِهِنَّ بِحُضُورِهِ وَعَدَمِ الْخَوْفِ عَلَيْهِنَّ، وَإِلَّا فَلَا وُجُوبَ عَلَى الْوَلِيِّ، كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إطَافَةُ الصَّبِيِّ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِنَّ بِحُضُورِ الصَّبِيِّ، وَيُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجَاتِ الدُّخُولُ بِهِنَّ، وَإِطَاقَتُهُنَّ لِلْوَطْءِ فَلَا قَسْمَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا، وَلَا لِصَغِيرَةٍ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا [قَوْلُهُ: بَيْنَ نِسَائِهِ] أَفْهَمَ التَّعْبِيرُ بِالنِّسَاءِ أَنَّ الْوَاحِدَةَ لَا يَجِبُ الْبَيَاتُ عِنْدَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ فَقَطْ.

وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُوبَ الْبَيَاتِ عِنْدَهَا أَوْ يُحْضِرُ لَهَا مُؤْنِسَةً؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا وَحْدَهَا ضَرَرٌ بِهَا، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَحَلُّ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْفَسَادُ وَالْخَوْفُ مِنْ اللُّصُوصِ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا إذَا شَكَتْ قِلَّةَ الْوَطْءِ يَقْضِي لَهَا فِي كُلِّ أَرْبَعِ لَيَالٍ بِلَيْلَةٍ كَمَا أَنَّ الصَّحِيحَ إذَا شَكَا الزَّوْجُ قِلَّةَ الْجِمَاعِ أَنْ يَقْضِيَ لَهُ عَلَيْهَا، بِمَا تُطِيقُهُ كَالْأَجِيرِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَقْضِي بِأَرْبَعِ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ نُفَسَاءَ] جَرَى فِي قَوْلِهِ مَرْضَى أَوْ أَصِحَّاءَ عَلَى الْجَمْعِ وَجَرَى فِي رَتْقَاءَ وَمَا بَعْدَهَا عَلَى الْإِفْرَادِ تَفَنُّنًا وَمَرْضَى بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، وَجَمْعُ رَتْقَاءَ رُتْقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>