للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَرَّمَةً أَوْ مُولًى مِنْهَا أَوْ مُظَاهِرًا، مِنْهَا وَسَوَاءٌ كَانَ هُوَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ مَرِيضًا مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ جَازَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ دَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ الْكِتَابُ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: ٣] وَالسُّنَّةُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِهِ فَمَنْ لَمْ يَعْدِلْ بَيْنَ نِسَائِهٍ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَجُوزُ إمَامَتُهُ وَلَا شَهَادَتُهُ.

وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهُ يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَهُوَ كَافِرٌ، وَالْعَدْلُ الْوَاجِبُ يَكُونُ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ بِحَسَبِ حَالِ كُلِّ وَاحِدَةٍ، فَالشَّرِيفَةُ بِقَدْرِ مِثْلِهَا وَالدَّنِيَّةُ بِقَدْرِ مِثْلِهَا، وَفِي الْمَبِيتِ، وَلَا يَجِبُ فِي الْوَطْءِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّرَ نَفْسَهُ لِيَنْشَطَ لِلْأُخْرَى، وَالْقَسْمُ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَقْسِمُ بِيَوْمَيْنِ إلَّا بِرِضَاهُنَّ، وَإِنْ كَانَ فِي بِلَادٍ بَعِيدَةٍ قَسَمَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ بِالْجُمُعَةِ أَوْ الشَّهْرِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَا يَدْخُلُ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي يَوْمِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ وَلَا يَجْلِسُ؛ لِيَتَحَدَّثَ مَعَهَا، وَيُقْضَى عَلَيْهِ أَنْ يُسْكِنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتٍ يَأْتِي إلَيْهَا فِيهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إبْعَادُ الدَّارَيْنِ وَمَنَعَ مَالِكٌ جَمْعَهُمَا فِي.

ــ

[حاشية العدوي]

بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ التَّاءِ وَجَمْعُ نُفَسَاءَ نِفَاسٌ بِكَسْرِ النُّونِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ [قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ] أَيْ الْعَدْلِ [قَوْلُهُ: فَوَاحِدَةً إلَخْ] أَيْ فَاخْتَارُوا وَاحِدَةً أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَاحِدَةِ إنْ خَافَ الْجَوْرَ قَالَهُ تت. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَدْلَ وَاجِبٌ [قَوْلُهُ: امْرَأَتَانِ] أَيْ زَوْجَتَانِ فَأَكْثَرُ، وَقَوْلُهُ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا أَيْ فِي الْقَسْمِ.

وَقَوْلُهُ جَاءَ أَيْ حُشِرَ، وَقَوْلُهُ وَشِقُّهُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ نِصْفُهُ أَوْ جَانِبُهُ، وَقَوْلُهُ سَاقِطٌ أَيْ ذَاهِبٌ أَوْ أَشَلُّ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ [قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ، وَلَا شَهَادَتُهُ] هَذَا وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّهَادَةِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامَةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ جَوَازِ إمَامَةِ الْفَاسِقِ، وَهُوَ خِلَافُ الرَّاجِحِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا جَائِزَةٌ بِمَعْنَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَرَامٍ بَلْ هِيَ مَكْرُوهَةٌ وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الْكَرَاهَةَ فِي جَانِبِ الْإِمَامَةِ.

[قَوْلُهُ: فَهُوَ كَافِرٌ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَيُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ فِي زَمَنِ الِاسْتِتَابَةِ [قَوْلُهُ: وَالْعَدْلُ الْوَاجِبُ إلَخْ] الرَّاجِحُ أَنَّهُ يَقْصُرُ الْعَدْلَ عَلَى الْمَبِيتِ فَقَطْ، وَأَمَّا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ فَحَالُهُمَا لَا يَخْتَلِفُ تَعَدَّدَتْ الزَّوْجَاتُ أَوْ لَا [قَوْلُهُ: فَالشَّرِيفَةُ بِقَدْرِ مِثْلِهَا] مَعَ اعْتِبَارِ وُسْعِهِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ وَالدَّنِيَّةُ بِقَدْرِ مِثْلِهَا أَيْ مَعَ اعْتِبَارِ وُسْعِهِ أَيْضًا، فَإِذَا كَانَتْ لِدَنَاءَتِهَا لَا تَتَعَاطَى أَكْلَ اللَّحْمِ وَتَزَوَّجَهَا غَنِيٌّ يَقْدِرُ عَلَى الضَّأْنِ لِغِنَاهُ فَيُطْعِمُهَا لَحْمَ الْبَقَرِ فَقَدْ اعْتَبَرَ حَالَهَا وَحَالَهُ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ فِي الْوَطْءِ] ، وَلَا فِي الْمَحَبَّةِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْإِقْبَالِ وَالنَّظَرِ وَالْمُفَاكَهَةِ بِالْكَلَامِ [قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّرَ نَفْسَهُ إلَخْ] أَيْ إنْ كَانَ يَكُفُّ عَنْهَا بَعْدَ مَيْلِهِ لِلْوَطْءِ لِتَوَفُّرِ لَذَّتِهِ، وَقُوَّتِهِ إلَى غَيْرِهَا فَهَذَا حَرَامٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْكَفِّ، وَيُحْمَلُ عِنْدَ الْكَفِّ عَلَى قَصْدِ الْإِضْرَارِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحَظْ ذَلِكَ وَقْتَ الْكَفِّ؛ لِأَنَّ الْكَفَّ مَظِنَّةُ قَصْدِ الضَّرَرِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَقْسِمُ بِيَوْمَيْنِ] أَيْ فَأَقَلُّ الْمُدَّةِ الَّتِي لَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا، وَلَا نَقْصَ عَنْهَا إلَّا بِرِضَاهُنَّ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالْبُدَاءَةُ نَدْبًا بِاللَّيْلِ، وَيُكَمِّلُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَيُقِيمُ الْقَادِمُ مِنْ سَفَرِهِ عِنْدَ أَيَّتِهِنَّ أَحَبَّ، وَلَا يَحْسِبُ، وَيَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اللَّيْلُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْزِلَ عِنْدَ الَّتِي خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا أَيْ لِيُكْمِلَ لَهَا يَوْمَهَا [قَوْلُهُ: بِالْجُمُعَةِ أَوْ الشَّهْرِ] الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ؛ لِيَكُونَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ بَدَلًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي يَوْمِهَا] الْمُرَادُ بِيَوْمِهَا نَوْبَتُهَا [قَوْلُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ] أَيْ غَيْرِ الِاسْتِمْتَاعِ أَيْ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي تِلْكَ الْحَاجَةِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَجُوزُ، وَتِلْكَ الْحَاجَةُ كَمُنَاوَلَةِ ثَوْبٍ وَشَبَهِهِ [قَوْلُهُ: وَلَا يَجْلِسُ لِيَتَحَدَّثَ] أَيْ لَا يُقِيمُ عِنْدَ مَنْ دَخَلَ بِهَا إلَّا لِعُذْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ كَاقْتِضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَجْرٍ لَهَا، وَهَذَا إذَا كَانَتَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِبَلَدَيْنِ فِي حُكْمِ الْوَاحِدَةِ، أَيْ بِأَنْ يَرْتَفِقَ أَهْلُ كُلٍّ بِالْأُخْرَى، وَأَمَّا إنْ كَانَتَا بِبَلَدَيْنِ لَا فِي حُكْمِ الْوَاحِدَةِ فَلَهُ الدُّخُولُ عَلَى ضَرَّتِهَا يَوْمَهَا لِسَفَرِهِ لَهَا بِبَلَدِهَا، وَوَطِئَهَا بَقِيَّةَ نَهَارِ الَّتِي سَافَرَ مِنْ عِنْدِهَا، وَعَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَهُمَا بِجُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ، وَلَا يَزِيدُ مُدَّةَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى إلَّا لِمَصْلَحَةٍ كَتَجْرٍ.

[قَوْلُهُ: وَيُقْضَى عَلَيْهِ أَنْ يُسْكِنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتٍ] أَيْ وَأَمَّا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهُنَّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَنْزِلٌ مُسْتَقِلٌّ بِمَرَافِقِهِ وَمَنَافِعِهِ مِنْ كَنِيفٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>