للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ تَضَعْ وَالْمُعْتَدَّةُ بِالشُّهُورِ) ، وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ وَالْيَائِسَةُ تَرْجِعُ (مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ) وَعِدَّةُ الْأُولَى سَنَةٌ وَالثَّانِيَةُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ تَسْتَقْبِلُهَا بِالْأَهِلَّةِ. (وَالْأَقْرَاءُ) جَمْعُ قُرْءٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّهَا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ (هِيَ الْأَطْهَارُ) وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هِيَ الْحَيْضُ (سُؤَالٌ) أَوْرَدَتْهُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ تَعْتَدُّ بِقُرْأَيْنِ وَبَعْضِ قُرْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُطَلِّقُهَا فِي آخِرِ الطُّهْرِ أَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى قُرْأَيْنِ وَبَعْضِ قُرْءٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ شَهْرَانِ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ.

(وَيُنْهَى) بِمَعْنَى وَنُهِيَ نَهْيَ تَحْرِيمٍ (أَنْ يُطَلِّقَ) الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، وَهِيَ (فِي الْحَيْضِ فَإِنْ طَلَّقَ لَزِمَهُ) لِمَا صَحَّ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

الطَّلَاقِ لَا الرَّجْعَةِ.

[قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَضَعْ] أَيْ حَمْلَهَا كُلَّهُ فَتَرْجِعُ بَعْدَ وَضْعِ بَعْضِهِ فَإِنْ وَضَعَتْ جَمِيعَهُ انْقَضَتْ، وَلَا رَجْعَةَ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِمَا أَسْقَطَتْهُ مِمَّا يَعْلَمُ النِّسَاءُ أَنَّهُ وُلِدَ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً أَوْ دَمٌ مُنْعَقِدٌ، فَإِذَا أَشْكَلَ أَمْرُهُ هَلْ هُوَ وَلَدٌ أَوْ دَمٌ اُخْتُبِرَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، فَإِنْ كَانَ دَمًا انْحَلَّ، وَإِنْ كَانَ وَلَدًا لَا يَزِيدُ ذَلِكَ إلَّا شِدَّةً قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ.

تَتِمَّةٌ: لَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْمَرْأَةِ بِمَوْتِ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِذَلِكَ، وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ مَوْتِ الزَّوْجِ، ثُمَّ خَرَجَ الْبَعْضُ الْآخَرُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ خَلِيلٍ مِنْ قَوْلِهِ إنْ زَايَلَهَا كُلُّهُ حَيَّةً انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ بَقِيَّتِهِ ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ. [قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ] أَيْ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ؛ لِأَنَّ الَّتِي تُمَيِّزُ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ مِنْ الْقُصُورِ، إذْ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ الصَّغِيرَةُ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ وَاَلَّتِي تَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِمَرَضٍ أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا سَبَبٍ مِنْ إرْضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ. [قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ] أَيْ مُدَّةُ عَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا. [قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ الْأُولَى سَنَةٌ إلَخْ] فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا هِيَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَالتِّسْعَةُ أَشْهُرٍ الَّتِي قَبْلَهَا إنَّمَا هِيَ اسْتِبْرَاءٌ، لِزَوَالِ الرِّيبَةِ، وَمِثْلَ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الَّتِي تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِمَرَضٍ أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا سَبَبٍ.

[قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ] وَمِثْلُهَا الصَّغِيرَةُ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ وَلَا فَرْقَ فِي الِاعْتِدَادِ بِالشُّهُورِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، كَالِاعْتِدَادِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ بِالْأَقْرَاءِ. [قَوْلُهُ: تَسْتَقْبِلُهَا بِالْأَهِلَّةِ] هَذَا إذَا طَلُقَتْ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَأَمَّا إنْ طَلُقَتْ فِي بَعْضِ شَهْرٍ، فَإِنَّهُ يُكَمَّلُ بِالْعَدَدِ، وَيُلْغَى يَوْمُ الطَّلَاقِ. [قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَاءُ] أَيْ فِي الْآيَةِ لَا فِي الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ. [قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ إلَخْ] أَيْ وَعَلَى الضَّمِّ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ جُمْهُورُ اللُّغَةِ عَلَى الْفَتْحِ فَالضَّمُّ مَرْجُوحٌ أَفَادَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. [قَوْلُهُ: وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إلَخْ] وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ حِلُّهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ الْأَخِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَطْهَارُ وَعَدَمُ حِلِّهَا حَتَّى تَتِمَّ الْحَيْضَةُ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَاءِ الْحَيْضُ. [قَوْلُهُ: أَوْرَدَتْهُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمَالِكِيَّةِ] ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يُطَلِّقُهَا فِي آخِرِ الطُّهْرِ] بَلْ مَتَى طَلَّقَهَا فِي أَثْنَاءِ الطُّهْرِ تَحَقَّقَتْ الْبَعْضِيَّةُ، فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْآخَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ نَصَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ. [قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ] أَيْ فَهُوَ مَجَازٌ، وَهُوَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَرِينَةٍ، وَأَيْنَ الْقَرِينَةُ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ عَلَى نِزَاعٍ، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ إلَخْ، بِقَرِينَةِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فِي قَوْله تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أَيْ: فِي عِدَّتِهِنَّ» بِأَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى وَنَهَى إلَخْ] إنَّمَا قَدَرَهُ بِنَهَى لِتَقَدُّمِ النَّهْيِ مِنْ الشَّارِعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى التَّحْرِيمِ إلَّا أَنَّ النَّهْيَ الَّذِي كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ مُتَعَلِّقٌ بِابْنِ عُمَرَ، وَهَذَا نَهْيٌ عَامٌّ، وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّهْيَ الْمُتَقَدِّمَ بِابْنِ عُمَرَ نَهْيٌ لِغَيْرِهِ. [قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْحَيْضِ] أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ يُرِيدُ وَكَذَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ، وَقَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ إنْ عَدِمَتْ الْمَاءَ إلَّا أَنَّهُ إنْ طَلَّقَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: لِمَا صَحَّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ إلَخْ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَالنَّهْيُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ، إلَخْ أَيْ فَالنَّهْيُ مِنْ الْحَدِيثِ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَاسْمُ الْمَرْأَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>