للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْلَاهَا خَادِمٌ أَوْ نَفَقَةٌ، وَأَدْنَاهَا كِسْوَةٌ بَعْضُهُمْ يَعْنِي بِالنَّفَقَةِ مَا يَقْرَبُ مِنْ ثَمَنِ الْخَادِمِ وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُجْبَرُ) إذْ الْمُسْتَحَبُّ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ مَنْ أَبَاهُ وَقَيَّدْنَا بِلَازِمٍ احْتِرَازًا مِنْ ذَاتِ الْعَيْبِ. إذَا رُدَّتْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا غَارَّةٌ وَوَقْتُ الْمُتْعَةِ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ ذَلِكَ زَوْجَةٌ، وَفِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ بِإِثْرِ الطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ مُسْتَحَبَّةً بَعْدَهُ تَسْلِيَةً لِلْفِرَاقِ وَتَطْيِيبًا لِنَفْسِهَا، وَيَدُلُّ لِلِاسْتِحْبَابِ تَقْيِيدُهُ تَعَالَى الْآيَةَ مَرَّةً بِالْإِحْسَانِ وَمَرَّةً بِالتَّقْوَى.

وَلَمَّا كَانَ كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ طَلَّقَ يُمَتِّعُ وَكَانَ لَهُمْ مَسَائِلُ لَا مُتْعَةَ فِيهَا رَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ فَقَالَ: (وَاَلَّتِي) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ الَّتِي (لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَ) الْحَالُ أَنَّهُ كَانَ (قَدْ فَرَضَ لَهَا) صَدَاقًا (فَ) إنَّهُ (لَا مُتْعَةَ لَا) ؛ لِأَنَّهَا قَدْ أَخَذَتْ نِصْفَ الصَّدَاقِ مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ يَفْرِضْ لَهَا فَإِنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَا (وَ) كَذَلِكَ (لَا) مُتْعَةَ (لِلْمُخْتَلِعَةِ) ؛ لِأَنَّهَا قَدْ دَفَعَتْ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا لِأَجْلِ فِرَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا كَرَاهِيَةً فِيهِ، فَلَا أَلَمَ عِنْدَهَا الْمَطْلُوبُ رَفْعُهُ بِإِعْطَاءِ الْمُتْعَةِ، وَبَقِيَّةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا مُتْعَةَ فِيهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسْأَلَةٍ كَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهَا عَقِبَ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَهِيَ (وَإِنْ مَاتَ) الزَّوْجُ (عَنْ) زَوْجَتِهِ (الَّتِي لَمْ يَفْرِضْ لَهَا) صَدَاقًا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَبْنِ بِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ مِنْهُ) اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ صَحَّ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا (وَ) لَكِنْ (لَا صَدَاقَ لَهَا) عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ فَرَضَ لَهَا كَانَ لَهَا الصَّدَاقُ أَيْضًا، وَهَذَا إذَا فَرَضَ لَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَأَدْنَاهَا كِسْوَةٌ] هَذَا فِي الَّذِي لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِحَالِهِ، وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ فِي كَوْنِ الزَّوْجِ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا مَرَضًا مَخُوفًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أُمِرَ بِهَا فِي مُقَابَلَةِ كَسْرِ الْمُطَلَّقَةِ لَمْ يَكُنْ تَبَرُّعًا وَلِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا. وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْكِسْوَةِ هَلْ قَمِيصٌ وَخِمَارٌ أَوْ قَمِيصٌ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. [قَوْلُهُ: مَا يَقْرَبُ مِنْ ثَمَنِ الْخَادِمِ] وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كَوْنِهَا مِنْ أَوْسَطِ الرَّقِيقِ وَانْظُرْ مَا أَرَادَ بِالْقُرْبِ.

وَالظَّاهِرُ مَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ، وَفِي الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُرَادَ نَفَقَةٌ تُسَاوِي قِيمَةَ خَادِمٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَانُهَا مَعَ الْخَادِمِ. اهـ. [قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ تَأْكِيدٌ إلَخْ] وَالْجَوَابُ أَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ اسْتِعْمَالٍ يَنْبَغِي فِي الْوُجُوبِ، كَمَا اتَّفَقَ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ، وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ وَجَوَارِحَهُ، أَوْ لِتَأْكِيدِ الرَّدِّ عَلَى ابْنِ مَسْلَمَةَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالْأَبْهَرِيِّ فِي قَوْلِهِمْ بِفَرْضِيَّتِهَا كَالشَّافِعِيِّ. [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ ذَاتِ الْعَيْبِ] ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِهِ الْعَيْبُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا مُتْعَةَ لَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ مِنْ جِهَتِهَا قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: وَفِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ بِإِثْرِ الطَّلَاقِ] فَلَوْ رَدَّهَا لِعِصْمَتِهِ قَبْلَ دَفْعِهَا لَهَا فَإِنَّهَا تَسْقُطُ، وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا. [قَوْلُهُ: تَقْيِيدُهُ] ؛ لِأَنَّهُ قَالَ {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ٢٣٦] وَقَالَ {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ٢٤١] وَالتَّعْبِيرُ بِالْإِحْسَانِ صَرَفَ الْحَقَّ عَنْ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُحْسِنِينَ، وَلَا بِالْمُتَّقِينَ، وَأَيْضًا الْحَقُّ قَدْ يُرَادُ بِهِ الثَّابِتُ الْمُقَابِلُ لِلْبَاطِلِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا قَدْ دَفَعَتْ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا] أَيْ أَوْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ غَيْرِهَا وَرَضِيَتْ بِهِ، وَإِلَّا فَلَهَا الْمُتْعَةُ قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: وَبَقِيَّةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا مُتْعَةَ فِيهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ] فَمِنْ الَّذِي لَا مُتْعَةَ فِيهِ الْمُخَيَّرَةُ وَالْمُمَلَّكَةُ وَالْمُعْتَقَةُ تَحْتَ الْعَبْدِ تَخْتَارُ الْفِرَاقَ أَوْ الَّتِي مَلَكَتْ زَوْجَهَا أَوْ مَلَكَهَا، بِخِلَافِ الَّتِي اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ لِتَزْوِيجٍ عَلَيْهَا أَوْ لِعِلْمِهَا بِوَاحِدَةٍ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ، فَإِنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِسَبَبِهِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْأَصْلِ الْكَبِيرَ؛ لِأَنَّهُ أَحَالَهَا فِي التَّحْقِيقِ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ صَحَّ التَّوَارُثُ] أَيْ؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ فِي الصِّحَّةِ، وَأَمَّا لَوْ عَقَدَ فِي مَرَضِهِ وَفَرَضَ فِيهِ فَلِزَوْجَتِهِ الْمُسَمَّى الَّذِي فَرَضَهُ سَوَاءٌ دَخَلَ أَمْ لَا، زَادَ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ أَمْ لَا مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ.

وَمَحِلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْحُرِّ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّ مَا فَرَضَهُ فِي مَرَضِهِ صَحِيحٌ لَازِمٌ لَيْسَ بِوَصِيَّةٍ بَلْ هُوَ صَدَاقٌ، وَلَا يُقَالُ: هُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مُسْتَنِدٌ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ عَنْ تَقْرِيرِهِ. [قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا صَدَاقَ لَهَا عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ] ، وَقِيلَ لَهَا الصَّدَاقُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ. [قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>