فِي حَالِ الصِّحَّةِ أَمَّا إذَا فَرَضَ لَهَا فِي الْمَرَضِ وَكَانَتْ مُسْلِمَةً حُرَّةً فَلَا شَيْءَ لَهَا. ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ لَمْ يَبْنِ لَهَا فَقَالَ: (وَلَوْ دَخَلَ بِهَا) أَيْ الَّتِي مَاتَ عَنْهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا (كَانَ لَهَا) مَعَ الْمِيرَاثِ (صَدَاقُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَوَّتَ عَلَيْهَا سِلْعَتَهَا، وَالسِّلْعَةُ الْفَائِتَةُ إنَّمَا تَجِبُ فِيهَا الْقِيمَةُ، وَهِيَ هُنَا صَدَاقُ الْمِثْلِ (إنْ لَمْ تَكُنْ رَضِيَتْ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ) ع أَرَادَ إنْ لَمْ تَكُنْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إلَّا أَنَّ فِي تَنْزِيلِهِ عَلَى اللَّفْظِ صُعُوبَةً.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى عُيُوبٍ تُوجَدُ فِي الْمَرْأَةِ يَثْبُتُ لِلزَّوْجِ رَدُّ الْمَرْأَةِ بِهَا، فَقَالَ: (وَتُرَدُّ الْمَرْأَةُ مِنْ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ) بِالْفَتْحِ بَيَاضٌ مَعْرُوفٌ وَعَلَامَتُهُ أَنْ يُعْصَرَ فَلَا يَحْمَرَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ ثُبُوتُ الرَّدِّ بِهِ، وَلَوْ قَلَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(وَ) تُرَدُّ الْمَرْأَةُ بِ (دَاءِ الْفَرْجِ) ، وَهُوَ مَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ أَوْ لَذَّتَهُ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ. الْقَرْنُ بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَفَتْحِهَا لَحْمَةٌ تَكُونُ فِي فَمِ الْفَرْجِ، وَالرَّتَقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالتَّاءِ، وَهُوَ الْتِحَامُ الْفَرْجِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ
ــ
[حاشية العدوي]
وَكَانَتْ مُسْلِمَةً حُرَّةً] أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً فَقِيلَ لَهَا ذَلِكَ فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَتُحَاصِصُ بِهِ أَهْلَ الْوَصَايَا فِي الثُّلُثِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ، وَقِيلَ بِالْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا فُرِضَ لِأَجْلِ الْوَطْءِ وَلَمْ يَحْصُلْ؛ فَلَيْسَ مَا وَقَعَ مِنْهُ وَصِيَّةً بَلْ صَدَاقٌ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يُونُسَ، وَهُوَ أَحْسَنُ.
[قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهَا] أَيْ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ فَتَبْطُلُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ فَتَكُونُ مِنْهُمْ لِلْمُوصَى لَهُ، وَلَا وَصِيَّةَ. [قَوْلُهُ: أَرَادَ إنْ لَمْ تَكُنْ إلَخْ] أَيْ حَيْثُ كَانَتْ رَشِيدَةً فَيَجُوزُ لَهَا الرِّضَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا فِي الْمَحْجُورَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا بَعْدَهُ، حَيْثُ كَانَ الرِّضَا قَبْلُ لِمَصْلَحَةٍ، وَأَمَّا الْمُهْمَلَةُ وَمُحَقَّقَةُ السَّفَهِ فَلَيْسَ لَهُمَا الرِّضَا بِهِ مُطْلَقًا، وَلَا يَلْزَمُهُمَا إنْ رَضِيَا بِهِ، وَلَهُمَا الرَّدُّ بَعْدَ الرُّشْدِ كَالْحَاكِمِ قَبْلَهُ. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ فِي تَنْزِيلِهِ عَلَى اللَّفْظِ صُعُوبَةً] وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ تَكُنْ رَضِيَتْ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ ظَاهِرُهُ، إنْ لَمْ تَكُنْ رَضِيَتْ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ سَمَّاهُ لَهَا مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَا فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ، فَالْمُرَادُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ إنْ لَمْ تَرْضَ بِدُونِهِ حَيْثُ كَانَتْ رَشِيدَةً عَلَى مَا بَيَّنَّا.
[قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ الْمَرْأَةُ مِنْ الْجُنُونِ] مُطْبِقًا أَمْ لَا أَيْ جُنُونٍ سَابِقٍ عَلَى الْعَقْدِ، إلَّا أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْجُنُونِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ، وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِالْخِيَارِ، أَوْ بِأَنَّ التَّلَذُّذَ يَقْطَعُ الْخِيَارَ وَغَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ إنْ فَارَقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ كَانَ السَّالِمُ صَغِيرًا. [قَوْلُهُ: وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ] أَيْ الْمُحَقَّقِينَ لَا إنْ شَكَّ فَلَا فُرْقَةَ. [قَوْلُهُ: بَيَاضٌ مَعْرُوفٌ] ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ لَا رَدَّ بِالْبَرَصِ الْأَسْوَدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ إلَّا رَدًّا مِنْ الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجُذَامِ، وَيُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ، وَلَا خِيَارَ بِالْبَهَقِ. [قَوْلُهُ: فَلَا يَحْمَرُّ] بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ لَا يَحْمَرُّ؛ لِكَوْنِ الدَّمِ قَدْ ذَهَبَ، وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ، وَإِذَا نُخِسَ الْبَرَصُ بِإِبْرَةٍ خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ وَمِنْ الْبَهَقِ دَمٌ. اهـ.
[قَوْلُهُ: وَعَلَامَتُهُ أَنْ يُعْصَرَ] وَعَلَامَةُ الْأَسْوَدِ التَّفْلِيسُ أَيْ يُشْبِهُ قِشْرَهُ لِكَوْنِهِ مُدَوَّرًا الْفُلُوسَ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ] حَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْبَرَصَ إذَا كَانَ فِي الْمَرْأَةِ فَهُوَ اتِّفَاقٌ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا، فَانْظُرْ قَوْلَ الشَّارِحِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمُفِيدِ أَنَّهَا ذَاتُ خِلَافٍ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي جُذَامٍ وَبَرَصٍ، وَمِثْلُهُمَا جُنُونٌ، بِالْمَرْأَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ لَا بَعْدَهُ، وَحَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجُذَامَ وَالْبَرَصَ وَمِثْلُهُمَا الْجُنُونُ إذَا كَانَ الْوَاحِدُ مِنْهَا بِالْمَرْأَةِ فَلَا تَرُدُّ إلَّا إذَا كَانَ سَابِقًا عَلَى تَمَامِ الْعَقْدِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، بِشَرْطِ التَّحَقُّقِ لَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا رَدَّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَاحِدُ مِنْهَا بِالرَّجُلِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَيُرَدُّ مُطْلَقًا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْجُذَامِ مُطْلَقًا وَفِي الْبَرَصِ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا إنْ حَدَثَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُتَفَاحِشًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِ الرَّجُلِ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْفِرَاقِ دُونَهَا.
[قَوْلُهُ: لَحْمَةٌ تَكُون فِي فَمِ الْفَرْجِ] بِفَتْحِ اللَّامِ الْقِطْعَةُ مِنْ اللَّحْمِ، وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَالْقَرَابَةُ اُنْظُرْ الْقَامُوسَ أَيْ لَحْمَةٌ تُشْبِهُ قَرْنَ الشَّاةِ فَيَسْهُلُ عِلَاجُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute