للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَنْصِيصُهُ عَلَى الْأَبِ وَالْأَخِ لَيْسَ لِلِاخْتِصَاصِ بَلْ مُرَادُهُ بِذَلِكَ كُلُّ وَلِيٍّ قَرِيبٍ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ عَيْبُ الْمَرْأَةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ خَبَرُهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَحْلِفُ مَا عَلِمَ بِهِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْغُرْمُ، وَيَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَيَتْرُكُ لَهَا رُبُعَ دِينَارٍ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذِكْرِ الْأَبِ وَالْأَخِ الِاخْتِصَاصَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ لَيْسَ بِقَرِيبِ الْقَرَابَةِ) أَيْ بَعِيدٍ كَابْنِ الْعَمِّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ رَجَعَ عَلَيْهِ كَالْقَرِيبِ وَحَيْثُ قُلْنَا لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَعِيدِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ (وَلَا يَكُونُ لَهَا) مِنْهُ (إلَّا رُبُعُ دِينَارٍ) لِئَلَّا يُعَرَّى الْبُضْعُ عَنْ بَدَلٍ.

وَ (تَتْمِيمٌ) . وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ لِلْمَرْأَةِ الرَّدُّ إذَا وَجَدَتْ بِالرَّجُلِ الْجُنُونَ وَالْجُذَامَ وَالْبَرَصَ وَدَاءَ الْفَرْجِ، وَهُوَ جَبُّهُ وَخِصَاؤُهُ وَعُنَّتُهُ وَاعْتِرَاضُهُ، فَالْجَبُّ قَطْعُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، وَالْخِصَاءُ قَطْعُ أَحَدِهِمَا وَالْعُنَّةُ فَرْطُ صِغَرِ الذَّكَرِ وَالِاعْتِرَاضُ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَطْءِ لِعِلَّةٍ.

وَإِلَى حُكْمِهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَيُؤَجَّلُ الْمُعْتَرَضُ سَنَةً) مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ ظَاهِرُهُ حُرًّا كَانَ أَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

دِينَارٍ، وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْوَلِيِّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ رُبُعَ دِينَارٍ، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْوَلِيُّ لِئَلَّا يُعَرِّيَ الْبُضْعَ عَنْ صَدَاقٍ، وَكَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، أَعْنِي مَا إذَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا مَثَلًا، وَلَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً الْعَقْدَ. [قَوْلُهُ: بَلْ مُرَادُهُ بِذَلِكَ كُلُّ وَلِيٍّ قَرِيبٍ] أَيْ كَالْجَدِّ إذْ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْجَدَّ مِنْ قَرِيبِ الْقَرَابَةِ. [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ] هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيمَا ذَكَرَ تَقْيِيدًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

[قَوْلُهُ: كَابْنِ الْعَمِّ] ، وَأَمَّا الْعَمُّ فَكَالْأَخِ [قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ] يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ الْبَعِيدَ إذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَكَتَمَهُ عَنْ الزَّوْجِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَلِيِّ الْقَرِيبِ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ، فَقَطْ إنْ كَانَتْ غَائِبَةً وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهَا إنْ زَوَّجَهَا بِحُضُورِهَا كَاتِمِينَ وَلِ عج هُنَا أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ مِمَّا يُعْلَمُ بِالدُّخُولِ كَالْعَقْلِ، فَإِنَّ حُكْمَ الْوَلِيِّ الْقَرِيبِ فِيهِ كَالْبَعِيدِ وَتَأَمَّلْهُ فَإِنْ تَنَازَعَ الزَّوْجُ مَعَ الْوَلِيِّ الْبَعِيدِ فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ، فَالْقَوْلُ لِلْوَلِيِّ الْبَعِيدِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَيْبَهَا فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ لِلزَّوْجِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ فِي دَعْوَى الْإِتْهَامِ، وَبَعْدَ حَلِفِهِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ، وَإِذَا بَرِئَ الْوَلِيُّ إمَّا بِحَلِفِهِ أَوْ بِنُكُولِ الزَّوْجِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ فَإِنَّهُ يُضَيِّعُ الصَّدَاقَ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا إذَا لَمْ يَبْرَأْ الْوَلِيُّ، وَأَعْسَرَ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهَا.

[قَوْلُهُ: وَالْخِصَاءُ قَطْعُ أَحَدِهِمَا] لَكِنْ إذَا كَانَ مَقْطُوعَ الْأُنْثَيَيْنِ قَائِمَ الذَّكَرِ فَيُشْتَرَطُ، أَنْ يَكُونَ لَا يُمْنِي فَإِنْ أَمْنَى فَلَا رَدَّ، وَلَا تُرَدُّ الْعَقِيمُ، وَسَلُّ الْأُنْثَيَيْنِ كَقَطْعِهِمَا، وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ كَقَطْعِ الذَّكَرِ وَمِمَّا يَرُدُّ بِهِ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ الْعِذْبَطَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهِيَ الْحَدَثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا، وَلَا رَدَّ بِالرِّيحِ وَفِي الْبَوْلِ فِي الْفُرُشِ قَوْلَانِ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْحَطَّابِ تَرْجِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَيَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ إذَا كَانَ الْبَرَصُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ بِسَبَبِ الْجِمَاعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ جُنُونَ كُلٍّ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِكُلِّ وَاحِدٍ الْعَذْيَطَةُ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا فِي بَعْضُ الشُّرَّاحِ. [قَوْلُهُ: فَرْطُ] أَيْ شِدَّةُ صِغَرِ الذَّكَرِ.

تَتِمَّةٌ: لَا رَدَّ بِجُذَامٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأُصُولِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَإِذَا تَنَازَعَا فِي الْعِلْمِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِي الرِّضَا بِهِ فَإِنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعِلْمَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ الْخِيَارُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَسَقَطَ الْخِيَارُ وَانْظُرْ لَوْ نَكَلَا.

[قَوْلُهُ: وَيُؤَجَّلُ الْمُعْتَرَضُ سَنَةً] أَيْ إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ وَطْءٌ لَهَا كَانَ الِاعْتِرَاضُ سَابِقًا عَلَى الْعَقْدِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ، فَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ وَطْءٌ لَهَا ثُمَّ اعْتَرَضَ فَتِلْكَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا وَكَذَا خِصَاءٌ أَوْ جَبٌّ أَوْ كِبَرُ أُدْرَةٍ أَوْ هَرَمٌ حَدَثَ بَعْدَ الْوَطْءِ حَيْثُ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ، وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَتْهُ فَوَجَدَتْهُ كَبِيرَ الْأُدْرَةِ فَإِنْ مَنَعَتْ الْوَطْءَ فَلَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>