للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدًا، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَحَكَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْهُ يُؤَجَّلُ الْعَبْدُ نِصْفَ سَنَةٍ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ (فَإِنْ وَطِئَ) فِي الْأَجَلِ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهِ (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) إذَا تَقَارَرَا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ فِي الْأَجَلِ (إنْ شَاءَتْ) بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ مِنْ الْقَاضِي بَائِنٌ إلَّا طَلَاقَ الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ وَالْمَوْلَى.

(وَالْمَفْقُودُ) الَّذِي فُقِدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَوْضِعٌ فِي غَيْرِ مَجَاعَةٍ وَلَا وَبَاءَ، إذَا كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ

ــ

[حاشية العدوي]

الْخِيَارُ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لَا رَدَّ لَهَا بِالْحَادِثِ مِنْ جَبٍّ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الْوَطْءِ حَيْثُ لَمْ تَخْشَ عَلَى نَفْسِهَا الزِّنَا، وَإِلَّا فَلَهَا التَّطْلِيقُ؛ لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ التَّطْلِيقَ بِالضَّرَرِ الثَّابِتِ، وَلَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، وَقَوْلُهُ سَنَةً أَيْ سَنَةً بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ فَلَا يُؤَجَّلُ، وَهُوَ بِالْمَرَضِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَرَضِ الطَّارِئِ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ السَّنَةِ أَوْ بَعْضَهَا، وَهَذَا إذَا تَرَافَعَا لِلْحَاكِمِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَرَافَعَا وَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَمِنْ يَوْمِ التَّرَاضِي كَمَا قَالَهُ بَهْرَامُ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ] ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَيْ يُؤَجَّلُ نِصْفَ سَنَةٍ بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ كَانَ ذَا شَائِبَةٍ أَوْ لَا، إلَّا أَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي ذَكَرُوهَا لِلتَّأْجِيلِ، وَهِيَ إمْرَارُ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ إذْ رُبَّمَا أَثَّرَ الدَّوَاءُ فِي فَصْلٍ مَوْجُودَةٍ فِي الْعَبْدِ [قَوْلُهُ: إذَا تَقَارَرَا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ] أَيْ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْوَطْءَ، وَأَنْكَرَتْهُ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَ الْأَجَلِ أَنَّهُ وَطِئَ فِي الْأَجَلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ بَقِيَتْ زَوْجَةً، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْوَطْءَ بَعْدَهَا لَمْ يُصَدَّقْ قَطْعًا وَلِلْمُوَازِيَةِ كَلَامٌ آخَرُ لَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضٌ مِنْ شُرَّاحِ خَلِيلٍ.

[قَوْلُهُ: بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ] اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَتَبَيَّنُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُعْتَرَضُ الْوَطْءَ بِأَنْ صَدَّقَ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ سَكَتَ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ السَّنَةِ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ إنْ اخْتَارَتْهُ الزَّوْجَةُ، فَإِنْ طَلَّقَ فَوَاضِحٌ، وَلَهُ أَنْ يُوقِعَ مَا شَاءَ، وَإِنْ أَبَى فَقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ: أَوَّلُهُمَا أَنَّ الْحَاكِمَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً، وَإِنْ زَادَ لَمْ يَلْزَمْ الزَّائِدُ، وَقِيلَ يَأْمُرُ الْحَاكِمُ الزَّوْجَةَ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فَتُوقِعُهُ، كَأَنْ تَقُولَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنَا طَالِقٌ مِنْك ثُمَّ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ وَفَائِدَةُ حُكْمِ الْحَاكِمِ مَعَ كَوْنِ الطَّلَاقِ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِيَرْفَعَ خِلَافَ مَنْ لَا يَرَى أَمْرَ الْقَاضِي لَهَا بِذَلِكَ إذَا انْتَقَشَ فِي ذِهْنِك، هَذَا يُظْهِرُ لَك عَدَمَ صِحَّةِ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ، وَلَوْ وَقَعَ مِنْ الزَّوْجِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ.

تَنْبِيهٌ: كَمَا يُؤَجَّلُ الْمُعْتَرَضُ الْحُرُّ سَنَةً وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا كَذَلِكَ يُؤَجَّلُ الْمَجْنُونُ وَالْمَجْذُومُ وَالْمُبْرَصُ إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُمْ سَنَةً فِي الْحُرِّ وَنِصْفَهَا فِي الرِّقِّ وَالتَّأْجِيلُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ، لَا فَرْقَ فِيمَا كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَمَا حَدَثَ بَعْدَهُ وَتُعْتَبَرُ السَّنَةُ قَمَرِيَّةً وَسَكَتَ عَنْ النَّفَقَةِ وَانْظُرْهَا فِي شُرُوحِ خَلِيلٍ.

[قَوْلُهُ: الَّذِي فُقِدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ] ، وَأَمَّا مَفْقُودُ أَرْضِ الشِّرْكِ وَمِثْلُهَا زَوْجَةُ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُمَا يَبْقَيَانِ كَمَا هُمَا لِانْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ؛ لِتَعَذُّرِ الْكَشْفِ عَنْ زَوْجَيْهِمَا إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهُمَا، وَإِلَّا فَلَهُمَا التَّطْلِيقُ، كَمَا إذَا خَشِيَا عَلَى نَفْسَيْهِمَا الزِّنَا فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ حُكِمَ بِمَوْتِ مَنْ ذُكِرَ وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ عِدَّةَ وَفَاةٍ، وَيُقَسَّمُ مَالُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ حِينَئِذٍ لَا عَلَى وَرَثَتِهِ حِينَ الْفَقْدِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ، فَالْمُعْتَبَرُ وَرَثَتُهُ يَوْمَ الْمَوْتِ فَإِنْ جَاءَ بَعْدَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ فَإِنَّ الْقَسْمَ لَا يَمْضِي وَتَرْجِعُ لَهُ أَمْتِعَتُهُ، وَأَمَّا الْمَفْقُودُ فِي مُعْتَرَكِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَنَّهُ حَضَرَ الْمُعْتَرَكَ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ، وَيُقَسَّمُ مَالُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ، وَالِاسْتِقْصَاءِ فِي الْكَشْفِ عَنْهُ، وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ فَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ الْجَيْشِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كَالْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا الْمَفْقُودُ فِي الْقِتَالِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ كَائِنَةٍ بَعْدَ الْفَحْصِ عَنْ حَالِهِ، وَيُورَثُ مَالُهُ حِينَئِذٍ وَبَقِيَ مَنْ شُكَّ فِي حَالِهِ هَلْ فُقِدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْكُفَّارِ.

قَالَ عج يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِالْأَحْوَطِ فَتُعَامَلُ زَوْجَتُهُ مُعَامَلَةَ زَوْجِ مَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ [قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَجَاعَةٍ، وَلَا وَبَاءٍ] الْوَبَاءُ كُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>