للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهَا تَرْفَعُ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ لِيَكْشِفَ لَهَا عَنْ خَبَرِهِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا (يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ) أَيْ مُدَّةٌ (أَرْبَعُ سِنِينَ) وَإِنْ كَانَ عَبْدًا يُضْرَبُ لَهُ مُدَّةُ سَنَتَيْنِ وَابْتِدَاءُ ضَرْبِ الْأَجَلِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ عِنْدَ ابْنِ الْحَكَمِ ك، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الشَّيْخِ (مِنْ يَوْمَ تَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ، وَيَنْتَهِي الْكَشْفُ عَنْهُ) قُلْت: وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ مُشْكِلَةٌ وَلِهَذَا أَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ يَوْمِ تَرْفَعُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَيَنْتَهِي الْكَشْفُ عَنْهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَكُونُ الْوَاوُ

ــ

[حاشية العدوي]

مَرَضٍ عَامٍّ، وَقَالَ بَعْضٌ هُوَ مَرَضُ الْكَثِيرِ مِنْ النَّاسِ فِي جِهَةٍ دُونَ سَائِرِ الْجِهَاتِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ، فَنَقُولُ مَفْهُومُ فِي غَيْرِ مَجَاعَةٍ أَنَّ مَنْ فُقِدَ فِي مَجَاعَةٍ أَوْ وَبَاءٍ الَّذِي مِنْهُ الطَّاعُونُ وَالسُّعَالُ وَنَحْوُهُمَا، فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَهَابِ ذَلِكَ وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَرْفَعُ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ] الْمُرَادُ بِالْحَاكِمِ الْقَاضِي كَانَ قَاضِي أَنْكِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَأَوْلَى قَاضِي الْجَمَاعَةِ وَالْوَالِي، وَهُوَ قَاضِي الشُّرْطَةِ أَيْ السِّيَاسَةِ وَوَالِي الْمَاءِ أَيْ الَّذِي يَأْخُذُ الزَّكَاةَ، وَسُمُّوا وُلَاةَ الْمِيَاهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى الْمِيَاهِ، وَالثَّلَاثَةُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنَّ الْقَاضِيَ أَحْوَطُ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ الْمَرْأَةُ وَاحِدًا مِمَّنْ ذُكِرَ، فَتَرْفَعُ أَمْرَهَا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ كَافٍ.

هَذَا مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَاعْتَمَدَهُ وَالسُّلْطَانُ مِثْلُ الْقَاضِي بَلْ قَدَّمَهُ فِي التَّحْقِيقِ فِي اللَّفْظِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فَتَرْفَعُ لِلسُّلْطَانِ وَالْقَاضِي إلَخْ، وَقَرَّرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَاضِي مَوْجُودًا، فَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَرْفَعَ لِلْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ، فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ فِي الرَّفْعِ إمَّا لِلْوَالِي أَوْ وَالِي الْمَاءِ، لَكِنْ لَوْ رَفَعَتْ لَهُمَا مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي أَجْزَأَ، وَأَمَّا جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ الرَّفْعُ لَهُمْ مَعَ وُجُودِ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي مَوْجُودًا فَلَا يُجْزِئُ.

وَأَمَّا لَوْ رَفَعَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِ الْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ فَيُجْزِئُ، وَوُجُودُ الْقَاضِي أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ ذُكِرَ مَعَ كَوْنِهِ يَجُوزُ أَوْ يَأْخُذُ الْمَالَ الْكَثِيرَ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِهِ فَتَرْفَعُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَاعْتَمَدَ عج أَنَّهُمْ جَمِيعُ الْبَلَدِ أَوْ مُعْظَمُهُمْ، وَقِيلَ يَكْفِي اثْنَانِ قَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ: وَلَا بُدَّ فِي جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْعَدَالَةِ [قَوْلُهُ: لِيَكْشِفَ لَهَا عَنْ خَبَرِهِ] حَاصِلُهُ أَنَّهَا تَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ وَغَيْبَةُ الزَّوْجِ وَالْبَقَاءُ فِي الْعِصْمَةِ إلَى الْآنَ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُ كَتَبَ كِتَابًا مُشْتَمِلًا عَلَى اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَصِفَتِهِ إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي يَظُنُّ وُجُودَهُ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ وُجُودَهُ فِي بَلَدٍ بِعَيْنِهِ كَتَبَ إلَى الْبَلَدِ الْجَامِعِ، وَأُجْرَةُ الْبَعْثِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الطَّالِبَةُ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِي وَاخْتَارَ شَيْخُهُ الْغُبْرِينِيُّ أَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ وَالثَّانِي إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَإِذَا عَادَ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ مَوْضِعِهِ ضُرِبَ لَهَا الْأَجَلُ أَرْبَعٌ أَوْ سَنَتَانِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالرَّاجِحُ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ تَعَبُّدٌ وَمَحِلُّ التَّأْجِيلِ الْمَذْكُورِ مَعَ دَوَامِ النَّفَقَةِ، بِأَنْ يَكُونَ لِلْمَفْقُودِ مَالٌ تُنْفِقُ مِنْهُ، وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَغَيْرَ دَاعِيَةٍ لَهُ قَبْلَ غَيْبَتِهِ، وَمَا فِي النَّفَقَاتِ مِنْ الدُّخُولِ أَوْ اشْتِرَاطِ الدُّعَاءِ لَهُ فَفِي الْحَاضِرَةِ فَقَطْ.

وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالْإِعْسَارِ مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلٍ لَكِنْ بَعْدَ إثْبَاتِ مَا تَقَدَّمَ، وَتَزِيدُ إثْبَاتَ الْعَدَمِ وَاسْتِحْقَاقَهَا لِلنَّفَقَةِ، وَتَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ نَفَقَةَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَلَا أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يُمَكِّنُهَا الْحَاكِمُ مِنْ تَطْلِيقِ نَفْسِهَا بِأَنْ تُوقِعَهُ، وَيَحْكُمُ بِهِ أَوْ يُوقِعَهُ الْحَاكِمُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يَكْفِي فِي الْأَجَلِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَجَلِ بَعْدَ فَرَاغِ مَالِهِ [قَوْلُهُ: مُدَّةٌ أَرْبَعُ] أَيْ مُدَّةٌ هِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ مُدَّةُ سَنَتَيْنِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الشَّيْخِ] أَيْ لِصَدْرِ كَلَامِهِ [قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ تَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ] أَيْ أَوْ الْقَاضِي أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ فَلَا حَذْفَ، وَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: قُلْت وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ مُشْكِلَةٌ] وَجَّهَهُ تت وَذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ انْتِهَاءَ الْكَشْفِ يَتَضَمَّنُ الرَّفْعَ، وَالرَّفْعُ لَا يَتَضَمَّنُ الْكَشْفَ. اهـ.

حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّفْعُ لَا يَتَضَمَّنُ الْكَشْفَ فَيَكُونُ يَوْمُ الرَّفْعِ غَيْرَ يَوْمِ الْكَشْفِ فَيَلْزَمُ التَّنَافِي [قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَوَّلَهَا إلَخْ] وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إنَّ الْوَاوَ فِي، وَيَنْتَهِي بِمَعْنَى مَعَ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الْأَمْرَيْنِ وَالْكَشْفُ عَنْهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الرَّفْعَ وَعَكْسَهُ، فَلِذَا ذَكَرَهُمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا غُبَارَ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ [قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ] ، وَهُوَ الرَّاجِحُ.

[قَوْلُهُ: فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>