بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ، أَوْ بِطَلْقَتَيْنِ رِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَعَلَى الْأُولَى أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَعَلَيْهَا لَوْ عَتَقَ زَوْجُهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ بَائِنَةٌ، وَلِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا شُرُوطٌ أَنْ يَكُونَ عِتْقُهَا كَامِلًا نَاجِزًا وَأَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً وَأَلَّا تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا طَائِعَةً بَعْدَ عِلْمِهَا بِالْعِتْقِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ تَحْتَ الْعَبْدِ مِمَّا إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ الْحُرِّ، فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهَا الْخِيَارُ.
(وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) كُلَّهَا، أَوْ بَعْضَهَا (انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) فَإِنْ مَلَكَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَهُوَ كَمَالِهَا وَيَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا وَمِثْلُ مَا إذَا اشْتَرَاهَا مَا إذَا مَلَكَهَا بِهِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ مِيرَاثٍ، أَوْ مَلَكَتْهُ هِيَ بِشِرَاءٍ، أَوْ غَيْرِهِ.
(وَطَلَاقُ الْعَبْدِ) الْقِنِّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً (طَلْقَتَانِ) فَلَوْ عَتَقَ وَلَمْ يُوقِعْ طَلَاقًا فِي حَالِ رِقِّهِ فَالثَّلَاثُ، وَلَوْ أَوْقَعَ نِصْفَهُ فِي حَالِ الرِّقِّ فَطَلْقَتَانِ.
(وَعِدَّةُ الْأَمَةِ) الْقِنَّةِ وَمَنْ فِيهَا شَائِبَةُ رِقٍّ سَوَاءٌ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، أَوْ
ــ
[حاشية العدوي]
فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدُمٍ مِنْ أُدُمِ الْبَيْتِ فَقَالَ: أَلَمْ أَرَ بُرْمَةً عَلَى النَّارِ وَفِيهَا لَحْمٌ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَك مِنْهُ، فَقَالَ: هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ» .
قَالَ شُرَّاحُ الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ: ثَلَاثُ سُنَنٍ أَيْ أَحْكَامٍ نَصَّ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا خَاصٌّ بِهَا وَقَدْ تَبَيَّنْت مِمَّا ذَكَرْنَاهُ [قَوْلُهُ: وَهَلْ بِطَلْقَةٍ] أَيْ وَهَلْ الْفِرَاقُ بِطَلْقَةٍ أَوْ الْبَاءُ زَائِدَةٌ، وَلَوْ قَالَ وَهَلْ هُوَ طَلْقَةٌ أَوْ طَلْقَتَانِ لَكَانَ أَوْضَحَ [قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأُولَى أَكْثَرُ الرُّوَاةِ] وَهِيَ الرَّاجِحَةُ، وَإِنَّمَا كَانَتْ بَائِنَةً؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً لَمَا أَفَادَ الْخِيَارُ شَيْئًا.
تَنْبِيهٌ: مَا قُلْنَاهُ مِنْ لُزُومِ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بَيَّنَتْهَا أَوْ أَبْهَمَتْهَا بِأَنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي.
[قَوْلُهُ: نَاجِزًا] احْتِرَازًا مِنْ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ، وَالْمُدَبَّرَةِ، وَالْمُكَاتَبَةِ [قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً] فَلَوْ اخْتَارَتْ وَهِيَ حَائِضٌ جُبِرَتْ عَلَى الرَّجْعَةِ حَتَّى تَطْهُرَ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: وَأَلَّا تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا طَائِعَةً] أَيْ تُمَكِّنَهُ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ مِنْ مُقَدَّمَاتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَيَدْخُلْ فِيهِ مَا إذَا تَلَذَّذَتْ بِالزَّوْجِ، وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ بِأَنْ قَالَتْ: كُنْت أَجْهَلُ أَنَّ التَّمْكِينَ يُسْقِطُ خِيَارِي وَلَا تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ، أَمَّا إنْ جَهِلَتْ الْعِتْقَ وَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ خِيَارَهَا لِعُذْرِهَا، وَكَذَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا، بِقَوْلِهَا: أُسْقِطُ خِيَارِي وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَاقَبَ الزَّوْجُ أَنْ وَطِئَهَا عَالِمًا بِالْعِتْقِ، وَالْحُكْمِ.
تَنْبِيهٌ:
إذَا اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفِرَاقَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا، وَلَوْ اخْتَارَتْ الْمَقَامَ مَعَهُ لَمْ يَسْقُطْ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهَا.
[قَوْلُهُ: انْفَسَخَ نِكَاحُهُ] أَيْ لِتَعَارُضِ الْحُقُوقِ [قَوْلُهُ: وَيَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ] عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الرَّاجِحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَصِيرُ بِالْحَمْلِ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَأَشْهَبُ لَا يَجْعَلُهَا بِهَذَا الْحَمْلِ أُمَّ وَلَدٍ فَيَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَاءٍ، يَتَمَيَّزُ بِهِ الْحَمْلُ الَّذِي تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْحَمْلُ الَّذِي لَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَقَدْ حَكَى الْقَوْلَيْنِ زَرُّوقٌ عَلَى الْإِرْشَادِ [قَوْلُهُ: أَوْ مَلَكَتْهُ] لَكِنْ لَا يَطَؤُهَا لَا بِالْمِلْكِ وَلَا بِالنِّكَاحِ.
[قَوْلُهُ: وَطَلَاقُ الْعَبْدِ طَلْقَتَانِ إلَخْ] ، وَإِنَّمَا كَانَ طَلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ [قَوْلُهُ: فَطَلْقَتَانِ] ظَاهِرٌ فَالْبَاقِي طَلْقَتَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْعَبْدُ إذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ عَتَقَ، فَيَبْقَى لَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لَا طَلْقَتَانِ.
تَنْبِيهٌ:
الْعِبْرَةُ بِالْوَلَايَةِ حِينَ النُّفُوذِ لَا حَالَ التَّعْلِيقِ وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ لَوْ قَالَ الْعَبْدُ، وَلَوْ ذَا شَائِبَةٍ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، ثُمَّ أَنَّهُ أُعْتِقَ ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ وَتَبْقَى مَعَهُ بِوَاحِدَةٍ.