للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ قِيلَ: لِأَنَّهُ بَيْعُ إطْعَامٍ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَحَيْثُ قِيلَ بِالْجَوَازِ فَإِنَّمَا هُوَ (عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (وَ) عَلَى أَنْ يَكُونَ (الْعَمَلُ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ مَا شَرَطَا مِنْ الرِّبْحِ لِكُلِّ وَاحِدٍ) فَإِذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مَثَلًا مِائَةً، وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ فَالرِّبْحُ، وَالْخُسْرَانُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَقَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ وَيَسْتَوِيَا فِي الرِّبْحِ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا إلَى آخِرِهِ.

الثَّالِثُ: شِرْكَةُ مُضَارَبَةٍ وَتُسَمَّى قِرَاضًا أَيْضًا وَعَبَّرَ بِهِ فَقَالَ: (وَالْقِرَاضُ جَائِزٌ) بِشُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ (بِالدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَا مَغْشُوشَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

وَظَاهِرُهُ أَيْضًا كَانَ التَّعَامُلُ بِهِمَا بِالْعَدَدِ أَوْ بِالْوَزْنِ (وَقَدْ أُرْخِصَ فِيهِ) أَيْ فِي الْقِرَاضِ (بِنِقَارٍ) بِكَسْرِ النُّونِ بِمَعْنَى فَجَرَّاتُ (الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ) ج: اُخْتُلِفَ فِي الْقِرَاضِ بِالنِّقَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالِ: الْمَنْعُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْجَوَازُ وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ لَا يُتَعَامَلُ بِهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ يُتَعَامَلُ بِهَا فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالصَّرْفِ فَإِنْ عَمِلَا فَلِكُلٍّ رَأْسُ مَالِهِ وَيَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ لِكُلِّ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ دِينَارٌ وَلِكُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ دِرْهَمٌ وَكَذَلِكَ الْوَضِيعَةُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَلَامُهَا هَذَا حَيْثُ اتَّفَقَ مَا أَخْرَجَاهُ، وَكَذَا تَصِحُّ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا، وَالْآخَرُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، أَوْ أَخْرَجَ كُلٌّ عَرْضًا اتَّفَقَا فِي الْجِنْسِ، وَالْقِيمَةِ أَوْ اخْتَلَفَا وَيُعْتَبَرُ فِي الشِّرْكَةِ بِالْعَرْضِ كَانَ مِنْ جَانِبٍ أَوْ جَانِبَيْنِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِاشْتِرَاكِ حَيْثُ كَانَتْ صَحِيحَةً، وَإِنْ فَسَدَتْ فَرَأْسُ مَالِ كُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا مَا بِيعَ بِهِ الْعَرْضُ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُعْلَمْ يَوْمَ الْبَيْعِ.

[قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُ مَالِكٌ] أَيْ مَنَعَ الْمُتَّفَقَ صِفَةً وَنَوْعًا وَقَدْرًا وَأَوْلَى عِنْدَ الِاخْتِلَافِ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ] أَيْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ طَعَامِهِ بِنِصْفِ طَعَامِ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ لِبَقَاءِ يَدِ كُلٍّ عَلَى مَا بَاعَ، فَإِذَا بَاعَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ بَائِعًا لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَوْ حَصَلَ خَلْطُ الطَّعَامَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَمِرُّ طَعَامُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ مُشْتَرِيهِ وَقَبْضُهُ وَتَفْرِيغُهُ فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَهُوَ مُنْتَفٍ هَاهُنَا.

[قَوْلُهُ: فَإِذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا إلَخْ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِذَا دَخَلَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَأْتِي بِرُبْعِ الْمَالِ، وَيَعْمَلُ الرُّبْعَ وَلَهُ رُبْعُ الرِّبْحِ، وَالْآخَرُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَمَلِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الرِّبْحِ جَازَتْ الشِّرْكَةُ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهَا تَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ فِي الْعَمَلِ كَمَا تَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ فِي الرِّبْحِ، وَإِذَا وَقَعَتْ فَاسِدَةً بِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ فَلِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلْآخَرِ مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا عِشْرِينَ مِثْلًا، وَالْآخَرُ عَشَرَةً وَشَرَطَا التَّسَاوِيَ فِي الرِّبْحِ، وَالْعَمَلِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى عَمِلَا فَإِنَّ الرِّبْحَ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْعِشْرِينَ عَلَى صَاحِبِ الْعَشَرَةِ بِفَاضِلِ الرِّبْحِ، وَهُوَ السُّدُسُ وَيَنْزِعُهُ مِنْهُ إنْ كَانَ قَبَضَهُ لِيَكْمُلَ لَهُ الثُّلُثَانِ وَيَرْجِعَ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ بِفَاضِلِ عَمَلِهِ وَهُوَ أَجْرُ سُدُسِ الْعَمَلِ. وَمَفْهُومُ الِاشْتِرَاطِ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا لِشَرِيكِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ الرُّبْعِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ لِجَارٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَخْتَلِفَ إلَخْ أَيْ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ التَّفَاوُتِ فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّفَاوُتُ بِأَنْ دَخَلَا عَلَى التَّسَاوِي أَوْ سَكَتَا صَحَّتْ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

[قَوْلُهُ: شِرْكَةُ مُضَارَبَةٍ] هَذِهِ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ السَّيْرُ أَوْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَضْرِبُ فِي الرِّبْحِ بِنَصِيبٍ كَمَا قَالَهُ تت. [قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى قِرَاضًا أَيْضًا] بِكَسْرِ الْقَافِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَطَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِقِطْعَةٍ مِنْ الرِّبْحِ، وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْقِرَاضُ أَرْكَانُهُ الْعَاقِدَانِ وَهُمَا كَالْوَكِيلِ، وَالْمُوَكِّلِ، وَالْمَالُ، وَالصِّيغَةُ، وَالْجُزْءُ الْمَعْمُولُ لِلْعَامِلِ. [قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَا مَغْشُوشِينَ] أَيْ حَيْثُ تُعُومِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تُرْجَ كَالْكَامِلَةِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ النَّقْدِ الْخَالِصِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَامَلِ بِهِ فَكَالْعَرْضِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ الَّذِي يُعْطَى عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ مِثْلُهُ مَغْشُوشًا. [قَوْلُهُ: فَجَرَاتُ إلَخْ] وَمِثْلُهَا التِّبْرُ. [قَوْلُهُ: عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ] الْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا كَانَ يُتَعَامَلُ بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>