للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ (وَلَا يَجُوزُ) الْقِرَاضُ (بِالْعُرُوضِ) وَلَا شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلَاتِ، وَالْمَوْزُونَاتِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ فِي الْأَصْلِ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ مَجْهُولَةٌ إذَا كَانَ الْعَامِلُ لَا يَدْرِي كَمْ يَرْبَحُ فِي الْمَالِ فَيَعْمَلُ مِقْدَارَ الْجُزْءِ الْمُشْتَرَطِ لَهُ، وَكَذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ لَا يَدْرِي هَلْ يَرْبَحُ أَمْ لَا وَهَلْ يَرْجِعُ إلَيْهِ رَأْسُ مَالِهِ أَمْ لَا فَكَانَ ذَلِكَ غَرَرًا مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ جَوَّزَهُ لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ وَلِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى التَّعَامُلِ بِهِ، فَيَجِبُ أَنْ يَجُوزَ مِنْهُ مِقْدَارُ مَا جَوَّزَهُ الشَّارِعُ، وَمَا عَدَاهُ مَمْنُوعٌ بِالْأَصْلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّقَارِ، وَالْعُرُوضِ أَنَّ الْعُرُوضَ لَا يُتَعَامَلُ بِأَعْيَانِهَا، وَالنِّقَارُ أَعْيَانٌ وَأَثْمَانٌ وَرُءُوسُ أَمْوَالٍ.

(وَ) إذَا امْتَنَعَ الْقِرَاضُ بِهَا فَإِنَّ الْعَامِلَ (يَكُونُ إنْ نَزَلَ) أَيْ وَقَعَ الْقِرَاضُ بِهَا (أَجِيرًا فِي بَيْعِهَا) وَيَكُونُ (عَلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ فِي الثَّمَنِ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَفِيهِ تَفْصِيلٌ لِابْنِ رُشْدٍ نَقَلْنَاهُ فِي الْأَصْلِ، وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّ لَهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ، وَأَمَّا عَمَلُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ] أَيْ، وَالْفَرْضُ أَنْ لَا مَسْكُوكَ وَإِلَّا مُنِعَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْمُرَادُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً.

وَأَمَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَإِنَّهُ يَمْضِي بِالْوُقُوعِ، وَالْفُلُوسِ الْجُدُدِ كَالنِّقَارِ إنْ انْفَرَدَتْ بِالتَّعَامُلِ جَازَ جَعْلُهَا رَأْسَ مَالِ قِرَاضٍ وَإِلَّا فَلَا. [قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ بِالْعُرُوضِ] أَيْ اتِّفَاقًا. [قَوْلُهُ: وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلَاتِ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ حَمَلَ الْعُرُوضَ عَلَى الْمُقَوَّمَاتِ وَحِينَئِذٍ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَزِيدَ الْمَعْدُودَاتِ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، وَلَوْ حَمَلَ الْعُرُوضَ عَلَى مَا عَدَا الْعَيْنَ لَشَمَلَ الْمِثْلِيَّ بِأَنْوَاعِهِ كَمَا يُفِيدُ تت. وَكَانَ فِي غُنْيَةٍ عَنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَيَدْخُلُ فِي الْعُرُوضِ الْفُلُوسُ الْجُدُدُ حَيْثُ لَمْ تَنْفَرِدْ بِالتَّعَامُلِ بِهَا وَيَدْخُلُ الْحَدِيدُ، وَالرَّصَاصُ، وَالْوَدْعُ لَوْ انْفَرَدَتْ بِالتَّعَامُلِ.

[قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْعَامِلُ لَا يَدْرِي] الْأَوْلَى حَذْفُ كَانَ يَقُولُ إذْ الْعَامِلُ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذْ الْعَامِلُ لَا يَدْرِي، هَلْ يَرْبَحُ أَوْ لَا وَعَلَى تَقْدِيرِ الرِّبْحِ كَمْ مِقْدَارُهُ، وَالشَّارِعُ حَقِيقَةً اللَّهُ تَعَالَى، وَالْمُصْطَفَى مَجَازٌ فَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا. [قَوْلُهُ: وَلِحَاجَةِ النَّاسِ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ فَيَجِبُ أَيْ يَتَعَيَّنُ. [قَوْلُهُ: مِقْدَارُ مَا جَوَّزَهُ الشَّارِعُ] وَهُوَ النَّقْدُ الْمَضْرُوبُ لَا يُقَالُ الشَّارِعُ لَمْ يُجَوِّزْهُ بِالتِّبْرِ وَلَا بِالْجُدُدِ وَلَا بِنِقَارِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، فَلِمَاذَا رَخَّصَ فِيهَا الْجَوَابُ؟ مَا قَالَهُ الشَّارِعُ أَنَّ النِّقَارَ أَيْ، وَمَا شَابَهَهُ أَعْيَانٌ وَأَثْمَانٌ وَرُءُوسُ أَمْوَالٍ، وَالْجُدُدُ عِنْدَ انْفِرَادِ التَّعَامُلِ بِهَا كَذَلِكَ حَتَّى قِيلَ إنَّهَا مِنْ النُّقُودِ. [قَوْلُهُ: بِالْأَصْلِ] أَيْ عَلَى الْأَصْلِ. وَقَوْلُهُ: أَعْيَانٌ أَيْ يُتَعَامَلُ بِأَعْيَانِهَا بِحَيْثُ تَكُونُ ثَمَنًا فَمَا بَعْدَهُ تَفْسِيرٌ لَهُ. وَقَوْلُهُ وَرُءُوسُ أَمْوَالٍ لَا يَخْفَى أَنَّ مِمَّا مَا صَدَقَاتُ رَأْسِ الْمَالِ الْمَالُ الَّذِي يُدْفَعُ لِعَامِلِ الْقِرَاضِ يَتَّجِرُ فِيهِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمُصَادَرَةُ ثُمَّ فِي الْمَقَامِ إشْكَالٌ آخَرُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ النِّقَارَ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَعْنَى أَنَّهَا قَدْ يُتَعَامَلُ بِهَا عَلَى فَرْضِ ضَرْبِهَا، وَهَذَا مَفْقُودٌ بِالْفَرْضِ. [قَوْلُهُ: أَجِيرًا فِي بَيْعِهَا] أَيْ الْعُرُوضِ فَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ بَيْعَهَا حَيْثُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ بَيْعِهَا، فَقَوْلُهُ أَجِيرًا أَيْ كَأَجِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَأْجَرْ. [قَوْلُهُ: وَيَكُونُ عَلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ] أَيْ إذَا اتَّجَرَ بِالثَّمَنِ.

[قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَفْصِيلٌ] وَهُوَ مَا نَصُّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ لِثَمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ الْعُرُوض، أَمَّا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ نَفْسَهُ أَوْ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ يَوْمَ التَّفَاضُلِ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَجِيرًا فِي بَيْعِهَا وَيُرَدُّ إلَى إجَارَةِ مِثْلِهِ فِي الثَّمَنِ أَيْ فِي الْعَمَلِ بِهِ إذَا لَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَى رَبِّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ قِرَاضِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمَالِ أَنَّ قِرَاضَ الْمِثْلِ فِي الرِّبْحِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ لَا شَيْءَ لَهُ، وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الذِّمَّةِ فَيَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا الثَّوْبَ اذْهَبْ بِهِ إلَى فُلَانٍ يَبِيعُهُ، فَإِذَا بَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَخُذْ مِنْهُ وَاعْمَلْ بِهِ قِرَاضًا بَيْنِي وَبَيْنِك، أَيْ فَجَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ ثَمَنَ الثَّوْبِ فَهُوَ جَائِزٌ إلَخْ.

[قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ عِبَارَتَهُ تُفِيدُ أَنَّ الَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ تَفْصِيلٌ آخَرُ مُغَايِرٌ لِتَفْصِيلِ ابْنِ رُشْدِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْمُخْتَصَرِ هُوَ عَيْنُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَيَجْرِي فِيهِ تَقْيِيدُ ابْنِ رُشْدٍ. وَنَصَّ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: كَفُلُوسٍ وَعَرْضٍ إنْ تَوَلَّى ذَلِكَ تَشْبِيهًا فِي الْمَنْعِ، ثُمَّ قَالَ: فَأَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ ثُمَّ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ اهـ. فَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ: وَكَلَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>