للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَحَبَّةٌ لِكُلِّ مُصَنِّفٍ وَمُدَرِّسٍ وَخَطِيبٍ، وَبَيْنَ يَدَيْ كُلِّ أَمْرٍ مُهِمٍّ وَثَبَتَ فِي بَعْضِهَا أَيْضًا.

(قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ وَهِيَ رِوَايَتُنَا وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ عَدَمُ ثُبُوتِهَا وَعَلَى ثُبُوتِهَا سُؤَالَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَبَّرَ بِقَالَ وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ يَحْكِي بِهِ مَا وَقَعَ، وَتَأْلِيفُ الْكِتَابِ مُسْتَقْبَلٌ لَمْ يَقَعْ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَبِّرَ بِيَقُولُ. أُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا: أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْمَاضِيَ مَوْضِعَ الْمُسْتَقْبَلِ تَنْزِيلًا لَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

إنَّ الْمُصَنِّفَ صَلَّى وَسَلَّمَ بَلْ وَتَشَهَّدَ لَفْظًا قَائِلًا إذْ حَالُهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ اهـ.

وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. [قَوْلُهُ: بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ لَا يُخَالِفُهُ غَيْرُهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ تت: قِيلَ: لَمْ تَثْبُتْ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ، وَإِنَّمَا أَحْدَثَهَا بَنُو هَاشِمٍ ثُمَّ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى كِتَابَتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: يُسْتَحَبُّ إلَخْ. [قَوْلُهُ: أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالصَّلَاةِ] أَيْ كَالْحَمْدِ لِلَّهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّحْقِيقِ، ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْجَارِّ: أَيْ مِنْ أَنَّ بَيَانًا لِمَا نَصَّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ مَا. [قَوْلُهُ: وَبَيْنَ يَدَيْ كُلِّ أَمْرٍ مُهِمٍّ] أَيْ قُدَّامَ كُلِّ أَمْرٍ مُهِمٍّ وَمِنْهُ خَاطِبٌ وَمُتَزَوِّجٌ وَمُزَوِّجٌ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْفَاكِهَانِيُّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بِذِي بِذِكْرِ الْبُدَاءَةِ أَوَّلًا، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَفِي كُلِّ أَمْرٍ مُهِمٍّ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِكُلِّ مُصَنِّفٍ، أَيْ أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَحَبَّةٌ فِي كُلِّ أَمْرٍ مُهِمٍّ.

تَنْبِيهٌ: زَادَ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَبَيْنَ يَدَيْ كُلِّ أَمْرٍ مُهِمٍّ مَا نَصُّهُ: وَيَتَأَكَّدُ الْحَثُّ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعِنْدَ ذِكْرِهِ وَعِنْدَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَفِي آخِرِ الْكِتَابِ وَفِي آخِرِ الدُّعَاءِ اهـ.

وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَنَّ الْبُدَاءَةَ مُسْتَحَبَّةٌ أَيْ اسْتِحْبَابًا غَيْرَ أَكِيدٍ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا فِي آخِرِ الدَّرْسِ وَفِي آخِرِ الْخُطْبَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ آخِرِ الْكِتَابِ آخِرُ الدَّرْسِ مِنْ حَيْثُ تَأْكِيدُ الِاسْتِحْبَابِ، نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: وَبَيْنَ يَدَيْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي لَمْ تَذْكُرْ الْعُلَمَاءُ الْبُدَاءَةَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ.

قَالَ عج مَا نَصُّهُ: ثُمَّ إنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّهَا لَا تُكْرَهُ عِنْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا عِنْدَهَا خِلَافُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ بِالصَّلَاةِ أَفْضَلُ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَثَبَتَ فِي بَعْضِهَا أَيْضًا] فِي تت التَّصْرِيحُ بِأَنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ فِي غَالِبِ النُّسَخِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْغَلَبَةِ فِي الْأَوَّلِ بَلْ قَالَ فِي الْأَوَّلِ مِثْلَ مَا قَالَ شَارِحُنَا.

[قَوْلُهُ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَخْ] إمَّا صِفَةُ فِعْلٍ بِمَعْنَى الْإِنْعَامِ أَوْ صِفَةُ ذَاتٍ بِمَعْنَى إرَادَةِ الْإِنْعَامِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَمِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْإِرَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِيلُ تَجَدُّدُهُ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الدُّعَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بِمُسْتَقْبَلٍ لَمْ يُوجَدْ فِي الْحَالِ، وَإِرَادَةُ اللَّهِ أَزَلِيَّةٌ يَسْتَحِيلُ تَجَدُّدُهَا حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِهَا الدُّعَاءُ فَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: وَأَرْضَاهُ] أَيْ فَعَلَ بِهِ مَا يُصَيِّرُهُ رَاضِيًا وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اللَّهُمَّ أَنْعِمْ عَلَيْهِ بِنِعَمٍ كَثِيرَةٍ عَظِيمَةٍ حَتَّى يَرْضَى وَلَا يَلْتَفِتَ لِسِوَاهَا فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ رِوَايَتُنَا] أَيْ الَّتِي تَلَقَّيْنَاهَا عَنْ الْأَشْيَاخِ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ [قَوْلُهُ: وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ] يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ شَارِحِنَا.

وَفِي تت التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ. ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا اطَّلَعْت عَلَى كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ فَوَجَدْته مِنْ كَلَامِهِ إلَى قَوْلِهِ: وَمَنَاقِبُهُ إلَخْ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِهِ [قَوْلُهُ: يَحْكِي بِهِ مَا وَقَعَ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: حَكَيْت الشَّيْءَ أَحْكِيهِ حِكَايَةً إذَا أَتَيْت بِمِثْلِهِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا غَيْرُك، فَأَنْتَ كَالنَّاقِلِ اهـ.

[قَوْلُهُ: فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَبِّرَ بِيَقُولُ] لَمْ يَقُلْ الصَّوَابُ إشَارَةً إلَى إمْكَانِ الْجَوَابِ، فَإِنْ قُلْت: أَنْ يَكُونَ مُحْتَمِلٌ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَالْجَوَابُ أَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ فَقَطْ تَتَحَصَّلُ بِالْقَرِينَةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ.

[قَوْلُهُ: بِأَجْوِبَةٍ] جَمْعُ قِلَّةٍ [قَوْلُهُ: مِنْهَا إلَخْ] أَيْ وَمِنْهَا أَنَّهُ صَوَّرَ فِي ذِهْنِهِ مَا يَقُولُهُ حَتَّى صَارَ كَالْمَوْجُودِ الْخَارِجِيِّ، أَوْ أَنَّ هَذَا وَقَعَ مِنْ بَعْضِ تَلَامِذَتِهِ. [قَوْلُهُ: اسْتَعْمَلَ الْمَاضِيَ] أَيْ لَفْظَ الْمَاضِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>