للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُقُوبَةً (بَيِّنَةً) أَيْ تَشِينُهُ (مِنْ قَطْعِ جَارِحَةٍ) كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ قَطْعِ الْجَارِحَةِ كَفَقْءِ الْعَيْنِ (عَتَقَ عَلَيْهِ) مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَهَلْ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ عُقُوبَةٌ أَمْ لَا، فَقِيلَ: يُعَاقَبُ بِالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ وَقِيلَ: لَا يُعَاقَبُ إلَّا بِالْعِتْقِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْعِتْقَ يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْمُثْلَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُعْتَقُ إلَّا بِالْحُكْمِ وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِالْعَاقِلِ وَالْبَالِغِ احْتِرَازًا مِنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ فَإِنَّ مُثْلَتَهُمَا لَغْوٌ وَبِالْمُسْلِمِ احْتِرَازًا مِنْ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِالرَّشِيدِ احْتِرَازًا مِنْ السَّفِيهِ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ يَعْتِقُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِغَيْرِ مِدْيَانٍ احْتِرَازًا مِنْ الْمِدْيَانِ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَبِعَمْدًا احْتِرَازًا مِمَّا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ خَطَأً فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْخَطَأِ مَا إذَا ضَرَبَهُ تَأْدِيبًا أَوْ كَوَاهُ تَدَاوِيًا فَأَدَّى ذَلِكَ إلَى التَّمْثِيلِ بِهِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْقَصْدِ إلَى ذَلِكَ، فَلَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُ السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ فَقَالَ السَّيِّدُ: خَطَأً وَقَالَ الْعَبْدُ: عَمْدًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ بِيَمِينِهِ، وَأَفَادَتْ الْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِ عَبْدُهُ أَنَّ مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِ غَيْرِهِ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَتَأْكِيدُهُ الْمُثْلَةَ بِقَوْلِهِ بَيِّنَةٌ يَقْتَضِي أَنَّ حَلْقَ اللِّحْيَةِ لَا يَكُونُ مُثْلَةً مُطْلَقًا.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ تَاجِرًا وَجِيهًا فَيَكُونُ مُثْلَةً

(وَ) مِنْهَا أَحَدُ (مَنْ مَلَكَ أَبَوَيْهِ) مَعًا أَوْ أَحَدَهُمَا (أَوْ) مَلَكَ (أَحَدًا مِنْ وَلَدِهِ) لِصُلْبِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْجِنَايَةِ إلَّا أَنْ تَبْطُلَ مَنَافِعُهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْأَبِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ. [قَوْلُهُ: مُثْلَةً] بِضَمِّ الْمِيمِ وَيُقَالُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبِالضَّمِّ فِيهِمَا. [قَوْلُهُ: كَالْيَدِ] أَيْ أَوْ أُنْمُلَةٍ وَكَخِصَاءِ عَبْدٍ أَوْجَبَهُ. وَلَوْ قَصَدَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ لِتَعْذِيبِهِ بِذَلِكَ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ فَإِذَا لَمْ يَحْكُمْ بِعِتْقِهِ كَمَا بِمِصْرٍ فَلَا يُعْتَقُ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. [قَوْلُهُ: كَفَقْءِ الْعَيْنِ] أَيْ أَوْ وَسْمِ وَجْهِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِالنَّارِ أَوْ قَلْعِ ظُفْرِهِ أَوْ قَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ. [قَوْلُهُ: عَتَقَ عَلَيْهِ] وَهَلْ يَتْبَعُهُ مَالُهُ اقْتَصَرَ الْأَقْفَهْسِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَتْبَعُهُ لَمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَتْبَعُهُ فِي الْعِتْقِ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُعَاقَبُ إلَخْ] كَلَامُ تت يُفِيدُ أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ مَثَّلَ بِزَوْجَتِهِ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ بَيْعِهَا وَتَزْوِيجِهَا قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ] هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ الذِّمِّيِّ] أَيْ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ. وَقَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، فَمَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي تت فِيمَا إذَا مَثَّلَ الذِّمِّيُّ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْمُمَثَّلِ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا رَشِيدًا حُرًّا وَيُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ أَوْ إسْلَامُ الْعَبْدِ فَلَا عِتْقَ عَلَى ذِمِّيٍّ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ. وَقَوْلُنَا: الذِّمِّيُّ احْتِرَازًا عَنْ الْمُعَاهَدِ فَإِنَّ مُثْلَتَهُ بِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ لَا تُوجِبُ عِتْقَهُ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ] عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَذَا زَوْجَةٌ وَمَرِيضٌ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ أَيْ فَإِذَا مَثَّلَتْ زَوْجَةٌ أَوْ مَرِيضٌ بِزَائِدِ الثُّلُثِ عَتَقَ عَلَى الْمَرِيضِ مَحْمَلَ الثُّلُثِ لَا أَزْيَدَ إلَّا إنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ، وَكَذَا عَتَقَ عَلَى الزَّوْجَةِ مَحْمَلَ الثُّلُثِ فَقَطْ لَا أَزْيَدَ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ إلَّا عَلَى رَدِّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَلَيْسَ كَابْتِدَاءِ عِتْقِهَا لَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ.

[قَوْلُهُ: وَبِعَمْدٍ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ السَّيِّدَ حَيْثُ تَعَمَّدَ قَطْعَ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُثْلَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ تت، فَقَوْلُ خَلِيلٍ: وَبِالْحُكْمِ جَمِيعُهُ إنْ عَمَدَ لِشَيْنٍ اللَّامُ لِلصَّيْرُورَةِ أَيْ عَمَدَ لِمَا فِيهِ شَيْنٌ أَوْ لِمَا أَوْجَبَ الشَّيْنَ سَوَاءٌ قَصَدَ الشَّيْنَ أَمْ لَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ رَحِمَهُ اللَّهُ. [قَوْلُهُ: مَا إذَا ضَرَبَهُ تَأْدِيبًا أَوْ كَوَاهُ تَدَاوِيًا] وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ رَأْسَهُ فَنَزَلَ الْمَاءُ فِي عَيْنَيْهِ فَلَا يُعْتَقُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَ رَأْسِهِ لَا مَا حَدَثَ. [قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ بِيَمِينِهِ] وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ إذَا مَثَّلَ بِزَوْجَتِهِ وَاخْتَلَفَا فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِجَامِعِ الْإِذْنِ فِي الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ مَعْرُوفًا بِالْجَرَاءَةِ وَالْأَذَى فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا وَيُؤَدَّبُ الزَّوْجُ وَيُعْتَقُ الْعَبْدُ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْعَمْدِ وَاخْتَلَفَا فِي قَصْدِ الشَّيْنِ فَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ أَيْضًا. [قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ مُثْلَةً مُطْلَقًا] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ مَلَكَ] أَيْ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ حَيْثُ فَاتَ لَا إنْ لَمْ يَفُتْ أَوْ كَانَ عَلَى خِيَارٍ وَلَمْ يَنْقُصْ أَيَّامَ الْخِيَارِ فَلَا عِتْقَ، وَمِثْلُ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ الْمِلْكُ بِالْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>