(فَهِيَ) أَيْ الدَّارُ (عَلَى مَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَبُولُهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ وَيُشْتَرَطُ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ أَهْلًا لِلْقَبُولِ وَالرَّدِّ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِذَلِكَ كَالصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَامَ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ كَمَا لَوْ وَهَبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ.
وَشَرْطُهُ أَيْ الْوَقْفُ الْحَوْزُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (إنْ حِيزَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ) هَذَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنْ لَمْ تُحَزْ حَتَّى مَاتَ الْوَاقِفُ أَوْ فُلِّسَ بَطَلَ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ] وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى مَنْفَعَةِ الْمَوْقُوفِ وَلَوْ لِلصَّرْفِ فِي مَصَالِحِهِ، أَيْ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ حُكْمًا كَالْمَسْجِدِ أَوْ حِسًّا كَالْآدَمِيِّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْلُودِ بِالْفِعْلِ وَمَنْ سَيُولَدُ وَتُوقَفُ الْغَلَّةُ إلَى أَنْ يُوجَدَ مَا لَمْ يَيْأَسْ مِنْهُ فَلَا يُوقَفُ، وَيُرَدُّ الْوَقْفُ وَالْغَلَّةُ لِمَالِكِهَا هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ مَانِعٌ كَمَوْتِهِ فَيَبْطُلُ كَمَا قَالَ عَجَّ.
وَكَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الذِّمِّيِّ قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِ أَجْرٌ، وَالْمُرَادُ بِالذِّمِّيِّ مَا عَدَا الْحَرْبِيَّ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ لَهُ كِتَابٌ أَمْ لَا.
[قَوْلُهُ: عَلَى مَا جَعَلَهَا عَلَيْهِ] يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ عَيْنُ الْجِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ دَارِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الشَّيْءَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ فِي غَالِبِ مَصْرِفِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِتِلْكَ الْبَلَدِ غَالِبٌ فَإِنَّ غَلَّتَهَا تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ وُجُوبُ اتِّبَاعِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ أَجَازَ أَوْ كَرِهَ كَاشْتِرَاطِ وَقْفِهِ عَلَى قِرَاءَةِ سَبْعٍ جَمَاعَةً أَوْ عَلَى ضَحِيَّةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَنْ الْوَاقِفِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَمَحِلُّ وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَإِلَّا جَازَتْ مُخَالَفَتُهُ كَاشْتِرَاطِ قِرَاءَةِ دَرْسِ عِلْمٍ فِي مَحَلٍّ خَرِبٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ، أَوْ يَتَعَذَّرُ حُضُورُهُ مَثَلًا فَيَجُوزُ نَقْلُهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، وَفِعْلُهُ كَشَرْطِهِ فِي وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ كَأَنْ يُقَرِّرَ مَالِكِيًّا يَقْرَأُ فِي مَسْجِدٍ ثُمَّ يَمُوتُ فَلَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ إنْ مَاتَ الْمَالِكِيُّ أَنْ يُقَرِّرَ غَيْرَهُ مِنْ حَنَفِيٍّ أَوْ شَافِعِيٍّ.
[قَوْلُهُ: كَالْفُقَرَاءِ] أَيْ أَوْ كَانَ عَلَى كَمَسْجِدٍ لِتَعَذُّرِ الْقَبُولِ مِنْهُ.
[قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ] أَيْ الْقَبُولُ.
[قَوْلُهُ: وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ] أَيْ مَعَ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا.
وَقَوْلُهُ: أَهْلًا لِلْقَبُولِ. وَالرَّدِّ، أَيْ بِأَنْ يَكُونَ رَشِيدًا فَإِنْ رَدَّ مَا وُقِفَ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَرْجِعُ حَبْسًا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، عَلَى مَا قَالَ الطِّخِّيخِيُّ، وَاعْتَمَدَ عَجَّ أَنَّهُ يُجْعَلُ حَبْسًا عَلَى غَيْرِهِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَهَذَا إذَا جَعَلَهُ حَبْسًا سَوَاءٌ قَبِلَهُ مَنْ عُيِّنَ لَهُ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ قَصَدَهُ بِخُصُوصِهِ فَإِنَّهُ إذَا رُدَّ عَادَ مِلْكًا لِلْمُحْبِسِ وَلَوْ أَخْبَرَ الْمُعَيَّنُ الْأَهْلَ بِأَنَّهُ وُقِفَ عَلَيْهِ كَذَا مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ فَسَكَتَ فَهَلْ يُعَدُّ السُّكُوتُ مِنْهُ قَبُولًا أَمْ لَا قَالَهُ الْخَرَشِيُّ.
[قَوْلُهُ: فَهُوَ كَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ] أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ الْقَبُولُ.
[قَوْلُهُ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِيهِ نَظَرٌ] قَالَ عَجَّ: إنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ الْمُعَيَّنَ الْغَيْرَ الْأَهْلِ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ أَصْلًا وَلَا يُقَامُ مَنْ يَقْبَلُ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُخْتَصَرِ، وَأَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَحْثٌ لَهُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَامَ] أَيْ فَيُقِيمُ السُّلْطَانُ مَنْ يَقْبَلُهُ لَهُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ يَقْبَلُ.
[قَوْلُهُ: إنْ حِيزَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ] لَوْ قَالَ قَبْلَ كَمَوْتِهِ لَشَمِلَ بَقِيَّةَ الْمَوَانِعِ مِنْ فَلَسٍ أَوْ جُنُونٍ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ عَلَى الْحَوْزِ وَيَكْفِي الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَصِفَةُ الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولَ: الْعَدْلُ عَايَنْته تَحْتَ يَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلْوَاقِفِ، وَلَا يَكْفِي إقْرَارُ الْوَاقِفِ بِالْحَوْزِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ.
[قَوْلُهُ: هَذَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ] كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ وَلَدًا كَبِيرًا لِلْوَاقِفِ وَحَقِيقَةُ الْحِيَازَةِ رَفْعُ يَدِ الْوَاقِفِ عَنْ الْوَقْفِ وَتَمْكِينُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الذَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ أَوْ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الشَّيْءِ الْمَوْقُوفِ وَبَيْنَ النَّاسِ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ وَالطَّاحُونِ.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُحَزْ حَتَّى مَاتَ الْوَاقِفُ إلَخْ] الْمُرَادُ بِالْفَلَسِ هُنَا إحَاطَةُ الدَّيْنِ وَمِثْلُ الْمَوْتِ وَالتَّفْلِيسِ مَرَضُهُ الْمُتَّصِلُ بِمَوْتِهِ.
[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ إلَخْ] قَضِيَّتُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَامٌّ، فَلَوْ جُعِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَامًّا وَقَالَ: إنَّ الْحَوْزَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَفِي الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ كَذَا وَفِي الْمَسْجِدِ