للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعُرْفِيَّةِ هِبَةُ مَنَافِعِ الْمِلْكِ مُدَّةَ عُمْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مُدَّةَ عُمْرِهِ، وَعُمْرِ عَقِبِهِ لَا هِبَةُ الرَّقَبَةِ وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّقْيِيدُ بِعُمْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَلْ لَوْ قُيِّدَ بِعُمْرِ الْمُعَمِّرِ كَانَتْ عُمْرَى أَيْضًا، وَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى لَفْظِ أَعْمَرْتُكَ بَلْ لَوْ قَالَ: وَهَبْت لَك غَلَّتَهَا مُدَّةَ عُمْرِي كَانَتْ عُمْرَى.

تَنْبِيهٌ: حُكْمُ الْعُمْرَى الْجَوَازُ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَلَّا تَجُوزَ لَكِنْ وَرَدَ بِهَا النَّصُّ فَهِيَ كَالْمُسْتَثْنَاةِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ هِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْ خَاصَّةٌ بِمَا يَطُولُ كَالدُّورِ وَالْأَرْضِينَ (بِخِلَافِ الْحَبْسِ) فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ مِلْكًا لِرَبِّهِ بَلْ حَبْسًا كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ لِأَنَّ الْحَبْسَ تَمْلِيكُ الرِّقَابِ، وَالْعُمْرَى تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ (فَإِنْ مَاتَ الْمُعَمِّرُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (يَوْمئِذٍ كَانَتْ) مَا أَعْمَرَهُ وَهِيَ الدَّارُ (لِوَرَثَتِهِ يَوْمَ مَوْتِهِ مِلْكًا) ع: يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَعُودَ عَلَى يَوْمِ التَّعْبِيرِ، وَيَكُونُ عَلَى هَذَا إنَّمَا مَلَكُوا الرِّقَابَ دُونَ الْمَنَافِعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى مَوْتِ الْمُعَمِّرِ فَعَلَى هَذَا يَمْلِكُونَ الرِّقَابَ وَالْمَنَافِعَ

(وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ) الْمُعَيَّنِينَ (فَنُصِيبُهُ) يُقْسَمُ (عَلَى) رُءُوسِ (مَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

الْعُمْرِ لِوُقُوعِهِ ظَرْفًا لَهَا.

وَقَوْلُهُ: الْعُرْفِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ لِلْعُرْفِ أَيْ عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهَا مَعْنًى آخَرَ لُغَوِيًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مُفَادُ الْمِصْبَاحِ أَنَّ مَعْنَاهَا الشَّرْعِيَّ هُوَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: هِبَةُ مَنَافِعَ إلَخْ] هَذَا التَّعْرِيفُ نَقَلَهُ بَهْرَامُ عَنْ الْبَاجِيِّ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى الظَّرْفِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَقَدْ قَالَ: تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ حَيَاةَ الْمُعْطِي.

[قَوْلُهُ: هِبَةُ مَنَافِعَ] أَيْ بِدُونِ عِوَضٍ وَإِلَّا فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ.

[قَوْلُهُ: مُدَّةَ عُمْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ] أَخْرَجَ الْحَبْسَ وَالْعَارِيَّةَ.

[قَوْلُهُ: أَوْ مُدَّةَ عُمْرِهِ وَعُمْرِ عَقِبِهِ] وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَهُ أَنَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَعْمَرَهَا عَقِبَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُفَادُهُ أَنَّهُ مَا أَعْمَرَهَا إلَّا لِلْعَقِبِ فَقَطْ، وَأَمَّا هَذِهِ الصُّورَةُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ كَابْنِ عَرَفَةَ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: كَانَتْ عُمْرَى أَيْضًا] إلَّا أَنَّهَا عُمْرَى مَجَازًا وَعَارِيَّةٌ حَقِيقَةً، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهَا عُمْرَى حَقِيقَةً.

[قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ قَالَ إلَخْ] أَيْ أَوْ سَكَّنْتُك فَلِذَلِكَ قَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَأَفَادَ أَيْ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ بِقَوْلِهِ كَأَعْمَرْتُكَ أَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى لَفْظِ أَعْمَرْتُكَ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: وَهَبْت لَك غَلَّتَهَا مُدَّةَ عُمُرِي كَانَتْ عُمْرَى وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ.

قَالَ: فَإِنْ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْعُمْرِ فَهَلْ ذَلِكَ مَقْصُودٌ أَوْ اتِّفَاقٌ قُلْت: هُوَ مَقْصُودٌ حَتَّى لَوْ قَالَ وَهَبْتُك مَنَافِعَ الدَّارِ وَلَمْ يُقَيِّدْ خَرَجَتْ إلَى بَابٍ آخَرَ.

[قَوْلُهُ: حُكْمُ الْعُمْرَى الْجَوَازُ] بَلْ النَّدْبُ كَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَهِيَ فِي الْأَرْكَانِ كَالْهِبَةِ.

[قَوْلُهُ: وَكَانَ الْقِيَاسُ أَلَّا تَجُوزَ] أَيْ لِلْجَهَالَةِ إذْ لَا يُدْرَى هَلْ يَعِيشُ الْمُعَمَّرُ بِالْفَتْحِ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مَثَلًا فَتَأَمَّلْ.

[قَوْلُهُ: فَهِيَ كَالْمُسْتَثْنَاةِ] أَيْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَثْنَاةً بِالْفِعْلِ أَيْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِقَوْلِهِمْ هِيَ مُسْتَثْنَاةٌ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ حُكْمَهَا النَّدْبُ وَقَدْ تَعْرِضُ كَرَاهَتُهَا كَمَا إذَا أَعْمَرَهَا لِمَنْ يُخْشَى مِنْهُ فِعْلُ مَعْصِيَةٍ فِيهَا، وَقَدْ يَعْرِضُ تَحْرِيمُهَا كَمَا إذَا تَحَقَّقَ فِعْلُ الْمَعْصِيَةِ فِيهَا.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَتَعَذَّرُ عُرُوضُ وُجُوبِهَا وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ كَقَوْلِ شَخْصٍ لِمَالِكِ دَارٍ إنْ لَمْ تُعْمِرْهَا فُلَانًا قَتَلْتُكَ.

وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ فَلَا يَتَّصِفُ فِعْلُهُ بِالْوُجُوبِ.

[قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ هَلْ هِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ] كَلَامُ بَعْضِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَكَذَلِكَ لَمْ يُقَيِّدْ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا خَلِيلٌ.

[قَوْلُهُ: يَوْمَ مَوْتِهِ] مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَرَثَتُهُ أَيْ لِوَرَثَتِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَوْمَ الْمَرْجِعِ، فَإِذَا مَاتَ عَنْ ابْنٍ رَقِيقٍ أَوْ كَافِرٍ وَأَخٍ أَوْ عَمٍّ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَلَمْ يَمُتْ الْمُعَمَّرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ حَتَّى عَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ الِابْنُ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْأَخِ لَا لِلِابْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا حِينَ مَوْتِهِ.

وَقَوْلُهُ: مِلْكًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ الْعَائِدِ عَلَى الدَّارِ لِتَأَوُّلِهِ بِالْمَمْلُوكَةِ أَوْ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ رَجَعَتْ رُجُوعَ الْمِلْكِ.

تَتِمَّةٌ: حَوْزُ الْعُمْرَى كَالْحَوْزِ فِي الْهِبَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

[قَوْلُهُ: الْمُعَيَّنِينَ] حَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَثَلًا: هَذَا وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَلَمْ يُرَتِّبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>