للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ عَدَدِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ، وَاعْتَبَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُفْتَقَرُ إلَى يَمِينٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

وَغَلَّةُ اللُّقَطَةِ فِي مُدَّةِ التَّعْرِيفِ لِلْمُلْتَقِطِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: إنِّي وَجَدْت شَاةً فَقَالَتْ لَهَا: عَرِّفِي وَاعْلِفِي وَاحْلِبِي وَاشْرَبِي

(وَلَا يَأْخُذُ الرَّجُلُ ضَالَّةَ الْإِبِلِ مِنْ الصَّحْرَاءِ) ع: هَذَا إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً مِنْ السِّبَاعِ وَاللُّصُوصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا كَانَتْ حَيْثُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ، وَقِيلَ: لَا يَأْخُذُهَا مُطْلَقًا انْتَهَى.

وَقَالَ ج: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَلْتَقِطُهَا إذَا وَجَدَهَا فِي الصَّحْرَاءِ وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّ وُجُودَ رَبِّهَا فِي غَيْرِ الصَّحْرَاءِ أَسْهَلُ فَلْيَلْتَقِطْهَا لِيَحْفَظَهَا لَهُ حَتَّى يَجِدَهُ عَنْ قَرِيبٍ بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَهَا فِي الصَّحْرَاءِ فَلَا يَتَأَتَّى لَهُ مَعْرِفَةُ رَبِّهَا إذَا نَقَلَهَا إلَى الْعِمَارَةِ (وَلَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ (أَخْذُ الشَّاةِ وَأَكْلُهَا إنْ كَانَتْ بِفَيْفَاءَ) وَهِيَ الصَّحْرَاءُ الَّتِي (لَا عِمَارَةَ فِيهَا) وَكَانَ يَعْسُرُ حَمْلُهَا إلَى الْعِمَارَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ.

ــ

[حاشية العدوي]

الِاسْتِينَاءِ، فَإِنْ أَثْبَتَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ أَخَذَهَا، وَأَمَّا إذَا وَصَفَ اثْنَيْنِ فَلَا يَسْتَأْنِي بِهَا وَتُدْفَعُ لَهُ عَاجِلًا، وَأَمَّا لَوْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَغَلِطَ فِي الْوِكَاءِ أَوْ عَكْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي وَلَا تُدْفَعُ لَهُ [قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تُشْتَرَطُ] أَيْ أَنَّ مَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَجَهِلَ عَدَدَهَا فَلَا يَضُرُّ وَتُدْفَعُ لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، بَلْ لَوْ عَرَّفَ أَحَدَهُمَا وَجَهِلَ الْعَدَدَ فَإِنَّهَا تُعْطَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا إذَا أَخْبَرَ بِالزِّيَادَةِ لَا يَضُرُّ وَفِي غَلَطِهِ بِالنَّقْصِ قَوْلَانِ. وَفِي غَلَطِهِ فِي صِفَةِ الدَّنَانِيرِ لَا شَيْءَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ بِأَنْ قَالَ مُحَمَّدِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ يَزِيدِيَّةٌ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى يَمِينٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ] أَيْ أَنَّ مَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا بِلَا يَمِينٍ، وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى إذَا عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَالْعَدَدَ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَأَوْلَى إذَا قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَوْلُ أَشْهَبَ: لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ الْعُرْفُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَإِنْ قُلْنَا: كَالشَّاهِدَيْنِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ، وَإِنْ قُلْنَا كَالشَّاهِدِ فَيُحْتَاجُ مَعَهُ لِيَمِينٍ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ عَرَّفَ إنْسَانٌ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَرَّفَ الْآخَرُ عَدَدَهَا وَوَزْنَهَا فَإِنَّهَا تُعْطَى لِمَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ بَعْدَ يَمِينِهِ، وَيُقْضَى لِمَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْعَدَدَ عَلَى مَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ بِيَمِينٍ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ عَرَّفَ أَوْصَافًا يَقْوَى بِهَا الظَّنُّ عَلَى مَنْ عَرَّفَ أَوْصَافًا يَحْصُلُ بِهَا ظَنٌّ دُونَهُ بِيَمِينٍ، وَكَذَا يُقْضَى لِمَنْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَحْدَهُ بِيَمِينٍ عَلَى مَنْ عَرَّفَ الْعَدَدَ وَالْوَزْنَ وَلَوْ وَصَفَهَا ثَانٍ مِثْلَ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَمْ يَنْفَصِلْ بِهَا حَلَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَصَلَ بِهَا انْفِصَالًا بَيِّنًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ وُصُولُ الْعِلْمِ لِلثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ.

[قَوْلُهُ: وَغَلَّةُ اللُّقَطَةِ إلَخْ] أَيْ مِنْ لَبَنٍ وَجُبْنٍ وَسَمْنٍ وَزُبْدٍ، وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَلَوْ زَادَتْ الْغَلَّةُ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ، وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّ لَهُ قَدْرَ قِيَامِهِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ لُقَطَةٌ بِخِلَافِ صُوفِهَا كَانَ تَامًّا أَوْ لَا وَنَسْلُهَا وَمَا زَادَ مِنْ كِرَائِهَا عَلَى عَلَفِهَا فَهُوَ لِرَبِّهَا، فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَلَا غَلَّةَ لَهَا فَإِنَّ صَاحِبَهَا يُخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا وَدَفْعِ نَفَقَتِهَا وَلَهُ تَسْلِيمُهَا لِلْمُلْتَقِطِ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهَا لِأَنَّ رَبَّهَا لَا يَلْزَمُهُ الزَّائِدُ عَلَى قِيمَتِهَا وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى صَاحِبِهَا دَيْنٌ لَقُدِّمَ الْمُلْتَقِطُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى ذِي الدَّيْنِ كَالْمُرْتَهِنِ.

[قَوْلُهُ: هَذَا إذَا كَانَتْ] مُحَصَّلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا فِي الشَّارِحِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُطْلَقٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا وَلَا يُرَاعِي خَوْفَ هَلَاكِهَا مِنْ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ سِبَاعٍ، وَمَا إذَا خَافَ الْخَائِنَ فَإِنَّهُ يَلْتَقِطُهَا وُجُوبًا، فَإِنْ الْتَقَطَهَا فِي حَالَةِ كَوْنِهِ لَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ فَإِنَّهُ يُعَرِّفُهَا سَنَةً ثُمَّ يَتْرُكُهَا بِمَحِلِّهَا.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ وَاضِحٌ] خِلَافًا لِمَنْ قَالَ التَّقْيِيدُ بِالصَّحْرَاءِ بِالنَّظَرِ لِلْغَائِبِ، وَلَا يَلْحَقُ بِضَالَّةِ الْإِبِلِ الْخَيْلُ وَالْحَمِيرُ بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي اللُّقَطَةِ.

[قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَتَّى إلَخْ] تَعْلِيلٌ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُ.

[قَوْلُهُ: وَكَانَ يَعْسُرُ حَمْلُهَا] لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ لَوْ تَيَسَّرَ حَمْلُهَا لَلْعُمْرَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَكَلَهَا فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ الْعُمْرَانِ لَكِنْ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>