للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا إذَا لَمْ يَتُبْ كَانَ قَتْلُهُ كُفْرًا، وَكَذَلِكَ حُكْمُ مَنْ سَبَّ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - أَوْ جَحَدَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ، وَمَنْ سَبَّ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ نُكِّلَ نَكَالًا شَدِيدًا وَلَا يُقْتَلُ.

(وَمَنْ سَبَّهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِغَيْرِ مَا بِهِ كُفْرٌ أَوْ سَبَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِغَيْرِ مَا بِهِ كُفْرٌ قُتِلَ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ) مَا ذَكَرَهُ فِي سَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْمَشْهُورُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ ج. وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ.

وَقَالَ ع: مَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ غَيْرُ الْمَشْهُورِ. مِثَالُ سَبِّهِ بِغَيْرِ مَا بِهِ كُفْرٌ أَنْ يَقُولَ قَوْلًا قَبِيحًا أَوْ يَقُولَ: لَيْسَ بِنَبِيٍّ، وَمِثَالُ سَبِّهِ بِمَا بِهِ كُفْرٌ أَنْ يَقُولَ سَاحِرٌ أَوْ يَقُولَ الْيَهُودِيُّ لَيْسَ بِرَسُولٍ إلَيْنَا وَإِنَّمَا رَسُولُنَا مُوسَى، أَوْ يَقُولَ النَّصْرَانِيُّ إنَّمَا رَسُولُنَا عِيسَى، وَمِثَالُ سَبِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِغَيْرِ مَا بِهِ كُفْرٌ أَنْ يَقُولَ: غَيْرُ كَرِيمٍ أَوْ يَقُولَ: غَيْرُ حَلِيمٍ، وَمِثَالُ سَبِّهِ بِمَا كُفْرٌ بِهِ أَنْ يَقُولَ: هُوَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ أَوْ لَهُ صَاحِبَةٌ أَوْ لَهُ وَلَدٌ.

(وَمِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ) إذَا مَاتَ عَلَى ارْتِدَادِهِ وَكَانَ حُرًّا (لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) ع: وَانْظُرْ لِمَ سَكَتَ عَنْ مِيرَاثِ غَيْرِهِ مِمَّنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يُقْتَلُ. ع: يَحْتَمِلُ أَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَهُ فِيهِمْ لِوَرَثَتِهِمْ وَفِيهِ خِلَافٌ، وَحَكَى ج أَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

يَسْتَعْجِلُ بِقَتْلِ السَّابِّ وَمِثْلُهُ الزِّنْدِيقُ وَلَوْ كَانَ قَتْلُهُمَا كُفْرًا لِأَنَّ التَّأْخِيرَ ثَلَاثًا إنَّمَا هُوَ فِي الْمُرْتَدِّ غَيْرِهِمَا.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ مَنْ سَبَّ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ] أَيْ مُجْمَعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكِيَّتِهِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ جَحَدَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنْزَلَةِ] الْمُرَادُ مِمَّا عُلِمَ مَجِيءُ الْإِسْلَامِ بِهِ ضَرُورَةً.

[قَوْلُهُ: نُكِّلَ نَكَالًا شَدِيدًا] أَيْ عُوقِبَ عِقَابًا شَدِيدًا. [قَوْلُهُ: وَمَنْ سَبَّ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ] أَيْ أَوْ اُخْتُلِفَ فِي مَلَكِيَّتِهِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ.

تَنْبِيهٌ:

سَكَتَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَنْ سَابِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ إذَا لَمْ يَتُبْ وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ قَبُولُهَا، وَقِيلَ: لَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ سَبِّ اللَّهِ وَسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَشَرٍ وَالْبَشَرُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ بَشَرًا يَقْبَلُ الْعَيْبَ وَتَلْحَقُهُ الْمَعَرَّةُ بِالْأَوْصَافِ الْقَبِيحَةِ، وَالْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ سَائِرِ الْعُيُوبِ فَلَا يَلْحَقُهُ عَيْبٌ وَلَا مَعَرَّةٌ فَشُدِّدَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَسْبِقَ إلَى فَهْمِ السَّامِعِ حَقِيقَةُ الْكَلَامِ

[قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مَا بِهِ كُفْرٌ] الْمُرَادُ بِمَا بِهِ كُفْرٌ مَا أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ وَبِغَيْرِ مَا بِهِ كُفْرٌ مَا لَمْ نُقِرَّهُمْ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسْلِمَ إلَخْ أَيْ فَيَكُونُ إسْلَامُهُ تَوْبَةً لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَوْبَةِ الْكَافِرِ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَتَوْبَةُ الْمُسْلِمِ لَا تُقْبَلُ، أَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ حَدُّهُ، وَهُوَ زِنْدِيقٌ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ، وَالْكَافِرُ كَانَ عَلَى كُفْرِهِ فَيُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ.

[قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ فِي سَبِّ إلَخْ] أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَكَلَامُ ابْنِ عُمَرَ ضَعِيفٌ.

[قَوْلُهُ: وَقَالَ ع إلَخْ] أَيْ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ يُقْتَلُ مُطْلَقًا كَيْفَمَا وَقَعَ مِنْهُ السَّبُّ لَا بِمَا كَفَرُوا بِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ، وَهَلْ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ قَبْلَهَا قَوْلَانِ. وَاَلَّذِي قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ.

[قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ قَوْلًا قَبِيحًا] لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ مَاصَدَقَاتِ ذَلِكَ مَا كَفَرُوا بِهِ فَلَا يُنَاسَبُ التَّمْثِيلُ بِقَوْلِهِ أَنْ يَقُولَ سَاحِرٌ إلَخْ.

[قَوْلُهُ: غَيْرُ كَرِيمٍ] فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِقَوْلِهِمْ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، أَيْ بَخِيلٌ.

[قَوْلُهُ: وَمِثَالُ سَبِّهِ بِمَا بِهِ كُفْرٌ] أَيْ فَلَا يُقْتَلُونَ بِهِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. فَيَنْقَضِيَ أَمَدُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْقَتْلِ لِأَنَّ حِلَّ أَخْذِهَا مُغَيًّا بِنُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

[قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ عَلَى ارْتِدَادِهِ] بِأَنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ.

[قَوْلُهُ: وَكَانَ حُرًّا] وَأَمَّا مَالُ الْعَبْدِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ.

[قَوْلُهُ: لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ] فَيُوضَعُ فِي بَيْتِ مَالِهِمْ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ كُفَّارًا وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَلَوْ ارْتَدَّ فِي مَرَضِهِ، وَأَمَّا لَوْ تَابَ بِرُجُوعِهِ لِلْإِسْلَامِ فَإِنَّ مَالَهُ يَرْجِعُ لَهُ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا.

[قَوْلُهُ: مِمَّنْ ذَكَرَ] وَهُوَ أَشْيَاءُ: الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الزِّنْدِيقُ وَالسَّاحِرُ اللَّذَانِ تَابَا بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِمَا بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ: يُقْتَلُ الزِّنْدِيقُ حَدًّا، بَلْ السَّاحِرُ مِنْ أَفْرَادِ الزِّنْدِيقِ عَلَى تَقْرِيرِهِ الَّذِي قُرِّرَ بِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَيْنِ مِيرَاثُهُمَا لِوَرَثَتِهِمَا، وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُمَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ. الثَّالِثُ: مَنْ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَامْتَنَعَ مِنْهَا كَسَلًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُسْلِمٌ فَتَرِثُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>