بِقَوْلِهِ: (وَلَا قَطْعَ فِي الْخُلْسَةِ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَهِيَ أَخْذُ الْمَالِ ظَاهِرًا غَفْلَةً. .
وَقَوْلُهُ: (وَيُقْطَعُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي السَّرِقَةِ أَيْ سَرِقَةِ مَا ذُكِرَ (يَدُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَمَنْ سَرَقَ فَإِنَّ " مَنْ " عَامٌّ وَالْقَطْعُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ أَوَّلًا فِي يَدِهِ الْيُمْنَى (ثُمَّ إنْ سَرَقَ) ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى (قُطِعَتْ رِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ) وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الْيُسْرَى (ثُمَّ إنْ سَرَقَ) ثَالِثًا (فَ) تُقْطَعُ (يَدُهُ) الْيُسْرَى (ثُمَّ إنْ سَرَقَ) رَابِعًا (فَ) تُقْطَعُ (رِجْلُهُ) الْيُمْنَى، وَهَذَا التَّرْتِيبُ إذَا كَانَتْ الْيُمْنَى مَوْجُودَةً سَلِيمَةً وَلَمْ يَكُنْ أَعْسَرَ، فَإِنْ كَانَ أَعْسَرَ تُقْطَعُ الشِّمَالُ دُونَ الْيُمْنَى، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ يُمْنَى أَوْ كَانَتْ شَلَّاءَ أَوْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ الْأَصَابِعِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى قَطْعِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى، وَمَوْضِعُ الْقَطْعِ فِي الْيَدَيْنِ مِنْ الْكُوعِ، وَفِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ مِفْصَلِ الْكَعْبَيْنِ (ثُمَّ إنْ سَرَقَ) فِي الْخَامِسَةِ (جُلِدَ وَسُجِنَ) . .
ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَثْبُتُ بِهِ الْقَطْعُ فَقَالَ: (وَمَنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ) مَا لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا وَيَكْفِي فِي الْإِقْرَارِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ (وَإِنْ رَجَعَ) عَنْ إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ لِشُبْهَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أُقِيلَ) مِنْ الْقَطْعِ (وَغَرِمَ السَّرِقَةَ) أَيْ قِيمَتَهَا (إنْ كَانَتْ) الْقِيمَةُ (مَعَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ الْقِيمَةُ (اُتُّبِعَ بِهَا) وَلَمَّا قَيَّدَ الْقَطْعَ بِالسَّرِقَةِ مِنْ الْحِرْزِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ.
فَقَالَ: (وَمَنْ أَخَذَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يُخْرِجَ السَّرِقَةَ) الَّتِي بَلَغَتْ نِصَابًا (مِنْ الْحِرْزِ) سَوَاءٌ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِنَفْسِهِ أَوْ رَمَاهُ إلَى خَارِجٍ أَوْ أَخْرَجَهُ عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ أَوْ كَانُوا جَمَاعَةً فَرَفَعُوهُ عَلَى رَأْسِ أَحَدِهِمْ أَوْ ظَهْرِهِ فَخَرَجَ بِهِ وَبَقُوا هُمْ فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجُوا مَعَهُ فَفِي كُلِّ ذَلِكَ الْقَطْعُ أَمَّا إذَا لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ الْحِرْزِ أَوْ أَتْلَفَهَا فِيهِ ثُمَّ
ــ
[حاشية العدوي]
الْقَطْعُ وَلَا عِبْرَةَ بِمُكَابَرَتِهِ.
[قَوْلُهُ: ظَاهِرًا] أَيْ أَخْذًا ظَاهِرًا لَا خُفْيَةً.
[قَوْلُهُ: الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ] أَيْ الْمُكَلَّفُونَ، وَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُعَاهَدُ وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ.
[قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ أَعْسَرَ] تَبِعَ اللَّخْمِيَّ وَظَاهِرَ خَلِيلٍ وَالْجَلَّابَ وَابْنَ الْحَاجِبِ وَالْإِرْشَادَ وَغَيْرَهُمْ وَلَوْ أَعْسَرَ، وَأَمَّا الْأَضْبَطُ فَتُقْطَعُ يُمْنَاهُ اتِّفَاقًا.
[قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ شَلَّاءَ] أَيْ فَاسِدَةً. وَقَوْلُهُ: أَوْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ الْأَصَابِعِ ثَلَاثَةً لِلْيُمْنَى قَبْلَ الْحُكْمِ بِقَطْعِهَا لَا أُصْبُعَيْنِ وَأُنْمُلَتَيْنِ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى قَطْعِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى] فَإِنْ سَرَقَ مَرَّةً ثَانِيَةً قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى.
[قَوْلُهُ: وَمَوْضِعُ الْقَطْعِ فِي الْيَدَيْنِ مِنْ الْكُوعِ] وَإِذَا قُطِعَ فَإِنَّهُ يُحْسَمُ بِالنَّارِ أَيْ يُكْوَى مَوْضِعُ الْقَطْعِ لِيَنْقَطِعَ جَرَيَانُ الدَّمِ بِحَرْقِ أَفْوَاهِ الْعُرُوقِ لِأَنَّ دَوَامَ جَرْيِهِ يُؤَدِّي إلَى مَوْتِ الْمَقْطُوعِ فَيُغْلَى الزَّيْتُ عَلَى النَّارِ ثُمَّ تُجْعَلُ الْيَدُ فِيهِ، وَالْحَسْمُ مِنْ حَقِّ الْمَقْطُوعِ لَا مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ. وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ أَنَّ حُكْمَ الْحَسْمِ الْوُجُوبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْحَاكِمِ وَالْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ سَرَقَ فِي الْخَامِسَةِ] أَيْ سَالِمُ الْأَعْضَاءِ أَوْ النَّاقِصُ الْيُمْنَى مَرَّةً رَابِعَةً [قَوْلُهُ: جُلِدَ وَسُجِنَ] وَلَعَلَّ الْحَبْسَ لِظُهُورِ تَوْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَنَفَقَتُهُ وَأُجْرَةُ حَبْسِهِ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ.
[قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا] أَيْ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ اُنْظُرْ شُرَّاحَ خَلِيلٍ.
[قَوْلُهُ: لِشُبْهَةٍ أَوْ غَيْرِهَا] مِثَالُ الشُّبْهَةِ أَنْ يَقُولَ: أَخَذْت مَالِي الْمُودَعَ وَظَنَنْت ذَلِكَ سَرِقَةً، وَمِثَالُ غَيْرِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَقُولَ مَثَلًا أَنَا كَذَبْت فِي إقْرَارِي.
[قَوْلُهُ: أُقِيلَ] أَيْ تُرِكَ.
[قَوْلُهُ: أَيْ قِيمَتُهَا إلَخْ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الْقِيمَةَ لِأَنَّ الْغُرْمَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْفَائِتِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْغُرْمُ دُونَ الْقَطْعِ لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْغُرْمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ فَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَى شُبْهَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْغُرْمِ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّرِقَةَ إذَا كَانَتْ بَاقِيَةً فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ وَلَيْسَ لِلسَّارِقِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ قَهْرًا عَلَى رَبِّهِ وَيَدْفَعُ لَهُ الْقِيمَةَ وَلَا فَرْقَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ قُطِعَ أَوْ لَا.
[قَوْلُهُ: حَتَّى يُخْرِجَ السَّرِقَةَ] وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ أَوْ ابْتَلَعَ دُرًّا.
[قَوْلُهُ: فَفِي كُلِّ ذَلِكَ الْقَطْعُ] أَيْ يُقْطَعُونَ جَمِيعًا إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ إلَّا بِرَفْعِهِمْ، وَإِذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَلَا يُقْطَعُ إلَّا هُوَ وَحْدَهُ.
وَأَمَّا إذَا اشْتَرَكَا فِي حَمْلِ نِصَابٍ فَأَخْرَجَاهُ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ كُلُّ