للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فِيمَا حُدَّ فِيهِ) عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَوْ قَالَ: وَإِذَا تَابَ الْمَحْدُودُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِيمَا حُدَّ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى (وَ) كَذَا (لَا) تَجُوزُ (شَهَادَةُ الِابْنِ لِلْأَبَوَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ.

وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: ذَلِكَ جَائِزٌ مَا لَمْ تَكُنْ تُهْمَةٌ كَمُوَالَاةِ الْأَبِ لِلِابْنِ بِالصِّلَةِ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ (وَ) كَذَا (لَا) تَجُوزُ (شَهَادَتُهُمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ (لَهُ) أَيْ لِلِابْنِ وَفِي حُكْمِهِمَا الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) تَجُوزُ شَهَادَةُ (الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ) (وَلَا) شَهَادَتُهَا (هِيَ لَهُ) فِي حَالِ الْعِصْمَةِ لِوُجُودِ التُّهْمَةِ، وَقَيَّدْنَا بِحَالِ الْعِصْمَةِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهَا لَهُ بَعْدَ أَنَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا مَقْبُولَةٌ (وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَخِ الْعَدْلِ لِأَخِيهِ) فِي الْأَمْوَالِ، ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُبَرَّزًا أَمْ لَا مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفَقَتُهُ أَوْ يَتَكَرَّرْ عَلَيْهِ مَعْرُوفُهُ، وَتَقْيِيدُنَا بِالْأَمْوَالِ احْتِرَازًا مِنْ شَهَادَتِهِ فِيمَا تُدْرِكُهُ فِيهِ الْحَمِيَّةُ أَوْ دَفْعُ مَعَرَّةٍ مَثَلًا فَلَا تَجُوزُ (وَلَا) تَجُوزُ (شَهَادَةُ مُجَرَّبٍ فِي كَذِبٍ) حَرَامٍ (أَوْ مُظْهِرٍ لِكَبِيرَةٍ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ الْمُكَرِّرُ لَهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَالْكِذْبَةُ الْوَاحِدَةُ لَا أَثَرَ لَهَا، وَقَيَّدْنَا بِالْحَرَامِ احْتِرَازًا مِنْ الْكَذِبِ الْجَائِزِ كَالْكَذِبِ لِلصُّلْحِ بَيْنَ الْمُتَهَاجِرَيْنِ

ــ

[حاشية العدوي]

ذَلِكَ بِمُدَّةٍ خِلَافًا لِمَنْ حَدَّهُ بِسَنَةٍ أَوْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ.

[قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا حُدَّ فِيهِ] أَيْ بِالْفِعْلِ وَلَوْ صَارَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ أَحْسَنَ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى التَّأَسِّي بِإِثْبَاتِ مُشَارِكٍ لَهُ فِي صِفَتِهِ، وَقَيَّدْنَا بِالْفِعْلِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا عُفِيَ عَنْهُ فَشَهِدَ فِي مِثْلِهِ فَتُقْبَلُ، وَاشْتِرَاطُ الْحَدِّ بِالْفِعْلِ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ.

وَأَمَّا فِي قَتْلِ غَيْرِهِ عَمْدًا وَعُفِيَ عَنْهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْقَتْلِ وَلَوْ حَسُنَتْ حَالَتُهُ بَعْدَ تَوْبَتِهِ، وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِهِ وَمِثْلُ الْحُدُودِ التَّعَازِيرُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ عُزِّرَ فِيمَا عُزِّرَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلْتَةً وَهَذَا بِخِلَافِ الْقَاضِي فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَلَوْ فِيمَا حُدَّ فِيهِ بِالْفِعْلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَنِدُ فِي حُكْمِهِ لِإِخْبَارِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ.

تَنْبِيهٌ

مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيمَا حُدَّ فِيهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ بِخِلَافِ الْكَافِرِ إذَا حُدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَا غَيْرُ الزِّنَا إلَخْ] إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَيْسَ قَصْدُهُ خُصُوصَ الْمَحْدُودِ فِي الزِّنَا. وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: الْمَحْدُودُ مُطْلَقًا فِي زِنًا أَوْ غَيْرِهِ إذَا تَابَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِيمَا حُدَّ فِيهِ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا تَابَ تُقْبَلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَوْ فِيمَا حُدَّ فِيهِ.

[قَوْلُهُ: لِلْأَبَوَيْنِ] وَإِنْ عَلَيَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَفِي حُكْمِهِمَا الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْعَ لَا يَشْهَدُ لِأَصْلِهِ وَلَا الْأَصْلَ لِفَرْعِهِ.

وَأَمَّا شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِلْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ أَوْ عَكْسُهُ فَيَجُوزُ، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ لِأَحَدِ أَوْلَادِهِ عَلَى وَلَدِهِ الْآخَرِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ مَيْلٌ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَإِلَّا امْتَنَعَتْ كَمَا لَوْ شَهِدَ الْوَالِدُ لِلصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ أَوْ لِلْبَارِّ عَلَى الْفَاسِقِ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ لِابْنِهِ عَلَى جَدِّهِ أَوْ لِابْنِهِ عَلَى ابْنِهِ لَانْبَغَى أَنْ لَا تَجُوزَ قَوْلًا وَاحِدًا.

[قَوْلُهُ: بِالصِّلَةِ] أَيْ الْعَطِيَّةِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ إلَخْ] وَهُوَ الرَّاجِحُ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا تَجُوزُ إلَخْ] وَكَمَا لَا يَشْهَدُ لِلزَّوْجَةِ لَا يَشْهَدُ لِأَبِيهَا وَلَا لِابْنِهَا، وَكَمَا لَا تَشْهَدُ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا لَا تَشْهَدُ لِأَبِيهِ وَلَا لِأُمِّهِ.

[قَوْلُهُ: فِي حَالِ الْعِصْمَةِ] أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَتَدْخُلُ الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا. وَقَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا إلَخْ دَخَلَ فِيهِ الْمُطَلَّقَةُ رَجْعِيًّا إذَا خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ.

[قَوْلُهُ: مَقْبُولَةٌ] أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ قَالَهُ سَحْنُونٌ.

[قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ كَانَ مُبَرَّزًا أَمْ لَا] ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ اشْتِرَاطُ التَّبَرُّزِ وَالْمُبَرَّزُ هُوَ مَنْ فَاقَ أَقْرَانَهُ فِي الْعَدَالَةِ.

[قَوْلُهُ. وَتَقْيِيدُنَا بِالْأَمْوَالِ] وَمِثْلُ الْمَالِ الْجِرَاحُ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ.

[قَوْلُهُ: فِيمَا تُدْرِكُهُ فِيهِ الْحَمِيَّةُ] أَيْ الْعَصَبِيَّةُ أَيْ كَأَنْ شَهِدَ بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَ أَخَاهُ أَوْ قَذَفَهُ؛ لِأَنَّهُ تُدْرِكُهُ الْحَمِيَّةُ وَيَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ دَفَعَ مَعَرَّةً، فَالظَّاهِرُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ.

وَقَالَ مَثَلًا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ يَكْتَسِبُ لِأَخِيهِ شَرَفًا أَوْ جَاهًا كَشَهَادَتِهِ لَهُ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ بِنِكَاحِهَا شَرَفٌ أَوْ جَاهٌ لِكَوْنِهَا مِنْ ذَوِي الْقَدْرِ.

[قَوْلُهُ: فَالْكِذْبَةُ الْوَاحِدَةُ] أَيْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>