للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ لَا يَقْدَحُ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَالْمُرَادُ بِهِ فَاعِلُهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ مُظْهِرَ الصَّغِيرَةِ لَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعَطْفُهُ الْكَبَائِرَ عَلَى الْكَذِبِ وَإِنْ كَانَ مِنْهَا لِكَوْنِهِ أَهَمَّ مَا يُطْلَبُ فِي الشَّهَادَةِ، وَاشْتِرَاطُهُ فِي الْكَبِيرَةِ الْإِظْهَارَ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ إذَا شُهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ كَبِيرَةً مُسْتَتِرًا فَإِنَّهُ يَقْدَحُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (وَ) كَذَا (لَا) تَجُوزُ شَهَادَةُ (جَارٍّ لِنَفْسِهِ نَفْعًا) مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ لِشَرِيكِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ.

وَأَمَّا شَهَادَتُهُ لَهُ فِي غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ فَجَائِزٌ بِشَرْطِ التَّبْرِيزِ (وَ) كَذَا (لَا) تَجُوزُ شَهَادَةُ (دَافِعٍ عَنْهَا) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ (ضَرَرًا) مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ بِدَيْنٍ فَشَهِدَ لَهُ هَذَا أَنَّهُ قَضَاهُ دَيْنَهُ فَهَذَا يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْمُخَاصَمَةَ (وَ) كَذَا (لَا) تَجُوزُ شَهَادَةُ (وَصِيٍّ لِيَتِيمِهِ) هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: وَلَا جَارٍّ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ بِشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ مَالًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إنَّمَا كَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَفْظُهَا وَكُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ فَشَهَادَتُهُ عَلَيْهِ جَائِزَةٌ (وَلَا يَجُوزُ تَعْدِيلُ النِّسَاءِ وَلَا تَجْرِيحُهُنَّ) لَا لِلرِّجَالِ وَلَا لِلنِّسَاءِ لِنَقْصِهِنَّ عَنْ رُتْبَةِ الرِّجَالِ، ثُمَّ بَيَّنَ مَا بِهِ تَكُونُ التَّزْكِيَةُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُقْبَلُ فِي التَّزْكِيَةِ إلَّا مَنْ يَقُولُ عَدْلٌ رِضًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ لَا يُجْزِئُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُخْتَصَرِ مَعَ قُيُودٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الْأَصْلِ،

ــ

[حاشية العدوي]

السَّنَةِ لَا أَثَرَ لَهَا مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الْمَرَّةِ فِي السَّنَةِ، وَالْكِذْبَةُ الْوَاحِدَةُ صَغِيرَةٌ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا عَظِيمُ مَفْسَدَةٍ فَكَبِيرَةٌ وَلِذَلِكَ قَدَحَتْ.

[قَوْلُهُ: مِنْ الْكَذِبِ الْجَائِزِ] أَرَادَ بِهِ الْمَأْذُونَ فِيهِ فَلَا يُنَافِي نَدْبَهُ حَيْثُ كَانَ وَسِيلَةً لِلْإِصْلَاحِ.

[قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِهِ فَاعِلُهَا] أَيْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ لَا أَيْ تَلَبَّسَ بِهَا تَلَبُّسًا لَا تُعْرَفُ لَهُ بَعْدَهُ تَوْبَةٌ.

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ] بَلْ مُظْهِرُ الصَّغِيرَةِ كَمُظْهِرِ الْكَبِيرَةِ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يُبَاشِرَ صَغِيرَةَ الْخِسَّةِ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَالتَّطْفِيفِ بِحَبَّةٍ وَأَمَّا صَغَائِرُ غَيْرِ الْخِسَّةِ كَنَظْرَةٍ لِأَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يَقْدَحُ إلَّا بِشَرْطِ الْإِدْمَانِ عَلَيْهَا، فَمَا يَقَعُ فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ النَّظَرَ صَغِيرَةُ خِسَّةٍ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: لَا مَفْهُومَ لَهُ] قَدْ يُقَالُ: قَدْ أَجَابَ عَنْ الْإِشْكَالِ بِقَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ إلَخْ.

[قَوْلُهُ: مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ لِشَرِيكِهِ] صُورَتُهَا ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى آخَرَ بِمَالٍ، وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الشَّرِكَةِ فَلَا يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَشْهَدَ لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ نَفْعًا لِنَفْسِهِ، وَكَمَا إذَا شَهِدَ عَلَى مُوَرِّثِهِ الْمُحْصَنِ بِالزِّنَا أَوْ بِقَتْلِ الْعَمْدِ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَنِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى قَتْلِهِ لِيَأْخُذَ مَالَهُ، وَلِذَا لَوْ كَانَ فَقِيرًا لَجَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ إلَخْ] أَيْ وَكَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ فَقِيرًا.

[قَوْلُهُ: الْمُخَاصَمَةُ] أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي الْآخَرِ أَيْ بِحَيْثُ يُخَاصِمُنِي وَيُنَازِعُنِي فَيَقُولُ: إنِّي أُقَاسِمُك فِي مَالِ الْمَدِينِ أَوْ أَنَا أَسْتَقِلُّ بِهِ وَأَنْتَ لَيْسَ لَك دَيْنٌ.

[قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِأَنْ يُرِيدَ تَقْلِيلَ مَالِهِ لِيَسْتَرِيحَ مِنْ ذَلِكَ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ هَذِهِ تُهْمَةٌ بَعِيدَةٌ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ تَعْدِيلُ النِّسَاءِ إلَخْ] أَيْ فِيمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ] بَلْ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ أَشْهَدُ عَلَى الْمَشْهُورِ نَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ الْبِسَاطِيِّ، وَاعْتَمَدَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ.

[قَوْلُهُ: مَعَ قُيُودٍ ذَكَرْنَاهَا فِي الْأَصْلِ] حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُزَكِّي كَوْنُهُ مُبَرَّزًا فِي الْعَدَالَةِ مَعْرُوفًا. لِلْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ غَرِيبًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي مُزَكِّيهِ كَوْنُهُ مَعْرُوفًا لِلْقَاضِي، بَلْ يَكْفِي أَنْ يُزَكِّيَ مُزَكِّيهِ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ، وَكَوْنُ الْمُزَكِّي فَطِنًا عَارِفًا بِتَصَنُّعَاتِ الشُّهُودِ، وَأَنْ يَكُونَ مُعْتَمِدًا فِي شَهَادَتِهِ عَلَى التَّزْكِيَةِ عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ لِلْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَيُرْجَعُ فِي طُولِهَا لِلْعُرْفِ لَا عَلَى مُجَرَّدِ سَمَاعٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ فَاشِيًا مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي مِنْ أَهْلِ سُوقِ الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ وَمَحَلَّتِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُودِ مَنْ فِيهِ تِلْكَ الْأَوْصَافُ.

وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ. فَلَا تَجُوزُ مِنْ غَيْرِ مُعَاشَرَةٍ وَلَا مُعَاشَرَةٍ قَصِيرَةٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَشَرْطُ التَّزْكِيَةِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>