للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُلُثَاهَا سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأَبِ سُدُسُهَا أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُمِّ كَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ صَارَ ذَلِكَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَاحْتَجْنَا إلَى فَرْضِ الزَّوْجَةِ فَعُلْنَا بِقَدْرِ ثُمُنِهَا ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ فَعَالَتْ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِالْمِنْبَرِيَّةِ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ فَقَالَ عَلَى الِارْتِجَالِ: صَارَ ثُمُنُ الْمَرْأَةِ تِسْعًا.

وَأَشَارَ إلَى فَرِيضَةِ الْأُمِّ الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ أَوْ اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ مَا كَانَا فَلَهَا السُّدُسُ حِينَئِذٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ حَجْبِ الْأُمِّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِالِاثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ هُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ قَاطِبَةً. إلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَحْجُبُهَا إلَّا ثَلَاثَةٌ مِنْ الْإِخْوَةِ فَصَاعِدًا مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ فَاَلَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ عَلَى أَنَّ الْإِخْوَةَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مِيرَاثِ الْأَبِ وَذَكَرَ لَهُ ثَلَاثَ فَرَائِضَ أَشَارَ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ: (وَمِيرَاثُ الْأَبِ مِنْ وَلَدِهِ) الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (إذَا انْفَرَدَ وَرِثَ الْمَالَ كُلَّهُ) بِلَا خِلَافٍ وَإِلَى الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ: (وَيُفْرَضُ لَهُ مَعَ) وُجُودِ (الْوَلَدِ الذَّكَرِ أَوْ) مَعَ (وَلَدِ الِابْنِ) الذَّكَرِ (السُّدُسُ) أَوَّلًا مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] وَإِلَى الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] ذَكَرٌ (وَلَا وَلَدُ ابْنٍ) كَذَلِكَ (فُرِضَ لِلْأَبِ السُّدُسُ) أَوَّلًا مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ (وَأُعْطِي) بَعْدَ ذَلِكَ (مَنْ شَرِكَهُ مِنْ أَهْلِ السِّهَامِ) وَهُمْ الْبِنْتُ أَوْ بِنْتُ الِابْنِ أَوْ الِاثْنَتَانِ مِنْ ذَلِكَ فَصَاعِدًا (سِهَامَهُمْ ثُمَّ كَانَ لَهُ مَا بَقِيَ) إنْ فَضَلَ شَيْءٌ يَأْخُذُهُ بِالتَّعْصِيبِ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» .

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مِيرَاثِ الِابْنِ مِنْ أَبَوَيْهِ وَذَكَرَ لَهُ فَرِيضَتَيْنِ أَشَارَ إلَى أُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ: (وَمِيرَاثُ الْوَلَدِ الذَّكَرِ جَمِيعُ الْمَالِ إنْ كَانَ وَحْدَهُ) وَلَيْسَ مَعَهُ ذُو سَهْمٍ، أَمَّا إنْ كَانَ مَعَهُ أَخٌ لَهُ فَأَكْثَرُ فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَ جَمِيعَ الْمَالِ يَقْتَسِمُونَهُ بِالسَّوِيَّةِ، وَالثَّانِيَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (أَوْ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ بَعْدَ) أَخْذِ (سِهَامِ مَنْ مَعَهُ مِنْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ أَوْ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ)

ــ

[حاشية العدوي]

فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي ثَمَانِيَةٍ] أَيْ أَوْ تَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي سِتَّةٍ.

[قَوْلُهُ: بِقَدْرِ ثُمُنِهَا] أَيْ بِقَدْرِ مَخْرَجِ ثُمُنِهَا.

[قَوْلُهُ: سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ لَيْسَ مَوْضِعَ سُؤَالٍ فَلَعَلَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقْبَحًا عِنْدَهُمْ أَوْ اتَّفَقَ أَوْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الِارْتِجَالِ] هُوَ الْإِتْيَانُ بِالْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ فِكْرٍ وَلَا رَوِيَّةٍ، وَعَلَى بِمَعْنَى مَعَ، أَيْ قَالَ ذَلِكَ فِي حَالِ كَوْنِهِ جَائِيًا مَعَ الْإِتْيَانِ بِهِ مِنْ غَيْرِ فِكْرٍ وَلَا رَوِيَّةٍ.

[قَوْلُهُ: مَا كَانَا] وَلَوْ إخْوَةً وَلَوْ مَحْجُوبِينَ بِالشَّخْصِ كَأَبٍ وَأُمٍّ وَإِخْوَةٍ فَإِنَّهُمْ يَحْجُبُونَهَا مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ احْتِرَازًا مِنْ الْحَجْبِ بِالْوَصْفِ كَأَنْ يَكُونَا رَقِيقَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، فَلَا تُحْجَبُ الْأُمُّ مِنْ الثُّلُثِ.

[قَوْلُهُ: الْأَئِمَّةِ] أَرَادَ بِهِمْ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أُمَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَحَابَةً أَوْ غَيْرَهُمْ لَا خُصُوصَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ إذْ الْأَصْلُ فِيهِ الِاتِّصَالُ.

[قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْإِخْوَةَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا إلَخْ] بَلْ قَدْ نَقَلَ الْوَاحِدِيُّ عَنْ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ أَنَّ الْأَخَوَيْنِ جَمَاعَةٌ كَالْإِخْوَةِ، فَفِي مَنْعِ إطْلَاقِ الْإِخْوَةِ عَلَى الْأَخَوَيْنِ لُغَةً شَيْءٌ.

[قَوْلُهُ: إذَا انْفَرَدَ] فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَمِيرَاثُ الْأَبِ مِنْ وَلَدِهِ نَقُولُ فِي شَأْنِهِ كَذَا وَكَذَا.

[قَوْلُهُ: كُلَّهُ] أَيْ بِالتَّعْصِيبِ، وَكَذَا إنْ كَانَ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ أَيْضًا.

[قَوْلُهُ: أَوَّلًا مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ] لَا حَاجَةَ لِلَفْظِ أَوَّلًا.

[قَوْلُهُ: وَهُمْ الْبِنْتُ أَوْ بِنْتُ الِابْنِ] أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُنَّ ذُو فَرْضٍ أَوْ لَا، إذْ لَا يُفْرَضُ لَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ إلَّا مَعَ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ أَوْ الِاثْنَتَانِ مِنْ ذَلِكَ فَصَاعِدًا، فَالْمَنْفِيُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْوَلَدُ أَوْ وَلَدُ الِابْنِ الذَّكَرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْهُ لِذِكْرِهِ لَهُ أَوَّلًا.

[قَوْلُهُ: إنْ فَضَلَ شَيْءٌ إلَخْ] احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ ابْنَتَانِ وَأَبَوَانِ فَلَا يَفْضُلُ لِلْأَبِ شَيْءٌ يَأْخُذُهُ بَعْدَ فَرْضِهِ الَّذِي هُوَ السُّدُسُ.

[قَوْلُهُ: فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ] أَيْ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْأَبِ، وَفَائِدَةُ تَخْصِيصِ الرَّجُلِ بِالذَّكَرِ دَفْعُ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّجُلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>