للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) أَيْ غَيْرَ الْكَبَائِرِ (وَالْقِيَامُ مِنْ اللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ النَّوَافِلِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا) .

وَالصَّلَاةُ عَلَى مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ مَا عَدَا شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ (فَرِيضَةٌ) مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ (يَحْمِلُهَا مَنْ قَامَ بِهَا) عَنْ الْبَاقِينَ (وَكَذَلِكَ مُوَارَاتُهُمْ بِالدَّفْنِ) أَيْ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُمْ أَحَدٌ فَرْضُ كِفَايَةٍ (وَغَسْلُهُمْ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ.

(وَكَذَلِكَ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَامَّةٌ) أَيْ وَاجِبَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ (يَحْمِلُهَا مَنْ قَامَ بِهَا) وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ عَنْ الْبَاقِينَ (إلَّا) فِي (مَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ) كَالتَّوْحِيدِ وَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ لَا يَحْمِلُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

النَّاسُ، وَالسُّمْعَةُ أَنْ يَعْمَلَ لِيَسْمَعَ النَّاسُ عَنْهُ بِذَلِكَ فَيُكْرِمُونَهُ بِإِحْسَانٍ، أَوْ مَدْحٍ، أَوْ تَعْظِيمِ جَاهِهِ بِهِ فِي قُلُوبِهِمْ كُلُّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْفِسْقِ مُحْبِطٌ لِثَوَابِ الْعَمَلِ اهـ.

[قَوْلُهُ: غَيْرِ الْكَبَائِرِ] أَيْ الَّذِي هُوَ الصَّغَائِرُ، وَأَمَّا الْكَبَائِرُ فَلَا يُكَفِّرُهَا إلَّا التَّوْبَةُ، أَوْ مَحْضُ الْعَفْوِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَاعِلِ صَغَائِرُ فَقِيلَ: يُكَفِّرُ بِهِ أَجْزَاءً مِنْ الْكَبَائِرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَبَائِرُ وَلَا صَغَائِرُ يُرْفَعُ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ، وَيُقَالُ هَكَذَا مَعَ كُلِّ مُكَفِّرٍ وَالْأَحْسَنُ مَا أَفَادَهُ تت عَنْ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ: الذُّنُوبُ كَالْأَمْرَاضِ مِنْهَا مَا يُكَفَّرُ بِالصَّلَاةِ، وَمِنْهَا مَا يَذْهَبُ بِالصَّوْمِ، وَمِنْهَا مَا يُكَفَّرُ بِالْوُضُوءِ وَمِنْهَا مَا يُكَفَّرُ بِالسَّعْيِ عَلَى الْأَوْلَادِ، وَمِنْهَا مَا يُكَفَّرُ بِالتَّوْبَةِ، وَمِنْهَا مَا يُكَفَّرُ بِقِيَامِ رَمَضَانَ، وَمِنْهَا مَا يُكَفَّرُ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، وَمِنْهَا مَا يُكَفَّرُ بِالْجِهَادِ، وَمِنْهَا مَا يُكَفَّرُ بِالْحَجِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الطَّاعَاتِ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ تُكَفِّرُ مَا وَجَدَتْ مِنْ الذُّنُوبِ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَا تُكَفِّرُ رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَاتٌ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَالْقِيَامُ مِنْ اللَّيْلِ] بِمَعْنَى الصَّلَاةُ فِي جُزْءٍ [قَوْلُهُ: مِنْ النَّوَافِلِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا] ؛ لِأَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ مِنْ شَعَائِرِ الصَّالِحِينَ وَالْأَفْضَلُ الثُّلُثُ الْأَخِيرُ، وَيَحْصُلُ الْفَضْلُ بِقَدْرِ حَلْبِ النَّاقَةِ، وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ الْمُقَامِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ أَوَّلًا عَلَى الْقِيَامِ بِمَعْنَى التَّرَاوِيحِ وَهُنَا عَلَى الْقِيَامِ بِمَعْنَى التَّهَجُّدِ فِي اللَّيْلِ.

[قَوْلُهُ: فَرِيضَةٌ مِنْ فُرُوضِ إلَخْ] وَقِيلَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ، وَأَمَّا الْمُوَارَاةُ بِالدَّفْنِ فَفَرْضٌ بِاتِّفَاقٍ. [قَوْلُهُ: أَيْ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ] لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ يَجِبُ مُوَارَاةُ الْكَافِرِ، وَلَوْ حَرْبِيًّا إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الضِّيعَةُ بِتَكْفِينِهِ فِي شَيْءٍ وَدَفْنِهِ، وَقِيلَ: يُتْرَكُ الْحَرْبِيُّ. [قَوْلُهُ: وَغُسْلُهُمْ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ] أَيْ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَا يَخْفَى عَدَمُ الْمُلَائَمَةِ فِي كَلَامِهِ فَإِنَّ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ يَقُولُ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ يَقُولُ بِسُنِّيَّةِ الْغُسْلِ يَقُولُ بِسُنِّيَّةِ الصَّلَاةِ، وَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ كُلٍّ مِنْ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ.

قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّيْخِ فِي تَكْرَارِ حُكْمِ غُسْلِ الْمَيِّتِ مَعَ أَنَّهُ سَبَقَ لَهُ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ انْتَهَى. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مُوَارَاتِهِمْ بِالْكَفَنِ وَالدَّفْنِ وَاجِبَةٌ كِفَايَةً بِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا غُسْلُهُمْ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ فَفِيهَا خِلَافٌ بِالْوُجُوبِ وَالسُّنَّةِ وَالرَّاجِحُ الْوُجُوبُ فِي كُلٍّ.

[قَوْلُهُ: عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ] أَيْ الْمُكَلَّفِينَ بَلْ قَدْ يُقَالُ: وَلَا مَفْهُومَ لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. [قَوْلُهُ: عَنْ الْبَاقِينَ] مُتَعَلِّقٌ بِ يَحْمِلُ [قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا يَلْزَمُ] أَيْ إلَّا الطَّلَبَ فِي الَّذِي يَلْزَمُ. [قَوْلُهُ: فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ] أَيْ فِي ذَاتِهِ الْخَاصَّةِ أَيْ الَّتِي هِيَ شَيْءٌ خَاصٌّ وَهُوَ وَصْفٌ مُؤَكَّدٌ وَالْخَاصَّةُ مُقَابِلُ الْعَامَّةِ. [قَوْلُهُ: كَالتَّوْحِيدِ] أَيْ كَعَقَائِدِ التَّوْحِيدِ بِأَنْ يَعْرِفَهَا بِدَلِيلٍ، وَلَوْ إجْمَالِيًّا، وَأَمَّا بِالدَّلِيلِ التَّفْصِيلِيِّ بِأَنْ يُقَرِّرَ الدَّلِيلَ وَيَحِلَّ شُبَهَهُ فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ يَقُومُ بِهِ الْوَاحِدُ فِي الْقُطْرِ الَّذِي يَشُقُّ الْوُصُولُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ: وَالْوُضُوءِ إلَخْ أَيْ مَسَائِلِ الْوُضُوءِ إلَخْ. [قَوْلُهُ: وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ] لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى أَمْرٍ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ.

تَنْبِيهٌ.:

يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَجِبُ إلَّا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا. [قَوْلُهُ: وَأُمُورِ دِينِهِ] أَيْ وَمَسَائِلِ دِينِهِ، أَيْ وَمَسَائِلَ هِيَ دِينُهُ أَيْ مَا يَتَعَبَّدُ بِهِ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ] أَيْ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>