للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَالرَّجُلُ فِي كَلَامِهِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ.

(وَفَرِيضَةُ الْجِهَادِ عَامَّةٌ) أَيْ وَاجِبَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ (يَحْمِلُهَا مَنْ قَامَ بِهَا مِنْهُمْ) فَتَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ (إلَّا أَنْ يَغْشَى) أَيْ يُفْجَأَ بِمَعْنَى يُغِيرُ (الْعَدُوُّ مَحَلَّةَ قَوْمٍ فَيَجِبُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ) كُلِّهِمْ (قِتَالُهُمْ إذَا كَانُوا مِثْلَيْ عَدَدِهِمْ) فَإِذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ مِثْلَيْهِمْ جَازَ لَهُمْ الْفِرَارُ (وَالرِّبَاطُ) وَهُوَ الْإِقَامَةُ (فِي ثُغُورِ) أَيْ الْفُرَجِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ (الْمُسْلِمِينَ) وَالْكُفَّارِ (وَسَدُّهَا وَحِيَاطَتُهَا) أَيْ حِفْظُهَا (وَاجِبٌ) وُجُوبَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ (يَحْمِلُهُ مَنْ قَامَ بِهِ) عَنْ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ.

(وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَرِيضَةٌ) عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ غَيْرِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ تَقَدَّمَ دَلِيلُهُ فِي الصِّيَامِ.

(وَالِاعْتِكَافُ) وَهُوَ مُلَازَمَةُ مَكَان مَخْصُوصٍ عَلَى عَمَلٍ مَخْصُوصٍ (نَافِلَةٌ) عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

يَلْزَمُ الرَّجُلَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ فَرْضُ عَيْنٍ، ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَعَلِّقٌ بِالطَّرَفَيْنِ. قَوْلُهُ: عَامَّةٌ وَقَوْلُهُ يَحْمِلُهَا وَأَنَّ مَعْنَى عَامَّةٌ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَرْضُ عَيْنٍ مُقَابِلٌ لِلْأَوَّلِ.

وَقَوْلُهُ: لَا يَحْمِلُهُ مُقَابِلٌ لِلثَّانِي مَعَ أَنَّ عَامَّةَ تَفْسِيرِهِ صَادِقٌ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَيْضًا فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ، وَمَعْنَى فَرْضِ عَيْنٍ أَيْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمَا كَانَ لِلْإِخْبَارِ بِهِ فَائِدَةٌ، وَقَوْلُهُ: لَا يَحْمِلُهُ أَحَدٌ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ فَالْقَصْدُ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْإِيضَاحِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَرَةُ لُزُومِهِ لِلرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ، فَإِنْ قُلْت: حَيْثُ كَانَ اللَّازِمُ لِلرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مَا ذُكِرَ فَمَا الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ؟ قُلْت: بَيَّنَهُ فِي التَّحْقِيقِ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ عِلْمُ الْقَضَاءِ مِثْلُ الشُّفْعَةِ وَالتَّعْمِيرِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالدِّيَاتِ انْتَهَى. وَبَعْضُهُمْ شَرَحَ الْمُصَنَّفَ بِمَا يُفِيدُ مَعْرِفَةَ الْبَاقِي بِوَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ: وَكَذَلِكَ طَلَبُ الْعِلْمِ الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الْفِقْهُ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَأُصُولٍ وَكَلَامٍ وَنَحْوٍ وَلُغَةٍ إقْرَاءً وَتَأْلِيفًا، أَوْ غَيْرَهَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ. [قَوْلُهُ: وَالرَّجُلُ] أَيْ أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا ذُكِرَ إلَّا الرِّجَالُ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ. وَقَوْلُهُ: خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ أَيْ ظَهَرَ ظُهُورَ الْأَمْرِ الْغَالِبِ أَيْ كَظُهُورِهِ، أَوْ فِي مَكَانِ الْأَمْرِ الْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ غَيْرُهُ وَظُهُورُ الْغَالِبِ أَوْ مَكَانُ ظُهُورِهِ لَا مَفْهُومَ لَهُ.

[قَوْلُهُ: وَفَرِيضَةُ الْجِهَادِ] أَيْ وَفَرِيضَةٌ هِيَ الْجِهَادُ أَيْ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ ذَكَرٍ قَادِرٍ. [قَوْلُهُ: عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ] فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى يُغِيرُ] لَمَّا كَانَ فِي اللَّفْظِ خَفَاءٌ عَبَّرَ بِمَعْنًى وَمَعْنَى يُغِيرُ يَهْجُمُ [قَوْلُهُ: مَحَلَّةَ قَوْمٍ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْمَحَلَّةُ بِالْفَتْحِ الْمَكَانُ يَنْزِلُهُ الْقَوْمُ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: فَرْضًا] مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَا هُوَ بِمَعْنَاهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ: فَيَجِبُ وُجُوبًا، أَوْ حَالٌ مِنْ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ يَجِبُ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْوُجُوبِ فَرْضًا عَلَى مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مِنْ إطْلَاقِ الْوُجُوبِ عَلَى الطَّلَبِ الْمُتَأَكِّدِ، وَالْمُرَادُ وُجُوبًا عَيْنِيًّا عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ. [قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانُوا أَكْثَرَ إلَخْ] أَيْ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ الْمُسْلِمُونَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْفِرَارُ، وَلَوْ كَانَ الْكُفَّارُ عَدَدَ الرِّجَالِ حَيْثُ اتَّفَقَتْ كَلِمَةُ الْمُسْلِمِينَ. [قَوْلُهُ: جَازَ لَهُمْ الْفِرَارُ] أَيْ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْفِرَارِ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] [قَوْلُهُ: فِي ثُغُورِ] جَمْعُ ثَغْرٍ كَفَلْسٍ [قَوْلُهُ: أَيْ الْفُرَجِ إلَخْ] تَقَدَّمَ مَا فِي ذَلِكَ فِي بَابِ الْجِهَادِ. [قَوْلُهُ: الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ] أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ظَاهِرِهِ تَوْضِيحًا وَتَبْيِينًا لِلثُّغُورِ، أَيْ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُتَوَقَّعُ مِنْهَا الْخَوْفُ، وَلَوْ أَنَّهُ فَسَّرَ ثُغُورَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فَعَلَ تت بِأَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ الْفُرَجُ الْكَائِنَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ انْتَهَى لَكَانَ أَحْسَنَ. [قَوْلُهُ: وَسَدُّهَا] أَيْ مَنْعُ الْعَدُوِّ مِنْ التَّوَصُّلِ لَهَا فَهُوَ سَدٌّ مَعْنَوِيٌّ، وَعَطْفُ الْحِيَاطَةِ عَلَيْهِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ. [قَوْلُهُ: وَاجِبٌ إلَخْ] خَبَرُ الرِّبَاطِ وَمَا بَعْدَهُ وَلَعَلَّهُ أُفْرِدَ نَظَرًا لِكَوْنِ الْمُرَادِ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَاحِدًا. [قَوْلُهُ: يَحْمِلُهُ مَنْ قَامَ بِهِ] أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الرِّبَاطِ وَالسَّدِّ وَالْحِيَاطَةِ.

[قَوْلُهُ: شَهْرِ رَمَضَانَ] مِنْ إضَافَةِ الْمُسَمَّى لِلِاسْمِ، أَوْ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْبَيَانِ.

قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَالشَّهْرُ مَأْخُوذٌ مِنْ شَهَرْته، وَرَمَضَانُ مِنْ الرَّمْضَاءِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمَحْمِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ يُحْرِقُ الذُّنُوبَ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ مُلَازَمَةُ إلَخْ] هَذَا بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ فَهُوَ مُطْلَقُ اللُّزُومِ وَالْإِقَامَةِ [قَوْلُهُ: مَكَان مَخْصُوصٍ] هُوَ الْمَسْجِدُ الْمُبَاحُ. وَقَوْلُهُ: عَلَى عَمَلٍ مَخْصُوصِ الذِّكْرِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمُلَازَمَةِ مُشْتَمِلَةً عَلَى عَمَلٍ مَخْصُوصٍ، أَوْ مَعَ عَمَلٍ مَخْصُوصٍ، زَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>