للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على إساءته (١) ولذا جاءت الآيات في هذه السورة مبيِّنة مفصِّلة لأحوال النكاح، فكأن هذه الأحكام مبنية على مراقبة الله تعالى والأمر بتقواه. (٢)

ومن الأحوال التي ينبغي استحضار المراقبة فيها ما يلي:

• المطلب الأول: استحضار المراقبة يمنع المطلقة من كتمان ما يتوقف عليه أمر الطلاق

قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا .... } [البقرة: ٢٢٨].

لما كانت عدة المطلقة دائرة بين الحيض أو الطهر، ولا سبيل لمعرفة ذلك إلا بطريق الزوجة, وَكَل الله هذا الأمر إليها ونهاها أن تكتم ما في رحمها إن كان حملا أو حيضا.

وقد يزين الشيطان للمرأة المطلقة أنه بكتمان ما في رحمها يحصل لها بعض المصالح من التعجيل بفراق زوجها, أو التأخير في انقضاء العدة مما يجعلها تبقى في بيت زوجها, أو إن كان حملاً ينسب المولود لغير والده.

فنهاها الله عن الكتمان وذكّرها بمراقبته, فهي وإن كتمت ذلك عن الخلق, فأين هي عن الخالق الذي خلقها وخلق ما أرادت كتمانه ولذا فإن التذكير بالإيمان بالله واليوم الآخر في قوله {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} إشارة إلى مراقبة الله تعالى, وفي ذلك الخير لها, فإنها لا تدري إن هي أرادت تعجيل انتهاء العدة فقد يكون بقاؤها عند زوجها خير لها, وإن هي أرادت تأخير انقضاء العدة فقد يكون طلاقها خير لها, فلا علم لأحد بذلك إلا الله جل شأنه الذي خلق ما في الأرحام وهو أعلم بما يصلح عباده, فلذلك يجب على المرأة التسليم لأمر الله ومراقبته, فإن المراقبة سبب في زيادة الإيمان وسبب التوفيق في الدارين.


(١) {انظر: تفسير القرآن العظيم (٢/ ٢٠٦).
(٢) {انظر: تيسير الكريم الرحمن (ص ١٦٣).

<<  <   >  >>