{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: ٢٥] (١).
فالآية قررت أصلا عظيما وهو أن من الغايات الكبرى للرسالة الإلهية قيام نظام عادل للتعامل بين الناس (٢).
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)} [النساء: ٥٨]
فهذا أمر من الله لجميع من يحكم بين الناس أن يحكم بالعدل في سائر المعاملات, ومنها: أبواب المعاملات المالية (٣).
ومن هذه المواضع التي قررت هذه الحكمة العظيمة.
• المطلب الأول: تحريم الربا لقيامه على الظلم.
حرم الله الربا في آخر سورة البقرة ونهى العباد عنه قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)} [البقرة: ٢٧٨, ٢٧٩]
ففي قوله: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} إشارة إلى أن الحكمة من تحريم الربا رفع
الظلم (٤).
وبين الله في هذه الآية طريق التوبة وأن العدل وعدم الظلم شرط لها (٥) , وكما نهي المرابي حال التوبة عن الظلم فقد نهي غيره عن ظلمه, فشرع له رأس المال وهذا غاية العدل, فلا
(١) انظر: تفسير القرآن العظيم (٨/ ٢٧) , أضواء البيان (٤/ ٤٣٠) (٥/ ٥٦٩).
(٢) المنهاج القرآني في التشريع , د. عبد الستار فتح الله سعيد (ص ٤٨١).
(٣) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٦/ ٤٢٧) , تيسير الكريم الرحمن (ص ١٨٣).
(٤) تفسير سورة البقرة, لابن عثيمين (٣/ ٣٨٨).
(٥) انظر: الكشف والبيان (٢/ ٢٨٥).