للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن التخفيف أن الله تعالى لم يحرمهما على بعض تحريما أبديا بل جعل لهما فسحة لكن بعد أن تنكح المرأة زوجا غيره ثم يطلقها رغبة عنها كما قال تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)} [البقرة: ٢٣٠] , ولابد في النكاح أن يدخل بها فلا يكفي مجرد العقد, وذلك أن امرأة رفاعة (١) حين طلقها ثلاثا وأرادت الرجوع له بعد نكاحها بعبد الرحمن بن الزبير جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فقال لها: (أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) (٢).

• المطلب الأول: رفع الجناح عن الطلاق قبل البناء.

ومن التيسير في الطلاق ما أخبر الله عنه بقوله: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)} [البقرة: ٢٣٦].

والمعنى: ليس عليكم جناح أيها الأزواج بأن تطلقوا نساءكم قبل البناء بهن.

وقد ذكر المفسرون وجهين من أوجه رفع الحرج في هذه الآية.

الوجه الأول: رفع الحرج في وقوع الطلاق قبل المسيس وذلك أن النكاح لما كان المقصد منه طلب العصمة والتماس الثواب ودوام الصحبة لا التذوق وقضاء الشهوة فحسب وقع في نفوس المؤمنين أن من طلق قبل البناء قد واقع جزءاً من هذا المكروه، فنزلت الآية رافعة للجناح في ذلك إذا كان أصل النكاح على المقصد الحسن.


(١) رفاعة بن سموأل القرظي له ذكر في الصحيح , واسم زوجته تميمية بنت وهب (الإصابة ٢/ ٤٩١) وعبد الرحمن: هو عبد الرحمن بن الزبير القرظي (الإصابة ٤/ ٣٠٥)
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق باب إذا طلقها ثلاثا ثم تزوجت بعد العدة زوجا غيره فلم يمسها برقم (٥٠١١) , ومسلم في كتاب النكاح باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره ويطأها ثم يفارقها وتنقضى عدتها برقم (١٤٣٣).

<<  <   >  >>