للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذلك فتن ومصائب قد تؤدي إلى القتل -عياذا بالله- فقال تعالى محذرا ومحرما: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (١).

والضمير المضاف إلى النفس في هذه الآية, تجعل آكل المال بالباطل يحذر وينظر في عواقب الأمور, فأكله مال أخيه بالباطل, هو الذي تسبب في جعل أخيه يتعدى عليه بالقتل فكأنه قتل نفسه, مما قد يوجب القصاص على القاتل وبهذا تفسد المجتمعات وتنتهك الحرمات وتسفك الدماء, والله عز وجل أرحم بعباده منهم بأنفسهم فحرم هذه السبل البغيضة التي تورث الأحقاد, ولذلك ختم الله تعالى الآية بقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.

• المطلب الثاني: الأمر بكتابة الدَّين.

أمر الله عز وجل المتدايِنَيْن بكتابة الدين بينهما سواء أكان صغيرا أم كبيرا فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢].

وبين جل وعلا أن لهذه الكتابة حِكما عظيمة, ومن تلك الحكم ما نص عليه جل وعلا في قوله: {وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} [البقرة: ٢٨٢].

ومعنى الآية: أن من حِكَم كتابة الدَّين وكيفيته ومقداره بين المتدايِنَيْن أنه أقرب إلى عدم الريبة بين الطرفين, حيث يرجع للكتاب الذي كتِب فيفصل النزاع, ويزيل ما يعلق في القلب من شكوك. (٢)

وهذا من عظيم فضل الله بالمجتمع المسلم أن قطع عنهم السبل والوسائل التي تؤدي إلى حصول الريبة والشكوك.

فأي أخوة ترجى بعد ذلك؟ وخصوصا إذا اتسع الأمر وانتقل الأمر من مجرد الظن إلى التباغض والتنازع وما يحصل جراء ذلك من غيبة ونميمة (٣).


(١) انظر: نظم الدرر (٢/ ٢٤٦).
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم (١/ ٧٢٥).
(٣) انظر: تيسير الكريم الرحمن (ص ١١٨) , تفسير سورة البقرة للعثيمين (٣/ ٤١٨).

<<  <   >  >>