من رحمة الله بعباده أن يسر لهم ما يصلحهم في شؤون دينهم ودنياهم, ولئن كانت النفس البشرية تتقلب على صاحبها إما بوسوسة أو طغيان أو ظلم أو جشع فتعرض عما شرعه الله لها, فلقد أودع الله في كتابه الكريم من المواعظ والتذكير ما يصلح هذه النفس ويردها إلى الطريق المستقيم, ولاشك أن أعظم ما يجنبها الهوى ويقودها إلى الصلاح هو تذكر عظمة الباري جل وعلا ومراقبته في السر والعلن.
وتشتد الحاجة إلى المراقبة حين يستتر العبد عن أعين الناس, حينها لا رادع له عن غيه وظلمه إلا تذكر عظمة الله وأنه يراه في كل حال.
ولما كانت الحياة الزوجية وما يكون فيها بين الزوجين مما لا يطلع عليه غيرهما من الخلق كان الأمر بمراقبة الله وتذكير العباد بأنه سميع بصير, من أعظم الحِكَم التي تأخذ بيد العبد إلى الإيمان والصلاح.
ولذا فقد جاءت آيات الكتاب المبين تشير إلى أهمية المراقبة وأثرها وأنها سبب في إيمان العبد رجلا كان أو امرأة.
ومن ذلك الإشارة إليها في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)} [النساء: ١]
فكما أمر الله تعالى بالتقوى في بداية هذه الآية كما سبقت الإشارة لذلك , فقد ختمها بالإخبار عن مراقبته لعباده, إذ هو المطلع عليهم في السر والنجوى, فإذا نسي الزوجان أنهما من أب واحد وأم واحدة الأمر الذي يوجِد العطف والمودة بينهما, فعليهما أن يتذكرا أن الله مطلع عليهما مراقب لأعمالهما وسيجازي المحسن على إحسانه والمسيء