للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد ابتدأ الله جل شأنه سورة المائدة في الآية الثانية منها بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ... } الآية [المائدة:٢] , ومن المواضيع التي تعرضت لها سورة المائدة أحكام الأطعمة والذبائح والصيد وما يتعلق بهذا الباب من أحكام, ويتبين فيه ما لتعظيم هذه الأحكام والأوامر من الخير والسعادة, وما للمخالفة من الإثم والعقوبة.

وتتجلى صور هذا التعظيم في مواضع من كتاب الله, ومن ذلك:

• المطلب الأول: تحريم أكل ما فيه تعظيم لغير الله.

ففي قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ... } الآية [المائدة:٣].

فذكر جل وعلا من جملة المحرمات في هذه الآية: ما أهل به لغير الله, وما ذبح على النصب.

فما أهل به لغير الله: هو ما ذبح وذكر عليه غير اسم الله تعالى (١) , والإهلال رفع الصوت والجهر به (٢).

وقد أمر الله أن يذكر اسمه العظيم على الذبيحة, فمتى ما ذبح الذابح وذكر عليها غير اسم الله ورفع بها صوته, فليس هذا من تعظيم الله في شيء وإنما هو تعظيم لما ذبح له.

وقد كان المشركون إذا ذبحوا للأصنام يرفعون أصواتهم فيقولون: باسم اللات, باسم العزى, تشريفا لهم وتعظيما (٣) ولذلك فقد أجمع العلماء أن ما ذبح للأصنام والأوثان والطواغيت فلا يجوز أكلها. (٤)


(١) تفسير القرآن العظيم (٣/ ١٧) , الجامع لأحكام القرآن (٣/ ٣٣).
(٢) لسان العرب (١١/ ٧٠١).
(٣) لأن التسمية فيها تشريف ورفعة للمسمى, لأنها مشتقة من السمو وهي الرفعة. (انظر: لسان العرب ١٤/ ٣٩٧).
(٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٣/ ٣٣) ,تفسير القرآن العظيم (٣/ ١٧) , التحرير والتنوير (٦/ ٩٥).

<<  <   >  >>