للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: تذكر نعمة الله تعالى]

إن أول ما يتأمله القارئ لكتاب الله وهو يقرأ في آيات النكاح أن يتأمل في هذه الغريزة البشرية, كيف جعلها الله جل وعلا حاجة من حاجات الإنسان, وكيف جعلها سببا في التكاثر وإعمار هذه الأرض, فهي حقاً آية من آياته كما قال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [الروم: ٢١]

إن هذا يدعونا إلى التأمل في هذه الآية وكيف أنها نعمة من الله الذي خلق الإنسان وشرع له ما يصلحه, فإذا تأمل العبد هذه النعمة العظيمة أورث ذلك في نفسه الإخلاص لخالقه الذي خلقه وخلق له ما يؤنسه.

ولذلك فقد جاءت الآيات مذكرة بهذه النعمة العظيمة كي لا يغفل العبد بالنعمة عن المنعم جلا وعلا.

ومن هذه الآيات قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (٧٢)} [النحل: ٧٢]

فهذه الآية ساقها الله تعالى في سياق الامتنان على عباده فهو سبحانه الذي خلق للإنسان من جنسه ما يلتذُّ به ويأنس إليه, فكيف تجحد نعمة الله بعد ذلك فيعصى ولا يطاع ويشرك في عبادته سواه!!

ولذلك جاء الاستفهام في هذه الآية توبيخا لمن يعبد من لا يملك الإنعام ويترك عبادة المنعم المتفضل. (١)

وقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاقبة من تناسى أن الله هو المنعم عليه بهذه النعمة وغيرها من النعم فبدّل نعمة الله كفرا والعياذ بالله , فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة؟ قالوا: لا.


(١)} {انظر: نظم الدررر (٤/ ٢٩١) , التحرير والتنوير (١٤/ ٢٢١).

<<  <   >  >>