للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• مطلب: التوكل على الله عند حصول الخلافات أو حدوث الطلاق.

وينبغي للعبد أن يستحضر التوكل كذلك في تعامله مع زوجته وما يحصل بينهما من خلاف أو غير ذلك فالله عز وجل هو الذي بيده تغيير الأحوال, ولذا فإن الله تبارك وتعالى أشار إلى فضيلة التوكل في سياق آيات الطلاق وذلك لأن الركون إلى الله والتوكل عليه هو المُخْرِج من هذا الظرف العصيب, فقد قال تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣)} [الطلاق: ٢ - ٣].

ففي الطلاق تشتد دواعي الغضب والكراهية, فيتسع مجال الكيد والظلم وتكثر مسالكه فالزوج يفكر كيف يقهر زوجته إما بإمساكها ضرارا, أو بأي طريق من طرق الكيد وكذلك الزوجة تفكر كيف تدفع هذا الظلم بالظلم والمكيدة, فبيّن الله عز وجل أن من يتوكل عليه سيجعل له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا, ومن التوكل التعامل بالمعروف وترك الكيد والإضرار, فالله هو الفعال لما يريد وبيده كفاية عبده إذا توكل عليه. (١)

وقد يكون من أسباب الافتراق والخلاف ما يحصل من تقتير في الإنفاق لضيق ذات اليد مما يسبب وقوع الطلاق, أو عدم المراجعة إن وقع, فأتبع الله الوعد بجعل المخرج للمتقين .. بالوعد بمخرج خاص لمن توكل عليه وهو توسعة الرزق, فلا يظن أحد أن طرق الرزق معطلة بل إن الرزق يأتي للعبد من حيث لا يظن ولا يحتسب. {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (٢)

فعلى العبد المسلم أن يربي نفسه على التوكل على الله ويجاهد نفسه, ويربي زوجته على ذلك, فإذا حقق التوكل علم يقينا أن الله لن يضيعه, فكل ما يصيبه بقدر الله فإن ضاق عليه الأمر صبر وإن أنعم الله عليه شكر, وبذلك تنعم حياته وتسعد نفسه ويعيش مطمئنا.


(١) {انظر: في ظلال القرآن (٦/ ٣٦٠١).
(٢) {انظر: التحرير والتنوير (٢٨/ ٣١١).

<<  <   >  >>