للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة]

الحمد لله العزيز الوهاب، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، الذي أنزل القرآن تبصرة لمن أناب، وقال في محكم الكتاب: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)} [ص: ٢٩] , والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله وعلى جميع الآل والأصحاب وسلم تسليما كثيرا إلى يوم المآب.

أما بعد:

فإن أولى ما أفنى فيه المكلف عمره، وعلق به خاطره وأعمل فيه فكره, تحصيل العلوم النافعة الشرعية، واستعمالها في الأعمال المرضية، وأهم ذلك علم كتاب الله تعالى، الذي تولى سبحانه حفظه بفضله, وأعجز الخلائق أن يأتوا بمثله, وجعل ذلك برهانا لتصديق رسالة من أنزل عليه، وأخبر أن الباطل لا يأتيه من خلفه ولا من بين يديه، ثم العلوم المتعلقة به كثيرة، وفوائد كل علم منها غزيرة (١) , وأعظم العلوم به تعلقا وأشدهم به ارتباطا موَثَّقا, علم التفسير الذي بيّن ما أُنزِل على نبينا - صلى الله عليه وسلم - أعظم بيان, فبه حصل التيسير الذي أنعم الله به على الأمة, والتدبر الذي وصف الله به أهل العلم والحكمة, قال الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)} [القمر: ١٧].

وإن مما أنعم الله به على الأمة، أن جعل الكتاب الذي أُنزِل عليها مشتملا على ما يصلحها في جميع شؤونها، في دينها ودنياها، ومعاشها ومعادها، كما قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)} [النحل: ٨٩].


(١) إبراز المعاني, لأبي شامة المقدسي, ص ٣.

<<  <   >  >>