للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنهم قد أخذتهم الرجفة فقال: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٩١)} [الأعراف: ٩١] , وأخبر أنهم أخذتهم الصيحة فقال: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٩٤)} [هود: ٩٤]. وأخبر أنهم أخذهم عذاب يوم الظلة فقال: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩)} [الشعراء: ١٨٩]. فقد جاءتهم سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم ثم جاءتهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم فزهقت الأرواح وفاضت النفوس وخمدت الأجسام, وما أشدها وأقساها من عاقبة سيئة (١)، أبعدوا فيها وخابوا وخسروا كما قال تعالى: {أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)} [هود: ٩٥].

ومن الذين يأكلون أموال الناس بالباطل وجاء فيهم الوعيد الشديد بسوء العاقبة: الذين ينفقون سلعتهم بالحلف الكاذب، فعن أبي ذر رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:

(ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلَاثَ مِرَار ,قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِب) (٢)

• المطلب الثاني: سوء عاقبة آكلي الربا.

وكما بين الله سوء مصير من يأكل مال الناس بالباطل على وجه العموم، فقد خص منهم أصنافا بالتهديد والعقاب، تشنيعا لما يتعاملون به.

ومن هؤلاء: المرابون, فقد بين تعالى سوء عاقبة أكلة الربا وأنهم يقومون يوم القيامة بهيئة مقيتة فقال: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: ٢٧٥].


(١) تفسير القرآن العظيم, (٣/ ٤٤٩) , وهذا هو اختيار ابن كثير أن (مدين والأيكة) أمة واحدة وأن العذابين اجتمعا عليها وسيأتي تفصيل ذلك في (ص ١٨٩)

(١) رواه مسلم, كتاب الإيمان, بَاب بَيَانِ غِلَظِ تَحْرِيمِ إِسْبَالِ الْإِزَارِ وَالْمَنِّ بِالْعَطِيَّةِ وَتَنْفِيقِ السِّلْعَةِ بِالْحَلِفِ, برقم: (١٠٦).

<<  <   >  >>