للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (١٠٦)} [الإسراء: ١٠٦].

وهذا التيسير في أسلوب تبليغ الحكم من رحمة الله وإرادته الخير لعباده حتى يذعنوا ويطيعوا, فهو سبحانه لا تضره معصية العاصين ولا تنفعه طاعة الطائعين, وما هذا التيسير إلا من اصطفاء الله واختياره لهذه الأمة.

• المطلب الثاني: مشروعية الوصية للميت.

من فضل الله تعالى وتخفيفه على الناس أن شرع للميت أن يوصي لغير الوارثين

والوصية في حقيقتها تمليك لمال بعد الموت والقاعدة في التمليك أنه لا يصح تمليك مضاف إلى حال زوال الملك, ولكن الله شرعها وأباحها لحاجة الناس وذلك: أن الإنسان مغرور بأمله مقصر في عمله فإذا عرض له عارض وخاف الهلاك يحتاج إلى تلافي ما فاته من التقصير بماله ليتحقق ما كان يرجوه في هذه الحال، ولو اتسع الوقت وأحوجه إلى الانتفاع بالمال صرفه إلى حاجته في حياته, فشرعها الشارع تمكينا منه جل وعلا من العمل الصالح وقضاء لحاجته عند احتياجه إلى تحصيل المصالح (١).

فهذا تيسير من الله تعالى للعباد في حال الحياة وفي حال الموت.

• المطلب الثالث: النهي عن الضرر.

فالنهي عن الضرر من مظاهر رفع الحرج (٢) , وقد ورد في آيات المواريث النهي عن الضرر في الوصية, فإن الله تعالى لما بين ما للورثة من حق وما للموصَى لهم من حق ختم الآية بالنهي عن الضرر فقال: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: ١٢]. أي: لا يدخل الضرر على الورثة بالوصية التي يوصي بها الميت, وذلك أنه لما كان الموصى لهم والورثة شركاء فيما بقي من التركة بعد أداء الدّين نهى الله عما يضر الورثة في مال مورثهم لما يلحقهم من المشقة والحرج.


(١) تبيين الحقائق (٧/ ٣٧٥) , وانظر: رفع الحرج في الشريعة الإسلامية, د. يعقوب الباحسين (ص ٣٠٦).
(٢) انظر: الموافقات (٣/ ٢٦٥) , رفع الحرج في الشريعة الإسلامية, د. صالح بن حميد (ص ١١٤).

<<  <   >  >>