للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: الطمأنينة والسكن]

الطمأنينة والسكن من الحكم العظيمة التي جعلها الله تبارك وتعالى في النكاح, فقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: ١٨٩] بل جعلها من الآيات الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته, فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)} [الروم: ٢١].

فبينت الآيتان أنه جعل الزوجة, حتى يسكن الرجل إليها ويطمئن (١).

ولهذه الحكمة آثار عظيمة تعود على المجتمع بالصلاح والاستقرار وهي كالتالي:

• المطلب الأول: حصول المودة والرحمة بين الزوجين:

كما قال تعالى في سورة الروم: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}.

فأخبر تعالى أنه جعل بين الزوجين المودة والرحمة, وهما آصرتان عظيمتان لا تجتمعان بمثل النكاح ولذا عبر الله تعالى في الآية لفظ (أزواجا) ولم يقل (إناثا) , لأن المودة والرحمة إن كانت بغير نكاح فهي ناقصة زائلة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) (٢)

فبالمودة يكون الحب بين الزوجين وما ينتج عن ذلك من الإلف وتقارب الأرواح والقلوب والأنس بالنظر والملاعبة, ولذا لا يكون الأنس بالإكراه وإنما بالحب والمودة.


(١) انظر: التحرير والتنوير (٩/ ٢١١) , فتح القدير (٢/ ٢٧٤) , روح المعاني (٩/ ١٣٨).
(٢) أخرجه ابن ماجة في سننه عن ابن عباس, كتاب النكاح, باب ما جاء في فضل النكاح برقم (١٨٤٧) , والطبراني في المعجم الكبير برقم (١٠٨٩٥) (١١/ ١٧) , والبيهقي في السنن الكبرى مرسلا, كتاب النكاح باب الرغبة في النكاح برقم (١٣٢٣٠) (٧/ ٧٨) , قال في كنز العمال: إسناده صحيح ورجاله ثقات (١٦/ ٢٧٨) , وصححه الشيخ الألباني. (انظر: السلسلة الصحيحة ٢/ ١٩٦).

<<  <   >  >>