للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثامن: البعد عن العادات السيئة]

لما كان النكاح مشتملا على مقاصد عظيمة وحِكم نبيلة, فقد أرشد الله عباده عما يقدح في هذه الحكم, فإنه عز وجل كما أمر العباد بالابتعاد عن قول الزور, فقد أمرهم بالبعد عن العادات السيئة التي تخدش هذا النكاح وتؤثر فيه.

ولقد كان لدى أهل الجاهلية من العادات والمظاهر في تعاملهم مع زوجاتهم ما يخالف الشرع والفطر السليمة, ولذا جاء القرآن بنبذ هذه العادات وأمر بالبعد عنها, وبين للعباد الطريق الأمثل والنهج الأقوم, ومن ذلك:

• المطلب الأول: التعامل مع المرأة حال الحيض:

فقد كانت المرأة في الجاهلية إذا حاضت, فإن زوجها لا يساكنها, ولا يؤاكلها ولا يقربها (١). فلما سألوا عن ذلك أنزل الله قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)} [البقرة: ٢٢٢].

وهذه الآية فيها الإرشاد الصحيح لما ينبغي البعد عنه, فقد نهى الله تعالى عن جماع المرأة في زمن حيضها وبين الحكمة من ذلك فقال: {قُلْ هُوَ أَذًى} وذلك أن النفوس والفطر السليمة تتأذى أن تباشر في هذه الحالة, كما أن في المباشرة أذى على صحة الرجل والمرأة على السواء, بل فيه أذى على النطفة لاختلاطها بركس الدم الفاسد العفن حتى قيل إن الموطوءة فيه يعرض لولدها أنواع من الآفات (٢) , فلما كان الأمر كذلك أمر جل وعلا باعتزال المرأة في هذه الحالة وعدم مباشرتها, ولذلك فقد تغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سأله أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما عن مجامعة النساء حال الحيض, فعن


(١) جامع البيان (٤/ ٣٧٣).
(٢) فيض القدير (٦/ ٢٣).

<<  <   >  >>