للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: التسليم بقضاء الله وقدره]

الإيمان بالقضاء والقدر من أصول الدين وأركان الإيمان, ولا يصح إيمان عبد حتى يسلِّم به, وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أركان الإيمان حين سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان فقال: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ) قال عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما بعد أن حدث بهذا الحديث: لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَر. (١)

وكما أن العبد يجب عليه التسليم بالقدر فيجب عليه الإذعان لأمر الله وشرعه فكله من قضاء الله, كما قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف: ٥٤].

فالله جل وعلا قد قضى آجال العباد و قسم أرزاقهم, قال تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الزخرف: ٣٢] , وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن العبد لن يحصل إلا على ما قدِّر له , فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنه ليس شيء يقربكم من الجنة، ويباعدكم من النار إلا قد أمرتكم به، وليس شيء يقربكم من النار، ويباعدكم من الجنة إلا قد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته) (٢) فلذلك كان لزاما على العبد أن يطلب رزق الله مما أحله له وأباحه، وهذا من الرضى بقدر الله.


(١) رواه مسلم, في كتاب الإيمان, باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى, برقم (٨).
(٢) أخرجه البيهقي في الشعب، (٧/ ٢٩٩)، برقم (١٠٣٧٦) ,والطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة (٨/ ١٦٦) برقم (٧٦٩٤) , قال الألباني حديث حسن, انظر السلسلة الصحيحة (٧/ ٦٧) حديث رقم (٢٨٦٦)

<<  <   >  >>